الأزمة الاقتصادية تفاقم المأساة.. حوادث السير القاتل الأول للبنانيين

بينما تسبب انفجار مرفأ بيروت عام 2020 بمقتل نحو 220 شخصاً وإصابة أكثر من 7 آلاف بجروح، سجل العام نفسه مقتل 412 شخصاً وجرح 4173 شخصاً في لبنان، على يد قاتل صامت، لم يُصدر الضجيج نفسه لأكبر انفجار غير نووي في التاريخ، لكنه قتل أكثر منه، ولا يزال يفتك باللبنانيين بوتيرة مستمرة حتى اليوم.

حوادث السير تسببت، في شهر يوليو الفائت لوحده، بمقتل أكثر من 40 شخصاً وإصابة نحو 210 بجروح مختلفة، فيما سجل شهر أغسطس الجاري، في نصفه الأول فقط، سقوط 10 قتلى، ليتجاوز عدد ضحايا، عام 2022، 180 قتيلاً ونحو 300 جريح، وفق الأرقام التي تنشرها غرفة التحكم المروري، التابعة لقوى الأمن الداخلي في لبنان.




عكست هذه الأرقام واقعاً كارثياً تعيشه السلامة المرورية في لبنان، ودفعت الجمعيات والجهات المعنية في لبنان لرفع الصوت عالياً في سبيل التحذير من “المأساة”، المرجح استمرارها وتدهورها، في ظل الظروف التي يشهدها لبنان، حيث يقاسي منذ ثلاث سنوات إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية المسجلة في تاريخ العالم، والتي تنعكس على كافة الأصعدة في البلاد، بما فيها السلامة المرورية.

القاتل الأول

في كل المراحل التي مرت على لبنان، بقيت حوادث السير تمثل القاتل الأول للبنانيين، بحسب ما يؤكد رئيس الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية، كامل إبراهيم، حيث “لا الجرائم ولا المخدرات ولا الأحداث التي شهدت قتلاً في لبنان، كان ضحاياها أكبر من عدد ضحايا حوادث السير، التي دائما ما تسجل أرقاماً مضاعفة عن كل ما سواها من حوادث، لاسيما لدى الفئات الشابة في لبنان، التي تقتل بالحوادث أكثر مما تموت بالأمراض والسرطانات والعوارض الصحية”.

وفي هذا السياق، تشير البيانات والإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، أن حوادث السير تتسبب سنوياً في مقتل أكثر من 1.3 مليون شخص وتلحق إصابات بليغة يتراوح عددها ما بين 20 و50 مليون شخص حول العالم، وتبقى حوادث الطرق السبب الأول للوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً.

وتُقدَّر التكلفة المادية لحوادث الطرق بثلاثة إلى خمسة في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، وتؤدي إلى وقوع الكثير من الأسر في هاوية الفقر، وفق المنظمة الأممية.

من جهته، يرى نائب رئيس منظمة “yasa” المعنية بالسلامة المرورية على الطرقات، جو دكاش، أن الأعداد المسجلة لضحايا حوادث السير في لبنان، لا تسجل في المقابل إلا خلال الحروب والهجمات الإرهابية والكوارث، “حتى فيروس كورونا، الذي أدى إلى مقتل نحو ستة ملايين شخص حول العالم في ثلاث سنوات، بقي عداده منخفضا عن عداد ضحايا حوادث السير”.

ويضيف في حديثه لموقع “الحرة” أنه “إذا ما جمعنا عدد ضحايا جرائم القتل والانتحار والمخدرات التي يشهدها لبنان في رقم واحد، لا يتجاوز عدد ضحايا حوادث السير في لبنان خلال الشهر، خاصة أن هذه الحوادث مستمرة بالحصول بشكل دائم على مدى الأيام والأشهر والسنوات”.

وبناءً على مساحة طرقات لبنان الصغيرة وعدد سكانه، يقول دكاش: “إذا ما احتسبنا عدد القتلى بالنسبة إلى عدد الكيلومترات المقطوعة، يمكن القول إن لبنان يسجل واحداً من أعلى معدلات ضحايا حوادث السير في الشرق الأوسط، وقد يكون من بين أعلى الدول عالمياً”.

تأثيرات الأزمة

وكان لبنان قد حقق خلال السنوات السابقة لاندلاع أزمته، تقدماً ملحوظاً على صعيد السلامة المرورية، بدءا من إقرار قانون سير جديد (2012) إضافة إلى أداء السلطات اللبنانية في تطبيقه، والوعي الاجتماعي بقوانين السير ومعايير السلامة.

