استنكارات شاجبة لأداء مرتضى “المُخيِّب” و”القمعيّ”

مجد بو مجاهد – النهار

يرتفع حجم الاستنكارات الشاجبة للأداء الظاهر مِن الوزير الذي يتولّى منصب وزارة الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمّد مرتضى، نتيجة ما يصدر عنه من مواقف، يقرأ نوّاب معارضون وإعلاميون بارزون ومدافعون عن #الحريات العامّة أنها تأتي في سياق “خطابٍ مخيّب” و”محاولة استهدافية للحقوق والحريّة” و”مستوى انحداريّ” لا يليق أو يتلاءم مع بريق الوهج التاريخي للثقافة اللبنانية. وبدلاً من الألق صار القلق حاضراً على “مذياع” وزارة الثقافة ممّن يشغل منبرها الوزاري، بعد هجومه المستَهْجَن على وسائل إعلامية لبنانية دافعت عن مبادئ الحريات وحقوق الإنسان وديموقراطية تاريخ لبنان. وأقلّ ما قيل ويُقال من الانتقادات التي شجبت تصاريح مرتضى، أنه استخدم مصطلحات لا تليق بمركز وزارة الثقافة.




وفي تقويم عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب #جورج عقيص، إنّ “أداء وزير الثقافة يعكس المستوى الثقافي في البلاد، لأنه يرهب الناس في كلام خارج عن الآداب واللياقات في إطار تهديد ووعيد ضمنيّين خارج الانتماء إلى السياسة والثقافة والقضاء الذي نطمح إليه في لبنان. وهذا يعكس أسلوباً استقوائيّاً للفريق الذي ينتمي إليه ويُثْبِت المخاوف التي تستنكر أداءً مُماثلاً في لبنان بلد الحريّات الذي يشهد على ملاحقة الصحافيين ومضايقتهم من بعض الأجهزة الأمنية وبعض القضاء”. ويذكّر عقيص عبر “النهار” أنّ “ذلك الفريق تجاسَر أيضاً على نوّابٍ قدّموا اقتراح قانون فتعرّضوا لحملات مكثّفة ومن بينهم شخصي، وهذه سابقة خطيرة أن يتعرّض نواب الأمّة للحملات الممنهجة لأنّهم عبّروا عن رأي تشريعيّ وقدّموا مقاربة تشريعية. وعلى العكس، يتوجّب على وزير الثقافة التركيز على توصيات المفوّضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف التي قامت بتقويم شامل لواقع الحريات في لبنان عام 2021 وأرسلت توصياتها إلى الحكومة اللبنانية التي وافقت عليها ومن بينها إعادة النظر في المادة 534 من قانون العقوبات، وهذا يُعبّر عن أنّ المسؤولين السياسيين إمّا لا يقرأون وإمّا لا يلتزمون بتعهّداتهم”.

وإذ تعرّض عقيص للحملات والتنمّر نتيجة موقفه، فإنّ جوابه على الحملات التي حاولت استهدافه “يا جبل ما يهزّك ريح”، بعدما “أسيء فهم ما قُمنا به كنواب يُعارضون تجريم المثلية الجنسية. نحن ضدّ كلّ ما يخدش الآداب العامة إذا حصلت أيّ ممارسة جنسية مثلاً في مكان عام على مستوى شابٍ وامراة أو شابّين أو امرأتين على حدّ سواء، لكنّنا ضدّ التجريم إذا لم يحصل ذلك في مكان عامّ، وضدّ محاولة استهداف أيّ شخص استناداً إلى هويته الجنسية. وهذا لا يعني الترويج للمثلية مع معارضتي لذلك”. ويندّد “الغايات المشبوهة للمستمرّين في التحريض على موضوع الهوية الجنسية والمساعي التي نقوم بها، وذلك لإبعاد الأنظار عن مشاكل البلاد على مستوى السياسة والسيادة والأمن المتفلّت والوضع الاقتصادي المزري”.

