تقدير موقف: تفاصيل العملية العسكرية للمقاومة اللبنانية في قلب إسرائيل

معتز خليل – باحث سياسي مقيم في لندن

خلال الأيام الماضية امتلأت الكثير من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بالكثير من التعليقات والمناقشات بشأن الحدث الأمني الخطير في الشمال الإسرائيلي والقادم من لبنان.




وعن هذه القضية قالت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء إن إسرائيل تشهد لقاءات محمومة بين قادة الأجهزة الأمنية، وتساؤلات تطرحها وسائل الإعلام وقلق بين المواطنين شمالي البلاد الذين يخشون إرسال أولادهم إلى المدارس، على خلفية “حادث أمني خطير”، دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الإعلان عن تقليص زيارته المرتقبة إلى ألمانيا… لكن ترى ما الذي أثار كل هذه الضجة؟.

التحقيقات الأولية للجيش الإسرائيلي ترجّح أن منفذ عملية مجيدّو فلسطيني من إحدى المخيمات اللبنانية ، وترجح أيضا احتمال وجود علاقة لحركة حماس لبنان بالتفجير، وتدعي أنه تعرّض لتدريب مكثّف قبل اجتيازه الحدود.

اللافت هنا إن التحقيقات أمدت أن القنبلة المستخدمة في مجيدو روسية الصنع، ونقلت إلى لبنان.

من ناحية أخرى يشير تحليل مضمون الكثير من المواقع الإخبارية التي تابعت الخبر آو ما يمكن وصفه بالحدث تشير إلى أن تفاصيل هذا الحادث كانت كما يلي:

1- عبر ناشط مسلح الحدود إلى إسرائيل من لبنان قبل أن يشن هجوما بقنبلة على جانب الطريق يوم الاثنين الماضي.

2- نتيجة للهجوم أصيب المواطن العربي في قرية سالم المجاورة شريف الدين ، 21 عامًا ، بشظايا في رأسه وجسده.

3- التقارير الدولية التي سربت تفاصيل هذا الحادث تزعم إن المشتبه به هو من نشطاء حماس الذين نفذوا الهجوم
4- الحديث في بعض من الصحف الغربية الصادرة ال
يوم الخميس ذهب آيضا إلى أن هذه العملية تمت بموافقة عناصر من حزب الله الذي يرغب في الرد على التصعيد الإسرائيلي بالأراضي المحتلة .

5- اللافت ان بعض من الأوراق البحثية أشارت في ذات الوقت إلى خشية بعض من اللبنانيين من أن يؤدي هذا الوضع إلى تصعيد كبير بين لبنان والاحتلال على غرار العدوان الإسرائيلي الذي حصل على لبنان عام 2006، ومحاولة خلق نظرية تشير إلى أن وجود حماس في لبنان يعرض السكان اللبنانيين للخطر وقد يضر بحياتهم.
حماس ولبنان

غير أن هذا التطور دفع ببعض من المراكز البحثية الغربية إلى مناقشة بعض من التساؤلات لعل أبرزها…هل بات وجود المقاومة في لبنان يمثل تهديدا للاستقرار الأمني في البلاد على يد الاحتلال؟

سؤال صعب تحاول بعض من الدوائر السياسية والاستراتيجية حاليا خاصة في ظل المصاعب التي يولدها هذا التواجد ، وهي المصاعب التي لا تنتهي خاصة مع التطورات الدولية الدقيقة التي تعيشها التي تعيشها المنطقة والعالم.

بداية بات من الواضح إنه ومنذ العام 2019 وعقب التطورات التي شهدها لبنان باتت العاصمة اللبنانية بمثابة حاضنة رئيسية لقيادات حماس ومحطة مهمة لتواجدها السياسي والأمني.

يأتي ذلك تزامنا مع بعض من الملامح الرئيسية التي يمكن رصدها في النقاط التالية:

1- إعادة ترتيب العلاقة بين حزب الله وحماس والتي بدأت منذ العام
2017

2- تزامنت هذه الخطوة مع تولي بعض من المقربين لرئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار ، والذي يؤمن بأهمية التعاون الاستراتيجي مع لبنان
تطورات سياسية

غير أن تحليل مضمون بعض من الأوراق البحثية التي نشرت مؤخرا عن هذه القضية يشير إلى أن الحركة ساهمت في إيصال الجناح القريب منها إلى سدة القرار في الجماعة في لبنان، الآمر الذي كان له كثيرا كان لبنان محطة رئيسة لحوارٍ جمع مسؤولين في حركة حماس والحكومة السورية قبيل الإعلان عن إعادة العلاقة بين الطرفين، وهي لقاءات لم يكن حزب الله بعيداً عنها كونه عراب التقارب بين الطرفين.

وفي حين أن عدة لقاءات بين النظام السوري وحماس كانت قد أعلنت مؤخراً، غير أن الأهم هو لقاء إسماعيل هنية بمسؤولين أمنيين سوريين من الصف الأول، ما يعني أن بيروت ستكون أيضاً “قطارا سياسيا” لعودة الحركة إلى دمشق.

اللاجئون

وبجانب كل هذا تتواصل ردود الفعل السياسية الدقيقة على الساحة إزاء بعض من ملفات المقاومة على الساحة اللبنانية ، ومنها قضية اللاجئين.
وفي هذا الإطار نبّه المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، جهاد طه، إلى خطورة الأوضاع التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وإلى حجم التحديات السياسية والاقتصادية التي يعانون منها في البلاد، خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة.

وأكد طه على ضرورة “وضع خطط و برامج عاجلة لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ عليهم وحمايتهم، ولتثبيتهم في مخيماتهم وتجمعاتهم، وتوفير أسباب العيش الكريم إلى حين العودة إلى ديارهم الأصلية التي هُجِّروا منها إبان النكبة عام 1948”.

وأشار إلى أن “هناك سلسلة من التحدّيات التي تواجه الوجود الفلسطيني في الأراضي اللبنانية، وأهمها الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها لبنان، والعامل الديمغرافي الذي يضغط على واقع أبناء المخيمات في ظل تزايد عددهم، وحرمانهم من البناء فيها، أو التملّك خارج المخيمات”.

ولفت إلى أن “ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان آخذة بالارتفاع في ظل غياب الحماية لهم، وفي ظل استمرار وضع قوانين لبنانية ظالمة تحرمهم من أبسط الحقوق الإنسانية والاجتماعية”.

واعتبر المتحدث باسم “حماس” أن الواقع المرير والصعب الذي تعيشه العائلات الفلسطينية في لبنان يستدعي من الجميع العمل للتخفيف من أعباء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على واقع اللاجئين.
تقدير استراتيجي

عموما فإن قراءة بعض من الأوراق والتقارير التي نشرت أخيرا في لبنان تتوجس من التطورات الحاصلة على الساحة الآن ومنها نشاط حركة حماس، وهو ما سيؤثر بالطبع على الوضع في لبنان ، خاصة مع التطورات الحاصلة على الساحة السياسية، واتهام هذه القيادات اللبنانية لقيادات حركة حماس بأنها تتسبب في الكثير من الأزمات والخلل الاستراتيجي للكثير من المواقع اللبنانية المهمة ، وهو ما يزيد من دقة المشهد بالنسبة لوضع حماس في لبنان الآن.