إلا أن الأزمة التي اندلعت عام 2019، أطاحت بكل الجهود المتراكمة وعادت بواقع السلامة المرورية في لبنان إلى الفوضى التي كانت سائدة خلال حقبة التسعينيات، وفق ما يشير دكاش، لا سيما وأنها قضت على أركان أساسية من معايير السلامة المرورية.

أبرز تلك المعايير يتمثل في أهلية الطرقات واستيفائها لشروط السلامة، ويشرح دكاش أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تراجع عمليات صيانة الطرقات وتجهيزها، لا سيما لناحية غياب الإشارات الضوئية والمرورية والإنارة ليلاً، “ما أدى إلى حوادث خطرة ومميتة”.

وقد توقفت عشرات الإشارات المرورية عن العمل في شوارع وتقاطعات العاصمة اللبنانية وباقي مدن البلاد، فيما تنعدم الإنارة بشكل شبه كلي على الطرقات الرئيسية والفرعية والطرقات الدولية السريعة، الأمر الذي ضاعف من مخاطر الحوادث.

يلفت دكاش إلى أن منظمة “yasa” “بذلت مجهوداً ضخماً على صعيد إقرار القوانين وحضور القوى الأمنية وحملات التوعية للمواطنين بهدف الالتزام بإشارات السير، اليوم تغيب إشارات السير نهائياً بعدما قطعنا شوطا كبيراً وحققنا نتائج متقدمة جداً، عدنا إلى نقطة الصفر، مما فرض وضع عناصر لقوى الأمن مكان هذه الإشارات المتعطلة، إلا أن عديد قوى الأمن لا يكفي لوضع شرطي على كل إشارة، لذلك نشهد حوادث سير خطرة ومميتة على التقاطعات والإشارات”.

هذه المشكلة ترتبط بشكل مباشر بأزمة الطاقة الكهربائية التي يعاني منها لبنان، وفق ما يؤكد إبراهيم في حديثه لموقع “الحرة”، مشيراً إلى أن هذه المشكلة “للأسف ستستمر لمدة أطول طالما ان أزمة انقطاع الكهرباء في البلاد مستمرة بلا حل”.

ويضيف أن الأزمة أثرت بشكل كبير على صيانة الطرقات وتعهداتها، التي تعاني من مشاكل منذ ما قبل الأزمة أصلاً، “حيث كانت الصيانة في لبنان تنطلق من مبدأ خدماتي زبائني يتعلق بحسابات سياسية وانتخابية وليس انطلاقاً من حاجات السلامة المرورية فكانت النتيجة تزفيت بلا تخطيط أو تأهيل كما يلزم”.

ويلفت الخبير بالسلامة المرورية إلى أن “أي طريق يخضع اليوم للإصلاح يجب أن يراعي السلامة المرورية من ناحية الإضاءة وعدم وجود الحفر والإشارات المرورية وسهولة القراءة، ومخططة كما يجب، بوجود العاكسات الضوئية، وبالتالي طالما أن الدولة عاجزة عن تأمين كل هذه المستلزمات ستبقى الطرق غير مطابقة لمواصفات السلامة وستبقى المخاطر وسترتفع خلال فصل الشتاء بسبب تأثير الأحوال الجوية”.

تأثير آخر للأزمة، ينعكس بشكل واضح على سلامة التنقل، يتمثل في ارتفاع كلفة صيانة المركبات والسيارات بالنسبة إلى المواطنين اللبنانيين، وبرأي إبراهيم “لم يظهر بعد التأثير الكامل للأزمة الاقتصادية على السلامة المرورية، فتداعيات الأزمة ستبدأ بالظهور مع الشتاء القادم، لكوننا نعيش في بلد الناس فيه باتت عاجزة عن تحمل تكلفة صيانة سياراتها المرتفعة بالدولار، مثلا المكابح والميزانية والزيت، هذه الأمور كانت تخضع لصيانات دورية، لم يعد ذلك بمقدور معظم اللبنانيين”.

مركبات غير مؤهلة

وما زاد الطين بلة، وفق إبراهيم، كان توقف المعاينة الميكانيكية التي كانت تجري فحصا شاملا للسيارة وتقدم لصاحبها تقريراً بأولويات الصيانة وقطع غيار لتكون صالحة للسير ومطابقة للمعايير، “هذا الأمر لم يعد يحصل الآن ليصبح إهمال الصيانة أكبر”.

وكان وزير الداخلية والبلديات اللبناني، بسام المولوي، قد أصدر قرارا بوقف نهائي لعمل المعاينة الميكانيكية منذ 20 مايو الماضي، وذلك بسبب استمرار الشركة المتعهدة بالعمل في المعاينة خلافاً للقانون، على الرغم من انتهاء عقدها منذ عام 2015.

