
معتز خليل – باحث سياسي مقيم في لندن
تابعت حالة الجدال التي دارت خلال الساعات الماضية بين بعض من النشطاء الفلسطينيين عبر الفيس بوك آو تويتر عقب نشر خبر مفاده إلقاء السلطة القبض على قائد جماعة عرين الأسود ، وهو ما نفته العرين صراحة في بيان رسمي قالت فيه نصا ” ما يتم تداوله عبر الصفحات الإخبارية فيما يَخُصّ الأخ ابو فلسطين غير صحيح، علماً بأنَّ شخصية الأخ ابو فلسطين غير مكشوفة على الإطلاق، فلا يحاول البعض إلصاق هذا المسمى على أي شخص كان حتى لا يتم الحصول على أي معلومة وانتهى.”
البيان حمل أيضا نفيا إعلاميا من عرين الأسود حول إجراء قائدها العام أبو فلسطين أي لقاءات إعلامية، وهو ما يظهر في عبارة ” إن ما يتم تداوله عبر الصفحات الإخبارية فيما يَخُصّ الأخ أبو فلسطين غير صحيح”.
وفي نفس الوقت أكدت مصادر فلسطينية، يوم الأحد، تسليم قائد مجموعة “عرين الأسود” التي تنشط في نابلس، نفسه لأجهزة الأمن الفلسطينية. وفق ما نشرت “القدس المحلية”.
وبحسب المصادر، فإن “أبو فلسطين” قائد مجموعات العرين قام بتسليم نفسه لجهاز الأمن الوطني قبل ساعات من ظهوره في برنامج بث على قناة الجزيرة يوم الجمعة الماضي.
وبينت تلك المصادر، أن أحد قادة المجموعة سلم نفسه مع “أبو فلسطين”، وكلاهما من المطاردين لقوات الاحتلال.
ما الذي يجري
هذه الحالة الجدلية بشأن عرين الأسود ظهرت بجلاء عقب بث قناة الجزيرة لتحقيق ضمن برنامج “ما خفي أعظم” الذي يُقدمه الإعلامي تامر المسحال، تضمن مقابلة مع القائد العام لمجموعة عرين الأسود “أبو فلسطين” تحدث فيها عن نشأة العرين ومؤسسيه ومقاتليه والتطور الملحوظ في نشاطها العسكري.
اللافت هنا عدد من الأمور أبرزها:
1- القناة عرضت صراحة حوارا مقتضبا لقائد العرين ، مشيرة إلى أن أسمه أبو فلسطين وعرضت تصريحات مباشرة على لسانه.
2- القناه عرضت أيضا تصريحات في إطار حواري مع قيادات في كتيبة جنين ، في انفراد إعلامي شدد المسحال عليه .
والحاصل فإن تحليل مضمون التطورات الجيوسياسية منذ عرض الحلقة حتى الآن يظهر أن قيادات في عرين الأسود غير راضية عن الظهور الإعلامي والتعاطي الإعلامي أيضا مع هذه الحوارات ، خاصة وأن وضعنا في الاعتبار إن تنظيم عرين الأسود بالنهاية هو تنظيم سري ، والكثير من المنظمات الفلسطينية تحرص على فرض سرية على التحركات السياسية والاستراتيجية للكثير من قياداتها ، سواء في فلسطين أو خارجها ، مع استهداف الاحتلال لها.
وحدة المقاومة
في معرض تعليقه على هذه الحلقة قال الكاتب الصحفي مصطفى الصواف إن حلقة “ما خفي أعظم” الذي بثته قناة الجزيرة ركّزت على عنصرين مهمين تشهدهما المقاومة في الضفة الغربية والتي كانت في أمس الحاجة إليهما؛ وهما وحدة العمل المقاوم، وتطوير أدوات المقاومة من حيث العَتاد والإدارة والحس الأمني، وقد ظهرا جليا خلال البرنامج وأكد عليهما القائد أكرم العجوري القائد العسكري لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكافة المقاومين الذين تحدثوا خلال ما خفي أعظم.
غير آن حديث الصواف الدقيق يعكس نقطة مهمة للغاية وهي حتمية اتحاد عناصر المقاومة ، غير ان هناك الكثير من الأزمات التي يمكن ان تعترض هيا الأمر ومنها:
1- أن هناك خلاف بين القيادات العسكرية لعناصر المقاومة والسلطة الفلسطينية و وهو خلاف يمكن اكتشافه بسهولة مع حديث اكرم الرجوب محافظ جنين ، وبين التصريحات التي أدلت بها قيادات المقاومة الرافضة لأسلوب تعاطي السلطة معها.
2- هناك الكثير من النماذج التي تؤكد وجود خلافات بين السلطة من جهة وبين قيادات المقاومة ، ومنها مثلا اعتقال القيادي المطارد مصعب أشتية وغيده من عناصر المقاومة الأخرى.
3- هناك ما يمكن وصفه بالهوة بين جيل الآباء وجيل الأبناء في الحركات الوطنية الفلسطينية ، وهو ما يمثل تحديا دقيقا يجب الأخذ به في الاعتبار.
تقدير استراتيجي
فتحت حلقة ما خفي أعظم كثير من الملفات الدقيقة ، غير ان الحس الوطني يدفعنا إلى ضرورة البحث في إيجابيان أو سلبيات هذا العمل ، وهل عرض أحاديث مع قيادات حساسة يطلب الاحتلال القبض عليها هو أمر يفيد الآن قضية الشعب الفلسطيني أو لا؟ الأمر الذي يزيد من حساسية هذه القضية.