وقاحة المصارف… – ميشيل تويني – النهار

#المصارف مصدومة لأن ثمة مودعين يلجأون الى السلاح لاسترداد ودائعهم، وهي تستنكر هذا الفعل وتقفل ابوابها.

لن ندخل في نظريتين ولن نناقشهما. الاولى هي ان التشجيع على اللجوء الى السلاح خطر في حد ذاته ولو لأخذ حقنا. والثانية اذا كانت هذه التحركات منظمة ام عفوية وما هدفها الحقيقي.




ولن نقول ما اذا كانت هاتان النظريتان صحيحتين ام لا، فهذه ليست النقطة الأساسية التي ننسى دائما ان نسلط الضوء عليها منذ سنة 2019. ذلك ان النقطة الأهم هي وقاحة المصارف وأصحابها والمساهمين فيها. طبعا هم ليسوا المسؤولين الوحيدين، فالدولة مسؤولة أيضا واساسا، كما ان مصرف #لبنان مسؤول، لكن كل هذا لا يعني ان المصارف لم تستفد وان اصحابها لم يجنوا اموالا طائلة على حساب اكبر كارثة اصابت الناس، وحتى اليوم لم يتحملوا مسؤولية هذه الكارثة المستمرة والمتعاظمة.

المساهمون في المصارف والمديرون الكبار والمسؤولون يتمتعون بحياة فضلى من جراء ما ربحوا خلال اعوام، والمودع، مثل سالي حافظ ، يعاني إذا أراد سحب أمواله للاستشفاء والتعليم فقط.

فالبعض ممن لم يعجبه مشهد السلاح لانه ضد العنف، لم يرَ عنفا اكبر في مصارف تسلب اموال الناس من دون شفقة ولا رحمة ولا تعاطف، ولا تكترث للمرضى او لمستقبل المودعين او لحياتهم.

لو كانت شقيقة سالي حافظ شقيقة رئيس مجلس إدارة “بلوم بنك” هل كانت اضطرت الى استعمال “السلاح” لاخذ حقها؟

لو كانت لشقيقة سالي حافظ صلة بأحد السياسيين او الزعماء او أصحاب النفوذ ممن حوّلوا اموالهم الى الخارج بعد 17 تشرين، طبعا لا يحتاج هؤلاء الى ان يفعلوا ما فعلت سالي لان اموالهم باتت بأمان في الخارج.

وقاحة المصارف كبيرة ولم يحاسبها عليها احد حتى الان، ومن يدافع عن ذلك وقاحته اكبر واكبر.

لا احد يريد الفوضى او تحصيل الحقوق بالعنف والسلاح او بالترويج للعنف، ولكن بعد ثلاث سنوات من عدم الشعور واللامبالاة بمآسي الناس ومعاناتهم وعدم اتخاذ أي إجراءات جديدة بالحد الأدنى الذي يكفل للمودعين مواجهة المتاعب والمصائب والحاجات الملحّة، وإكمال المصارف واصحابها حياتهم كأن شيئا لم يكن، حان الوقت للشعب كي يقول لهم كفاكم وقاحة، وحان الوقت حتى للذي لا يملك وديعة ان يشعر مع غيره ويقف ضد الظلم، ولكي يصرخوا جميعا بوجه سارقي جنى اعمارهم: سرقتم اموالنا… اخذتم جنى عمرنا… سلبتم مستقبلنا ولم تحاسَبوا ولم تساهموا في الخسائر، بل المواطن وحده تحمّلها باللحم الحيّ.