أعطت إيران الضوء الأخضر للميليشيات الشيعية العراقية الموالية لها للتصعيد عسكريا ضد المصالح والقوات الأميركية في العراق، في تطور يأتي على وقع جمود في مفاوضات فيينا النووية ومع تواتر العقوبات الغربية على طهران ردا على حملة قمع قاسية تستهدف الاحتجاجات التي تدخل شهرها الخامس.
ودعا عباس الكعبي عضو مجلس الخبراء وهو أيضا مجلس صيانة الدستور في إيران، الميليشيات الشيعية الموالية لطهران إلى مواصلة العمليات العسكرية ضد القوات والمصالح الأميركية.
وحث في كلمة بمناسبة مهرجان تأبيني نظم في مدينة البصرة بجنوب العراق بمناسبة الذكرى الثالثة لمقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني في غارة أميركية استهدفت موكبهما في بغداد مطلع العام 2020، تلك الميليشيات على التصعيد من أجل إنهاء الوجود الأميركي في الساحة العراقية.
وقال في كلمته خلال المهرجان التأبيني وفق ما نقلت عنه وسائل اعلام محلية بينها وكالة شفق نيوز الكردية ” إن “العمليات المستمرة منذ لحظة الاغتيال وإلى يومنا هذا ستتواصل بلا شك وبلا ريب بحزم وقوة من قبل فصائل محور المقاومة في بلدان محور المقاومة لإجبار المحتل الأميركي على الخروج من عراق المقدسات وجميع المنطقة”.
وتابع “الاحتلال الأميركي والمسّ بسيادة حكومات المنطقة لا ينحصر بالاحتلال العسكري، بل إن العدو الأميركي الحاقد يسعى لاحتلال فكري وثقافي وإعلامي وسلطوي واقتصادي واجتماعي وأمني وعلمي وفني”.
وتحدث المسؤول الإيراني في كلمته عن أزمة ارتفاع الدولار مقابل الدينار العراقي، قائلا إن واشنطن تعمل في الفترة الأخيرة على “فرض سلطة مصرفية واحتلال مصرفي للتسلط على مصارف محور المقاومة واستكمال الحظر الاقتصادي ونستطيع أن نسميه احتلالا مركبا وحربا ناعمة”.
ويأتي التحريض الإيراني على إشعال جبهة المواجهة مع واشنطن في الساحة العراقية بعد أشهر من الهدوء، بينما اتهم قادة أحزاب وميليشيات شيعية، الولايات المتحدة بالوقوف وراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي.
وكان رئيس تحالف ‘الفتح’ هادي العامري زعيم ميليشيات بدر قد وصف قبل أيام قليلة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، بأنه “مخطط للسيطرة على الاقتصاد في العراق”.
وقال خلال مهرجان ‘عطر السواتر’ الذي نظم أيضا بمناسبة الذكرى الثالثة لمقتل سليماني والمهندس إن “فتوى الجهاد استطاعت أن توحد جميع الطاقات لقتال داعش”، مضيفا لكن “لدينا معركة أخرى لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة وهي الحرب الناعمة ويجب أن نسهم بهذه المعركة”، متحدثا عن معركة استقلال اقتصادي وعن مكافحة المخدرات التي أكد أنها لا تقل أهمية عن محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتابع “المعركة اليوم يجب أن تكون معركة استقلال اقتصادي وارتفاع الدولار جزء من مخطط للسيطرة على الاقتصاد”.
وردد قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق وهي أحد أكبر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، الكلام ذاته، معتبرا أن العراق يتعرض إلى ما وصفها بـ”حرب اقتصادية”.
وقال وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية إن “النصر الذي تحقق على داعش يجب أن يكتمل بتحقيق السيادة وعدم السماح بأي قوات أجنبية في العراق”، مضيفا إنه “تكالب الأعداء على العراق في 2014 من كل بلدان العالم في العلن وفي الخفاء”.
ويشير التناغم في خطابات قادة الميليشيات الشيعية العراقية وكلمة عضو مجلس الخبراء الإيراني عباس الكعبي إلى أن إيران تستعد لتحريك ميليشياتها في العراق للضغط على الولايات المتحدة في ظل تعثر مفاوضات فيينا النووية واستمرار القوى الغربية في تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني بحزمة من العقوبات.
والمفاوضات النووية معلقة منذ أشهر ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى محاولة إنعاشها خاصة بعد تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن وردت في تسجيل فيديو، اعتبر فيها أن الاتفاق النووي بحكم الميت لكنه رفض نعيه. كما أشار إلى أن بلاده لا تركز في الوقت الحالي على إنعاش الاتفاق.
وتسببت اشتراطات إيرانية وأخرى أميركية في جمود مفاوضات فيينا، بينما تقول طهران إنها تتمسك بالحوار من أجل التوصل لصيغة توافقية تنهي أزمة الملف النووي، في حين خفتت الحماسة الأوروبية لكسر جمود المحادثات وسط تضاؤل آمال إنعاش اتفاق العام 2015.
واتهم فالح الخزعلي عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف ‘الفتح’ (الذي يتزعمه هادي العامري وهو من أبرز الشخصيات الموالية لإيران)، أميركا ورئيسها السابق دونالد ترامب وجهات أخرى محلية بـ”تغذية الفتنة الطائفية والسياسية في العراق”.
وشدد على ضرورة تطبيق قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأميركية من العراق، داعيا حكومة محمد شياع السوداني إلى تحمل مسؤوليتها، مؤكدا كذلك على أنه يجب محاسبة قتلة سليماني والمهندس.
وقال “يجب دعم الحشد بما يمكن أن ندعمه على المستوى التشريعي ونحن مقبلون على إقرار الموازنة العامة وكذلك أن تدعمه الحكومة العراقية بالتسليح والتدريب والتمكين وكل القوات الأمنية”.