اعتبر حليف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان زعيم “حزب الحركة القومية”، دولت باهشتلي أن اللقاء الذي أجري مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي في قطر “صحيح”، وأنه يجب فتح المجال للقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وكان إردوغان قد صافح السيسي، قبل يومين، على هامش افتتاح مونديال كأس العالم في الدوحة، في أول لقاء بين الزعيمين، منذ سنوات طويلة.
وأظهرت صورة نشرت على الموقع الرسمي للرئاسة التركية، الرئيسين، اللذين ساد الفتور علاقتهما منذ تولي السيسي الرئاسة في مصر، يتصافحان وإلى جانبهما أمير قطر تميم بن حمد.
وقال باهشتلي في تصريحات نشرتها وسائل إعلام مقربة من الحكومة يوم الثلاثاء: “الاتصال الذي أقامه رئيسنا مع الرئيس المصري السيسي في قطر اتصال صحيح، وبرأينا يجب إعادته”.
وأضاف مستدركا: “ليس ذلك فحسب، بل يجب فتح لقاء مع رئيس الجمهورية العربية السورية، بشار الأسد، وتشكيل إرادة مشتركة ضد المنظمات الإرهابية”.
و”من المعروف أن تركيا تربطها علاقات تاريخية قوية مع مصر وسوريا والعراق”، وفق باهشتلي، الذي تابع: “كما تتماشى حوارات بلادنا البناءة والإيجابية والنامية والصادقة مع جيرانها مع أهداف عام 2023”.
“لا خلاف أبدي في السياسة”
ومنذ شهر أغسطس الماضي لم تنقطع التصريحات الرسمية في تركيا والخاصة بعلاقة البلاد مع النظام السوري.
وبينما ألمحت التصريحات أولا إلى “مسار جديد” خفتت لفترة من الزمن مع التأكيد على استمرار التواصل الاستخباراتي، لتأتي كلمات إردوغان الخميس، وترجئ ما قد يحصل إلى ما بعد الانتخابات المقرر تنظيمها في يونيو 2023.
وقال إردوغان الأسبوع الماضي ردا على سؤال حول إمكانية الأسد وعلاقات تركيا مع سوريا ومصر: “لا استياء ولا خلاف أبدي في السياسة”.
وأضاف: “يمكننا أن نفعل ذلك من جديد خاصة بعد انتخابات يونيو”، و”بناء على ذلك، آمل أن نتمكن من الاستمرار في طريقنا”.
في المقابل، لم يبد النظام السوري خلال الفترة الأخيرة أي بادرة إيجابية تجاه الموقف التركي المستجد حياله، وعلى العكس ذهب مسؤولوه على رأسهم فيصل المقداد لاستبعاد أي تواصل سياسي قريب.
وتردد الموقف التركي منذ أغسطس بشكل أساسي على لسان الناطق باسم الرئاسة، إبراهيم كالين وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، وانضم إليهما إردوغان لثلاث مرّات.
في المقابل التزم النظام السوري في الرد على ما يبديه المسؤولون الأتراك بسياقين، الأول ضمن تقارير “هجومية” نشرتها وسائل إعلام شبه رسمية، كصحيفة “الوطن”، فضلا عما يعلنه وزير خارجيته المقداد في أوقات متفرقة.
وتأتي تصريحات حليف إردوغان دولت باهشتلي بالتزامن مع إطلاق تركيا عملية جوية في شمال سوريا والعراق، وتستهدف حسب الرواية الرسمية مواقع انتشار “حزب العمال الكردستاني”، المتهم بالوقوف وراء تفجير شارع الاستقلال في مدينة إسطنبول.
وفي 23 من يوليو الماضي، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن الاتصالات مع النظام السوري تجري على مستوى أجهزة المخابرات، مؤكدا عدم وجود أي خطط للاتصال السياسي مع دمشق حاليا.
عقب ذلك بيوم واحد، استبعد فيصل المقداد في تصريحات على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، فرضيات التقارب بين أنقرة ودمشق، بعد مواقف سابقة كانت تهيئ المناخ لاستعادة التفاوض بشأن إعادة العلاقات.
وأكد وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، عدم وجود اتصالات على مستوى وزارتي الخارجية بين البلدين.
وقبل ذلك كان قد تحدث من العاصمة موسكو، في شهر سبتمبر أن “دمشق لديها استحقاقات وليست شروطا”، مطالبا تركيا بالانسحاب من شمال سوريا، وأن “لا تبقى حتى ميليمتر واحد على الأراضي”.
وسبق وأن كشف زعيم “الحركة القومية” أن حزبه يدعم السياسة الخارجية التركية حيال سوريا، وفق ما أعلن عنه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في شهر أغسطس الماضي.
ووصف باهتشلي، حديث جاويش أوغلو، “عن السعي من أجل تأسيس السلام بين النظام والمعارضة في سوريا”، بأنه “بنّاء وواقعي، ونفسٌ قوي في السعي لسلام دائم، ولا يجب على أحد أن ينزعج منه”.
وشدد على أن “رفع تركيا مستوى الحوار السياسي مع سوريا (النظام)، وضمن هذا الإطار التعاون المشترك من أجل مكافحة الإرهاب في كل مكان، يستحق أن يكون ضمن الأجندة الأساسية في الأيام المقبلة، ويستحق أن يتم التعامل معه بجدية”.
وأكمل قوله “نأمل ونتمنى بصدق أن يسيطر التطبيع على علاقاتنا مع دول الجوار بحلول عام 2023، حيث تقول الجغرافيا الواسعة التي نعيش عليها بأن الخيار الوحيد للحياة فيها هو التعانق وليس الاقتتال”.
وفي إطار استعداداتها للانتخابات المقبلة كانت الحكومة التركية والحزب الحاكم (العدالة والتنمية) قد اتجه منذ مدة على سياسة أقرب إلى “تصفير المشاكل”، إذ أعاد إردوغان علاقات بلاده التي كانت متوترة مع دول مثل الإمارات والسعودية وإسرائيل، ويحاول المضي بذات السياق حيال مصر في الوقت الحالي.