قرار “حزب الله” لا رئاسة لباسيل تحت أيّ ظرف

سركيس نعوم – النهار

العلاقة بين “#حزب الله” وحليفه “#التيار الوطني الحر” وتحديداً رئيسه النائب #جبران باسيل تحيّر اللبنانيين. ذلك أنهم راقبوا التعامل بينهما في أثناء ولاية المؤسّس الرئيس ميشال عون فوجدوا أن الثاني أزعج الأول وأحياناً كثيرة أساء إليه في أكثر من محطة سياسية ووطنية قبل الانتخابات النيابية وتأليف الحكومات، كما في أكثر من محطة لها علاقة بالقطاعات الحيوية والمهمة التي لم يعرها الثاني الاهتمام اللازم. كان ذلك أحد أسباب الانهيار الواسع للبنان دولةً ومؤسسات وقطاعات اقتصادية ومصرفية ونقدية، كما أحد أبرز أسباب الفساد المعشّش في الطبقات السياسية المتنوّعة. لكن “الحزب” رغم ذلك كله لم يتخلَّ عن باسيل و”تفهّم” أخطاءه وخروجه عن “الخط” أحياناً وبرّر ذلك بالاحترام الدائم الذي أظهره الرئيس عون لاستراتيجيته الوطنية والإقليمية ومصالحه الفعلية. لكن رئاسة عون انتهت في 31 تشرين الأول الماضي. إلا أن صهره باسيل استمر في سياساته وتصرفاته الداخلية والخارجية وكأنها لا تزال موجودة، وكأن حليفه “الحزب” سيستمر في تفهّم دوافعه ومصالحه وحمايتها برغم الأذى الذي ألحقه به ولا يزال يلحقه به. طبعاً حيّر ذلك اللبنانيين من أعداء “حزب الله” وأخصامه ومن حلفائه في آن واحد، ودفعهم الى محاولة اكتشاف أسبابه. فقال بعضهم إن “التيار الوطني الحر” هو الحليف المسيحي الوحيد له في البلاد، وهو لا يستطيع إكمال تنفيذ مخطّطاته في لبنان خصوصاً وربما في الإقليم من دون غطاء سياسي مسيحي مهم وقوي شعبياً رغم معرفته أنه لم يعد بالقوة الشعبية التي كان عليها. وقال بعضهم الآخر إن وضعه أي “الحزب” السنّي في البلاد ليس مريحاً من جرّاء تشرذم السنّة بعد تعليق زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري عمله السياسي وعجزه هو عن جمع غالبيتهم حوله باستثناء قلّة من قياداتهم. وقال بعضهم الثالث إن “الحزب” لا يستطيع أن يعتبر الدروز أو بالأحرى غالبيتهم المعروفة الزعامة والسياسة حلفاء له رغم نجاح زعامتهم الأبرز بل الأولى في إقامة علاقة معه هي أقرب الى “ربط نزاع” منها الى تحالف الدافع إليها عدم دفع الوضع الداخلي الى الانهيار. وقال بعضهم الرابع إن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة لم تمكّن “حزب الله” من تزعّم غالبية نيابية مطلقة من 65 نائباً أو أكثر، فاضطرّه ذلك الى مسايرة حليفه باسيل رغم انتشار الانزعاج وربما الكره له في أوساط جمهوره وأعضائه كما في الأوساط الشيعية عموماً من جرّاء حاجته إليه لتأمين انتخاب رئيس جمهورية مؤيّد له أو غير معادٍ عقائدياً ودينياً ومذهبياً ليس بأكثرية الثلثين غير المتوافرة طبعاً بل بالأكثرية المطلقة.




هل هذه المبرّرات لتحمّل “حزب الله” نزق حليفه باسيل و”التيار الوطني الحر” الذي يقود وطموحاته القصوى وأطماعه وميله الدائم الى “اللعب على الحبال” والى استغلال الطائفية والمذهبية من أجل تحقيق طموحاته صحيحة؟ الجواب عن ذلك ليس سهلاً على الإطلاق رغم الانفتاح الكبير الذي نفّذه على الحلفاء والأصدقاء والمحايدين وحتى الأخصام فضلاً عن الإعلام. أما الأعداء بحسب تصنيفه فلم ينفتح عليهم ربما لأن وقت ذلك لم يحن بعد. لكن هناك مجموعات صغيرة من اللبنانيين تعتقد أن الظرف الراهن محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً لا يسمح له أي لـ”الحزب” بتنفيذ مشروعه السياسي الاستراتيجي في لبنان على نحو كامل، رغم نجاحه وسائر الأفرقاء في البلاد في إنهاء الدولة ومؤسّساتها المتنوّعة باستثناء عدد قليل جداً منها، علماً بأن بذور انهيارها موجودة. وتعتقد أيضاً أن الصيغة الحالية للبنان القائمة على “اتفاق الطائف” انهارت لأنه لم يُطبّق كما يجب، ولأن الظروف الداخلية تجاوزته إذ صار لكل طائفة مشروع يختلف أو يتناقض مع مشروعات الطوائف والمذاهب الأخرى. وهي تعتقد ثالثاً بوجوب مرور لبنان وشعوبه بمرحلة بالغة الصعوبة يعتقد كل من شعوب لبنان أن نتيجتها ستكون في مصلحته. لذلك فإن الجميع ينتظرون. لكن لا بد من الإشارة هنا الى أن “حزب الله” هو الأقدر على الانتظار لأسباب معروفة من الجميع ولا داعي لتكرارها، فيما الآخرون عاجزون عن تغليب الصيغ التي تناسبهم للبنان جديد إلا إذا تدخل خارجٌ إقليمي – دولي مهم جداً بل قوي جداً. علماً بأن “حزب الله” وشعبه لا يشكوان نقصاً على هذا الصعيد، وربما يصبح الخارج الذي يعتمدان عليه حالياً أكثر قوة ونفوذاً في المستقبل.

طبعاً لا يستطيع “الموقف هذا النهار” الفصل في القضايا المذكورة أعلاه. لكنه يستطيع الاستمرار مثل الإعلام اللبناني كله على تنوّعه في شرح ظواهر الأمور والمواقف وبعض بواطنها ريثما يستحصل وغيره على مؤشرات جدّية لمستقبل لبنان ولدور “حزب الله” فيه ولاستراتيجيته المحلية والإقليمية. في الانتظار يستمر في تزويد قرّائه معطيات وتحليلات ومعلومات تساعدهم في فهم الحاضر ومحاولة استقراء المستقبل.

انطلاقاً من ذلك تفيد معلومات متابعين لبنانيين من قرب لـ”حزب الله” داخلاً وخارجاً أنه “منزعج جداً بل إلى أبعد الحدود من حليفه جبران باسيل ومن الأدوار التي يقوم بها أو يلعبها. وهو يعرف بالتفصيل ماذا فعل ويفعل في دولة قطر، وماذا طلب ويطلب من المسؤولين فيها. ويعرف ماذا يفعل مع الأميركيين والفرنسيين وكل الأطراف والجهات الإقليمية والدولية الأخرى. وهو لا يريده رئيساً تحت أيّ ظرف. لكنه رغم ذلك لن يتخذ قراراً نهائياً في شأنه الآن أو ربما في المستقبل القريب المنظور”. لماذا؟