صورة الإصرار على فرنجية بغياب 65 صوتاً

مجد بو مجاهد – النهار

استنتاجات واضحة خرجت بها مروحة مشاورات الأيّام الماضية وتؤدّي جميعها إلى “دوّامة”، عنوانها تمسّك “#حزب الله” بـ”موجة” رئاسيّة واحدة تصبّ في خانة دعم مرشّح أوحد، واعتبار أنّ حظوظه قائمة. وإذا كانت زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري أتت في سياق تبادل وجهات النظر وإجراء “جردة” شملت موضوع الرئاسة، فإنّ المعطيات الأساسية التي انبثقت عن اللقاء واستقتها “النهار” أكّدت الرهان المستمرّ لدى بعض تكتلات فريق 8 آذار على إمكان إيصال فرنجية. وتردّدت عبارة واضحة المضامين على أثر جلسة عين التينة مفادها أنّ “فرصة فرنجية لا تزال قائمة، ومحاولة حشد الأصوات لمصلحته مستمرّة قبل التفكير في أيّ اقتراح آخر للتداول”. وكان لهذه الأجواء أن رسّخت قناعة لدى المستطلعين فحواها أنّ مهمّة الوصول إلى خواتيم في الموضوع الرئاسيّ طويلة زمنياً ولا يمكن توقّعها في فترة قريبة. وتستمرّ محاولات الإقناع بفرنجية على نطاق داعميه مع مجموعة من الكتل النيابية للقدرة على تأمين 65 صوتاً، لكنّها لا تصل إلى نتائج، خصوصاً أنّ التكتلات التي تجري محاولات “ضخّ فرص” فرنجية من خلالها لا تعبّر عن استجابة أو قابلية للسير في ترشيحه. ويُقصد هنا كلّ من تكتل “لبنان القويّ” وكتلة “اللقاء الديموقراطيّ” والنوّاب السنة.




وثمّة أجواء وصلت إلى أوساط نيابية من الأحزاب المعارضة الرافضة وصول فرنجية إلى الرئاسة، تشير إلى أنّ “حزب الله” لا يستطيع تبديد وعد أعطاه لرئيس تيار “المردة” في دعم ترشيحه للرئاسة في المرحلة الرئاسية اللاحقة لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً. ويضاف إلى ذلك تأييد شخص فرنجية، وفق الأجواء التي يعبّر عنها النواب المنضوون في التكتلات الداعمة له أمام زملاء لهم من تكتلات المعارضة، عندما يتبادلون الأحاديث بُعَيد الجلسات الرئاسية العقيمة، حول الأسباب التي تؤدّي إلى استمرار خيار الورقة البيضاء. وكذلك، ينتظر مؤيّدو فرنجية احتمال أن “يمرّ القطار” من أمام عتبة دارته في بنشعي حاملاً معه مؤشّرات لا تعارض عبوره إلى القصر الرئاسيّ على المستوى الخارجي. وتتكثّف المعطيات حول حراك يأخذه فرنجية على عاتقه لمحاولة إقناع الدول المواكبة للشأن اللبناني بورقته الرئاسية، وتتناقل عنه عبارة ردّدها أمام أوساط معارضة لانتخابه مبدئياً، في قوله “إنّني لن أحمل وزر ميشال عون، إذا لم ترضَ السعودية”. واستشعرت هذه الأوساط إصراراً من رئيس “المردة” على محاولة قطف تأييد القوى السيادية وتظهير ترشيحه من منطلقات يريدها توافقية قبل إعلانه عن “لحظة ترشّحه”.

لكن، هل تكفي هذه “الأغضان” جميعها التي يتمسّك بها فريق دعم فرنجية لتحفيز اسمه رئاسياً وتوسيع حلقة المؤيدين لانتخابه؟ لا يبدو أنّ الرهان على اعتماد استبدال دعم “التيّار الوطنيّ الحرّ” بأصوات النواب السنّة والدروز في مكانه. وتعبّر مصادر “اللقاء الديموقراطي” لـ”النهار” عن مقاربة واضحة وحاسمة لناحية دعم “مرشّح تسوية” لا “مرشّح تحدٍّ”. وتجدر الإشارة إلى أنّ نموذج “مرشّح التسوية” لم يسقط من حسابات لقاء عين التينة بين جنبلاط وبري، الذي نتجت عنه ملاحظة ثانية لا تلغي نقاش “أسماء للتسوية إذا حان أوانها” إلى جانب الملاحظة الأولى المتمثلة في “استمرار دعم فرنجية”. وتتصاعد القناعة القائمة لدى “اللقاء الديموقراطي” لجهة غياب الخيارات سوى الاتفاق على مرشح ثالث تسووي طالما تغيب قدرة أيّ محور على تأمين 65 صوتاً بمفرده، ما ينسحب في رأيه على رئيس “المردة” ورئيس حركة “الاستقلال” ميشال معوّض. وهناك قناعة لدى “اللقاء الديموقراطيّ” في عدم إمكان الاقتراع لفرنجية باعتباره مرشّح تحدٍّ. وكان موفد التقدّمي الاشتراكيّ زار معوّض في الساعات الماضية، مشيراً إلى استمرار التشاور بين الطرفين وإلى “أنّنا لسنا في موقع التخلّي عن بعضنا بعضاً، بل إنّ النقاش مشترك للوصول إلى حلّ”.

إلى ذلك، استجدّ نوع من التباين في وجهات النظر بين “القوّات اللبنانيّة” والحزب الاشتراكيّ لناحية ما لمست فيه معراب “غيابا تنسيقيّاً” لجهة الحركة التي قام بها جنبلاط رئاسيّاً. ولا تبدو العلاقة في أوجها بين الفريقين على مستوى الحراك الرئاسيّ أقلّه. ولا تحبّذ أوساط “القوّات” ما تقرأ فيه “نوعاً من المبادرات الفردية بعيداً عن المعارضة”، وفي المقابل لا تستسيغ أوساط الاشتراكيّ تصريح النائبة ستريدا جعجع من بكركي ولا تجد “ضرورة لتنسيق كلّ خطوة أو إملاء تحرّكاته عليه”. في ما يخصّ تموضع النواب السنّة وعلى رأسهم تكتّل “الاعتدال الوطنيّ”، فإنّ إمكان اقتراعهم لفرنجية مرتبط بمعطى التوافق الوطنيّ على اسمه. ومقاربتهم هنا مشابهة لكيفية نظرتهم الى فكرة الاقتراع لمعوّض. ويشير ذلك إلى تحبيذ تموضعهم فكرة الوصول إلى تسوية رئاسيّة. وإذا كانت كلّ هذه التوليفة الإحصائيّة تلغي احتمال حيازة المقاربة الرئاسيّة التي يتمسّك بها محور “حزب الله” 65 صوتاً في المرحلة المقبلة، فإنّ السؤال يبقى: إلى متى يستمرّ كباشه رئاسيّاً وسط معادلة كهذه؟