توقف المعاينة التي كانت رادعاً في مكان ما، أدى إلى وجود سيارات غير مؤهلة للسير على الطرقات، وفق دكاش، الذي يرى أن الانعكاس الأكبر للأزمة سيبدأ بالظهور “حينما يبدأ الناس بشراء واستخدام مركبات غير مطابقة لشروط السلامة، أو اللجوء أكثر نحو الدراجات النارية لتوفير المحروقات، وهو ما يشكل خطراً أكبر في بلد يفتقد إلى البنية التحتية الآمنة لهذه المركبات”.

ويضيف دكاش أن “الناس باتوا يلجؤون إلى أساليب تنقل أكثر خطورة بدافع التوفير أيضاً، كركوب عائلة كاملة من أربعة أو خمسة أشخاص على دراجة نارية مخصصة لشخصين، والأخطر أن ينتقل هذا الأسلوب إلى وسائل النقل من فانات (باصات صغيرة) وسيارات أجرة ومركبات نقل الطلاب والموظفين وغيرها مما يزيد من المخاطر والتأثير على السلامة المرورية”.

يقول دكاش: “كنا نرى في السابق هذه الظاهرة لا سيما على الدراجات النارية، لكنها كانت ظاهرة، اليوم تكاد تصبح القاعدة بعدما بات العدد أكبر بكثير”.

ويضيف “كذلك الأمر بالنسبة للتوك توك، وهي وسيلة نقل لم تكن موجودة في لبنان وباتت اليوم رائجة وتستخدم أيضاً بطريقة خاطئة في ظل عدم أهلية الطرقات اللبنانية لها، وهذا يعود لثقافة الشخص الذي يقود والذي يركب معه، وإلى غياب الرقابة والمحاسبة من ناحية أجهزة الدولة اللبنانية، وهذا الأمر هو نتيجة مباشرة للأزمة”.

الشاحنات.. قنابل موقوتة

وينسحب غياب الصيانة والرقابة على شاحنات النقل الكبيرة، التي تحولت خلال الأشهر الماضية إلى قنابل موقوتة تتنقل على طرقات لبنان، متسببة بمجازر بكل ما للكلمة من معنى كان أبرزها في منطقة عرسال التي شهدت، الشهر الماضي، مقتل ثمانية أشخاص من عائلة واحدة إضافة إلى وقوع أضرار كبيرة بعدما فقد السائق سيطرته على الشاحنة نتيجة الحمولة الزائدة.

 

ويشهد لبنان فوضى في حركة الشاحنات على الطرقات، تتمثل في الحمولة الزائدة وعدم الصيانة وعدم الالتزام بأوقات السير على الطرقات، وسلوك الطرقات المؤهلة للشاحنات الكبيرة.

في الماضي، كان سائق الشاحنة يقوم برحلتين في اليوم الواحد ويتسبب بحوادث، بحسب دكاش، “لكن المشكلة اليوم باتت أن سائق الشاحنة يحاول نقل بضاعة رحلتين في رحلة واحدة بحمولة زائدة، في ظل عدم صيانة للشاحنة، مما رفع من أخطار وأضرار الحوادث المسجلة للشاحنات على الطرقات، فيما لا يلتزم أحد بأوقات سير الشاحنات، تجدها تسير في أيام عطلة الأسبوع وفي الليل والنهار وعلى طرق دولية وفرعية”.

ويضيف دكاش “كل ذلك وسط انعدام للرقابة ناتج بدوره عن نوع من المراعاة لأوضاع اللبنانيين وأصحاب المصالح والشاحنات، وقوى الأمن اليوم في حيرة من أمرها وفي موقف لا تحسد عليه، ففي النهاية العناصر هم من الشعب ويعرفون الأوضاع التي تمر على الناس في لبنان، لذا يتساهلون ويسعون لعدم قطع أرزاق الناس، ولكن في الوقت ذاته هناك خطورة وهناك أرواح تزهق بسبب ما يجري”.

لا حسيب ولا رقيب

“غياب الدولة” الذي بات شعاراً عاماً في لبنان، ينسحب أيضاً على ملف السير والسلامة المرورية، ووفقاً لإبراهيم، “هناك تراجع لناحية تطبيق القانون، وهذه مسؤولية القوى الأمنية التي تعاني اليوم من تأثيرات الأزمة الاقتصادية بدورها، فعناصرها يتقاضون رواتب باتت رمزية، فيما يعانون من نقص فادح في التجهيزات واللوجستيات اللازمة لتطبيق القانون على الأرض”.

