
معتز خليل – مدير مركز رصد للدراسات السياسية والفلسطينية – لندن
في حوار له طالب الدكتور خالد القدومي ممثل حركة حماس في طهران بضرورة وحتمية اتباع ما أسماه حركة الإمام الحسين ، موضحا إن حركة الإمام الحسين في الواقع تعتبر حركة تعكس ما قال إنه الوتد العظيم الذي ثبت الخيمة بدمه أمام العاصفة، بحسب المذهب الشيعي الذي يصف دعوة السيد الحسين عليه السلام بهذا الوصف.
القدومي قال أيضا في حوار نشرته صحيفة الوفاق الإيرانية إن ما حصل لسيدنا الحسين لا يمثل فقط أكبر ملحمة في تاريخ الإسلام فحسب، بل هي أكبر ملحمة في التاريخ.
وقال القدومي : “هذه الملحمة يجب أن نحفظها ونُحييها وأن نستفيد منها دائماً باعتبارها أمراً يحل العقد في تاريخ المسلمين. اليوم، فإن قضية فلسطين هي من هذا القبيل.”
ويقول القدومي نصا ما يلي: استشهد الامام الحسين في سنة 61 ه بعد مرور خمسين سنة على وفاة الرسول (ص)، عندما استشهد أُحضر رأسه الشريف إلى مدينة عسقلان في فلسطين المحتلة ودفن هناك، إلى أن نُقل إلى القاهرة في سنة 548 ه، وقد ذكر ذلك المؤرخ “أبو العباس المقريزي” في كتابه، الذي يروي فيه كيفية نقله وتوديع أهل عسقلان للرأس الشريف في رحلته إلى القاهرة التي استقبله أهلها بالترحاب.
وقد بُني مسجد في ذلك الزمان بالقرب من المقام، ويزوره الناس وكل من يعاني من أزمة من ظلم من ضغط، يجد راحته النفسية في المقام. ولكن للأسف بعد الاحتلال الصهيوني عام 1948 لبلدة المجدل حيث يقع المقام، عمل الاحتلال وضمن برنامج منظم على إنهاء الهوية الإسلامية للقرى الفلسطينية المحتلة، فقد دمر الاحتلال ومسح 500 قرية عن الخريطة لإثبات خلو هذه الأرض من السكان، ولكن بقي هذا الشعب وبقيت هذه المقامات وبقيت الذكرى خالدة.
والجدير ذكره في هذا الصدد أنه في العام 1953م اجتمع أهل الخير من فلسطين وإيران لإعادة تأهيل وبناء المسجد بعد عمليات تخريب واسعة له على أيدي الاحتلال الصهيوني، لم يسمح الاحتلال بإعادة بناء المسجد، لكن أعيد بناء المقام، وهو مفتوح حالياً للزوار الذين يشكل أغلبيتهم السياح الأجانب.
وعن رؤية الشعب الفلسطيني للمذهب الشيعي قال القدومي : أغلبية الشعب الفلسطيني تعتنق المذهب الشافعي مع وجود بعض المذاهب الأخرى من أهل السنة والجماعة كالحنبلية والمالكية الموجودة في الضفة الغربية ومناطق أخرى، أماّ المذهب الشيعي في منطلقاته الفكرية لم تحظ منطقتنا بوجوده، ولا أعلم العلة التاريخية في عدم التواجد، لكن عموم شعبنا الفلسطيني يحب الإمام الحسين وأهل البيت (ع)، والدليل انتشار مقاماتهم الشريفة في فلسطين مثال مقام “أبوذر الغفاري” ومقام رأس الامام الحسين (ع) وغيرها من المقامات المنتشرة في عموم فلسطين.
وقال القدومي أيضا إن نظرة بعض الفلسطينيين السلبية لإيران والشيعة يرجع إلى التنشويه السياسي الدائر في المنطقة، يتمتع الشعب الفلسطيني بثقافة عالية ونسبة أمية منخفضة جداً ، لأن الشعب الفلسطيني يؤمن بسلاح العلم الذي يسمح لنا بنقل روايتنا كفلسطينيين إلى العالم رواية المظلومية الذي تعرضنا لها، لذلك نظرتنا لثقافة الإمام الحسين (ع) ومعركته ضد الباطل جاءت بعمق أكاديمي وعمق فكري وعمق تاريخي، ولكن التشويه الذي حصل في المنطقة خلال 12 سنة الماضية والفتنة التي أريد لها أن تكون في المنطقة قد تكون قد أثرت على الشعب الفلسطيني من وجهة النظر السياسية وليس النظرة التاريخية.
القدومي قال أيضا إن حماسه سيدنا الحسين موجوده في قلوب المجاهدين الفلسطينيين ، وردا على سؤال مفاده: لقد حمل الشعب الفلسطيني السلاح وقرر الجهاد ضد العدو الصهيوني هل حماسة الإمام الحسين موجودة في قلوب المجاهدين ؟
أجاب القدومي : حماسة الإمام الحسين موجودة لدى شبابنا المجاهدين والتي نراها في وصاياهم وخطاباتهم ، الشهيد الشيخ عدنان خضر يرى في كيفية ان تكون حسينياً وزينبياً أن تكون فلسطينياً، وهو استشهد مضرباً عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني، ما هو دافعه وما أجبره على ذلك سوى عقيدته وإيمانه بأن هذا هو الحق وهو طريق الامام الحسين في مقارعة الظلم
وردا على سؤال : هل تعتبرون انتفاضة الإمام الحسين (ع) والنموذج الذي قدمه مع أصحابه القلة الحل لمواجهة العدو الصهيوني؟
قال القدومي من أوجه التشابه بين واقع الفلسطينيين وواقعة كربلاء، انقسم المحيطون بالإمام الحسين إلى قسمين، منهم من خذله من أصدقاء والمقربين منه، إذ حاولوا تثبيط همته للقيام ومواجهة الطاغية يزيد أو حتى التأجيل ، لكنه رفض لأن الأمر لا يحتمل التأجيل، والقسم الاخر استعداه وحاصره ومنع عنه الماء، وهذا ما حصل ويحصل مع الشعب الفلسطيني من حصار لقطاع غزة وعن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وعن تقطيع مناطق الضفة الغربية بحواجز أمنية للاحتلال وعن بقر بطون الحوامل من قبل العدو الصهيوني وعن حرق الأطفال في مناطق 48 وعن منع الماء والطعام عن أهالي غزة هذا كله يظهر كأننا في ميدان كربلاء. في المقابل مقاومة شعبنا الفلسطيني وفكر المقاومة ليست فقط مقصورة على الفلسطينيين لدينا محور متشكل في المنطقة، فراية الإمام الحسين مرفوعة من شمال فلسطين وجنوب لبنان حتى آخر نقطة في فلسطين فكراً ومقاومةً منهجاً في مقارعة الظلم وفي التصميم والصمود إلى التحرير وللوصول إلى الهدف الأسمى ليس للفلسطينيين فقط بل لكل المقاومين وهو تحقيق العدالة وتحقيق المفهوم الأساسي لكُنه الدين وكُنه إسلامنا وهو التوحيد والعدالة الذي رفع رايته الإمام الحسين