توافق ميقاتي – برّي حكوميّاً: أيّ منطلقات؟

مجد بو مجاهد – النهار

تتشابه المواقف السياسية المعبّر عنها على صعيد رئيس الحكومة نجيب #ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه #بري في المعطيين الحكوميّ والرئاسيّ. ويتظهّر الانسجام الواضح بينهما على صعيد تبنّي مقاربة حكومية واحدة، في مواجهة مسعى العهد الرئاسي باتّجاه تشكيل فريق وزاريّ ثلاثينيّ. وفي المقابل، تتمسّك الرئاسة الثانية والرئاسة الثالثة بمهمّة تنقيح مسوّدة وزارية تبقي على الصيغة المؤلّفة من 24 وزيراً. وينافس ميقاتي وبري معاً على حلبة الصراع الحكومية باعتماد أسلوب تكتيّ غير خشن هجومياً. ولا تنفي أوساط مقرّبة من الرئيس المكلّف أنّه مؤيّد فعليّاً لوجهة النظر التي طالعه بها رئيس المجلس، لجهة رفضه زيادة عديد الطاقم الوزاريّ لئلّا مضاعفة حجم الاختلافات والخلافات بين الأعضاء الحكوميين إذا انعطفت المرحلة على فراغ رئاسيّ بدأت مؤشراته تلوح في الأفق. ولا يقتصر توافق ميقاتي وبري على شكل الحكومة العتيدة ونوعها وعدد وزرائها، بل يشمل التأكيد على قدرة حكومة تصريف الأعمال تولّي الحكم بعد 31 تشرين الأول المقبل في حال عدم انتخاب رئيس جديد. وتذهب مصادر رئيس الحكومة باتجاه التأكيد لـ”النهار” على أنّ الطرح العام الذي يؤيّده رئاسياًّ ليس ببعيد عن مقاربة رئيس مجلس النواب الرئاسية، من دون أن يعني ذلك الاندماج بينهما في النظرة الكاملة إلى استحقاق الرئاسة الأولى. وهما لا يتعارضان في النظرة إلى مضامين مواصفات الرئيس المقبل، بل يتّفقان على اعتبارها “محبّذة” في رأيهما.




ويعوّل ميقاتي على أهمية انتخاب رئيس جمهورية يتحلّى بالخبرة السياسية. ويضاف إلى التجانس على الصعيدين الحكوميّ والرئاسيّ التعاون بين “الستاركو” و”عين التينة” في مواكبة مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة إلى ساحة النجمة قبل تحوّلها إلى تصريف الأعمال. وقد اتّفق على تسريع البتّ بمعظمها برلمانياًّ قبل بلوغ ولاية رئاسية جديدة. وتشير المعطيات المتوفّرة لدى فريق رئاسة الحكومة إلى أنّ مشروع الموازنة سيكون أبرز المواضيع التي سيعمل على الانتهاء من إنجازها في غضون الأسابيع المقبلة. ويعتمدان نظرية متوافقة حول مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تحت مظلة اتفاقية الإطار وانطلاقاً من عنوان “قانا في مقابل كاريش”. ويعتبر هذا الموضوع من المسائل النادرة التي تحظى بإجماع رئاسي ثلاثيّ بما يضمّ الرئاسة الأولى. وتاريخياً، يضيء المقرّبون من ميقاتي على إيجابية العلاقة التي تجمعه ببري، و”قوّتها”، من خلال استعادة الدور الذي اضطلع به الأخير للمساعدة في إيجاد حلّ يساهم في تأمين مصدر تمويل المحكمة الدولية من خلال ميزانية رئاسة الحكومة في موازاة الضغوط التي مورست بغية حجب التمويل.

من جهة ثانية، كيف يعبّر المواكبون للكواليس السياسية الدائرة على مقربة من الرئاسة الثانية للنقاط المصنّفة في خانة الجمع مع السرايا الحكومية؟ تستعرض أوساط مطلعة على موقف كتلة “التنمية والتحرير” لـ”النهار” المعطى الحكومي من باب رفض زيادة عدد الوزراء طالما أنّها خطوة لا تبدّل أو تضيف في عدد اللاعبين على الطاولة الوزارية بل تصرف على أنّها تزيد المكتسبات الحكومية المحسوبة على فريق العهد. ولا تؤيد تكبير الحجم الوزاري الذي ينعكس من خلال إضافة ثلاثة وزراء على الأقلّ لمصلحة “التيار الوطني الحرّ” بما تعتبره “عين التينة” اتّجاهاً “برتقالياً” نحو السيطرة على الحكومة. ولا تنفي أوساط كتلة “التنمية” الموقف الموحّد بينها وبين “#حزب الله” في الموضوع الحكومي وعدم الانسجام مع مقاربة النائب #جبران باسيل.

وتشير أوساط “التنمية والتحرير” المستمدّة من مقاربة رئاسة مجلس النواب أنّه كان حصل التعبير عن موقف بري بوضوح في خطاب 31 آب الماضي، ومفاده دعم أهمية إجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها المقرّر وسط أوضاع صعبة تشهدها البلاد، لا تحتمل أيّ تأجيل أو تأخير؛ أمّا في حال استحالة الوصول إلى تشكيل حكومة جديدة أو انتخاب رئيس في المهلة الدستورية، فإنّ كتلة “التنمية” تصرّ على أنّ كلّ القراءات الدستورية القريبة أو البعيدة تؤكّد صوابية وأحقيّة استلام حكومة تصريف الأعمال الحكم. وتصوّر الأولوية لجهة دعوتها جميع المكونات السياسية إلى الاقتناع بأنّ نهاية أيّ ولاية دستورية لا بدّ أن تكون مناسبة لإعادة إنتاج حياة سياسية جديدة. وترى أنّ مقاربتها غير مبنيّة من منطلق الاصطفاف بين فريقي الرئاستين الثانية والثالثة بل من مبدأ مقاربة المسائل دستورياً، مع الإشارة إلى أنّ “عين التينة” تتجنّب الردّ أو توسيع الانقسام أو الدخول في سجال مع “التيار الوطني الحرّ” بعد الهجوم الذي شنّه رئيسه قبل أيام قليلة. ولا تغفل أنّ بري كان حاول على طريقته رأب الصدع بين عون وميقاتي على مدى الأسابيع الماضية.