وكذلك، يُبدي عضو تكتل قوى “التغيير” #ملحم خلف موقفاً مدافعاً عن الحريات العامة، قائلاً إنّ “من لا يدرك أنّ سبب وجود لبنان يتمثّل في الحداثة والحريّة لا يعلم كيفية الذهاب عكس هذا المعنى الكبير الذي تَجسَّد في الحفاظ على الحريّات العامّة وكلّ ما يُطاولها. وكلّ ما هو ضمن إطار الحقوق يجب احترامه ما لا يعني التفلّت، لكن عدم الذهاب في الاتجاه المضاد، لأنّ لبنان لا يستطيع العيش من دون صحافته وحرياته ما يذهب بالبلاد إلى مكان ضيّق. وإسقاط لبنان في هذا الجنوح تجاه الحريات يؤدّي إلى الدولة البوليسية التي لا قابلية لها للعيش في لبنان”. ويقول خلف لـ”النهار” إنّ “المبادئ والقيم تعتبر المعيار الأساسيّ لكلّ العلاقات، ولا إمكان للذهاب في أيّ اتجاه خارج هذه القيم. وحرية التعبير ليست مطلقة لكنّها لا يمكن أن تكون عرضة للخوف أو التخويف أو أن تكون معرّضة في وقت من الأوقات للتسلّط، وكلّ ذلك يوضع في الإطار الحقوقيّ الذي يسمح في التعبير عن الموقف من دون أن يتحوّل إلى تطاول على الحريات”.

ويستذكر خلف قول فولتير “أخالفك في الرأي حتى الموت، وحتى الموت أدافع عن إبداء رأيك”، مع اعتباره بمثابة مفهوم أتمنى للجميع أن يذهب به إلى الممارسة كمدرسة قيميّة تؤكّد على مدى قدرة التمايز عن الرأي الآخر على أن يكون هذا الآخر في حريّة مع المدافعة عن إبداء رأيه. ويحتاج المجتمع اللبناني إلى التنفّس في هكذا مواضيع مع احترام القانون”. ويخالف التحليلات القائلة إنّ “ثمّة هموداً في أُهْبَة الاستعداد لمواكبة مواضيع الحريات من المجتمع اللبناني، لكن أمام تراكم الأزمات والهموم صارت الأولويات في مكان آخر مع الحاجة إلى تأمين الأدوية والمأكل التي لا تُسقط الحرية التي تعتبر أولوية لبنانية دائمة ولا استطاعة لإلغائها”.

ومن منطلق الدفاع عن حرية الإعلام، يُعبّر المسؤول الإعلامي في مؤسسة سمير قصير #جاد شحرور عن قلق حيال “آليات تعيين الوزراء في البلاد التي تعكس محتوى ما سيعبّرون عنه، وما يؤكّد ذلك الوزير مرتضى الذي يُطلق تصريحات في السنوات الماضية لا علاقة لها في الثقافة والحريات والديموقراطيات وسط الطريقة التي علّق عليها بعد الاعتداء على الكاتب سلمان رشدي وموضوع فيلم “باربي” وتخوين النواب الذين أيّدوا إلغاء تجريم المثلية وصولاً إلى تصريحاته الإعلامية الأخيرة الدالة على علامات استفهام حول إذا كانت هذه الشخصية تستحقّ تولّي وزارة الثقافة”. أمّا ظواهر القدح والذمّ في حقّ المؤسسات الإعلامية، بحسب تأكيد شحرور لـ”النهار”، فإنّها “مسألة مرتبطة بالتركيبة السياسية في لبنان التي لا تحترم دور الإعلام وتريده منصّة تنقل أخبارها فقط أو أن تشكّل منصّة إعلامية لها في المباشر، وهذا ما اكتشف في دراسات سابقة. وهذا لا يكفي لمحاولة ردع الإعلام”. وفي مقياس مؤشر الحريات الإعلامية، يقرأ شحرور أنّ “الهواجس عليها حاضرة خصوصاً بعد سنة 2016 مع ازدياد رقعة المضايقات والتهديدات في حقّ العاملين في مجال الصحافة والثقافة. وتتمثل مشكلة السلطة في أنّها تعمل على شدّ الشارع اللبنانيّ عبر الدين والقبلية والتجييش الطائفي الذي تنجح فيه لإبقاء المواطنين تحت سيطرتها، ما يدلّ على قدرتها الفوز في المعركة بشكل أو بآخر… ولا حريات في لبنان رغم أنّ مقدّمة الدستور كافلة لحرية التعبير، لكنّ الاجتهادات القضائية التي تعمل لدى الأحزاب السياسية لا تطبّقها فعليّاً”. وإذا كان في استطاعة الإعلام تحصين نفسه والاستمرار، يضيف أنّ “هذا القرار لدى المؤسسات الإعلامية إذا كانت مستمرّة في الدفاع عن حقّها حتى آخر لحظة، لكن لا يجب أن يكون الإعلام بمفرده في هذه المعركة بل الناس أيضاً الذين يحقّ لهم معرفة المعلومة بشكل موضوعي؛ وهي ليست معركة الصحافة بمفردها بل المجتمع في أكمله للدفاع عن حقّه في الحصول على المعلومة وأن يكون سنداً للصحافة في الدفاع عن حقّه في التعبير”.