من جهته، يشرح دكاش أن “الإنسان بطبعه يميل إلى الفوضى والالتفاف على القوانين، ما يفرض وجود المعنيين بتطبيق القانون، ولكن انعكاس الأزمة الاقتصادية على هذه الجهات قلل من عديدها من جهة، ومن جهة الناس يفقد القانون والسلطات هيبتهم، فيما عدد المحاضر والمخالفات آخذ بالانخفاض، وبالتالي هناك غياب واضح للمحاسبة”.

ويلفت إلى أن “قانون السير المحدَّث والذي يعتبر جيداً جداً من حيث مواده، لم يطبق منه إلا ما يتعلق بالغرامات، وما أجريناه من تحديثات على قانون السير بقي دون تطبيق جدي، مدرسة تعليم القيادة مثلاً، بدأ تطبيقها في فترة معينة ثم توقفت نهائياً اليوم، ورغم أننا حققنا تقدماً كبيراً على صعيد المؤهلات والمعرفة المطلوبة لإصدار رخص القيادة، عدنا وتراجعنا منذ ثلاث سنوات، وبات هناك من يقود بلا رخص وبلا نمر حتى، فإذا ما فقدت سيارة رقمها لم يعد هناك مجال لإصدار لوحة جديدة بفعل إقفال مراكز النافعة نتيجة الإضرابات، السيارات ما عادت تسجل ولم يعد هناك مرجعية لها، كل ذلك زاد من المشكلة”.

في المقابل، يشدد مصدر في قوى الأمن الداخلي، فضل عدم الكشف عن هويته، أن قوى الأمن لا تزال تقوم بمهماتها فيما يتعلق بالسلامة المرورية، رغم العوائق والتحديات التي تواجهها المؤسسة نتيجة الأزمة المالية للدولة اللبنانية.

“رادارات السرعة التابعة لقوى الأمن لا تزال تعمل بشكل طبيعي، وكل يوم يسجل مخالفات بالجملة، وبالتالي القوى الأمنية لا تزال تقوم بواجباتها”، بحسب ما يقول المصدر، ويضيف “لكن في الوقت نفسه هناك مراعاة للوضع الاقتصادي للمواطنين، ولبعض الحالات في بعض المراحل الزمنية، مثلا إبان الاحتجاجات وإقفال الطرقات والإضرابات وإغلاق الإدارات الرسمية”.

ورغم النقص في الميزانيات، يشير المصدر إلى أن قوى الأمن لا تزال تسير دورياتها بوتيرة مقبولة، وتطبيق قانون السير لا يتطلب آليات كبيرة أو تجهيزات، إذ يكفي وضع دراجة في نقطة ما ليقوم بمهمته، لكن المشكلة الكبيرة في واقع السلامة المرورية تكمن في تأثير الأزمة على الإدارات المعنية بصيانة الطرقات وتجهيزها وإنارتها وهذا ليس من مسؤولية القوى الأمنية”.

حوادث قاتلة

تشير الأرقام التي حصل عليها موقع “الحرة” من قوى الأمن الداخلي إلى أن أعداد الحوادث المسجلة، منذ مطلع هذا العام حتى الشهر الخامس منه، تراجعت عن الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 37 في المئة، حيث سجل 740 حادثاً، مقابل 1177 العام الماضي.

ويشرح إبراهيم في حديثه لموقع الحرة أن الأزمة الاقتصادية حملت نتيجة إيجابية تمثلت في تراجع حركة التنقل، نتيجة التكلفة المرتفعة التي بلغتها، وقبلها أزمة انقطاع المحروقات، وسبقتهما جائحة كورونا، ما انعكس انخفاضاً في أعداد حوادث السير، لكون المخاطر دائماً ما ترتبط بالتنقل، وصحيح أن أرقام قوى الأمن الداخلي ترصد انخفاضاً بأعداد الحوادث، ولكن علميا لا تجوز المقارنة المطلقة دون الأخذ بعين الاعتبار أنها انخفضت للأسباب المذكورة سابقاً.

لكن كان لافتاً تسجيل نسبة أعلى من الحوادث المميتة في المقابل، فبحسب دكاش، “مشكلتنا اليوم لا تتعلق فقط بعدد الحوادث، بل بالمستويات الخطيرة التي باتت تبلغها الحوادث ونتائجها المفجعة، فراغ الطرقات زاد من معدلات السرعة عليها، خاصة بالنسبة لمن يحبون السرعة حيث وجدوا في الطرقات الأقل ازدحاما فرصة لزيادة سرعاتهم أثناء التنقل”.

يوافق المصدر الأمني على أن انخفاض أعداد الحوادث المسجلة ناجم عن تراجع حركة التنقل بسبب ارتفاع التكاليف، وأن تراجع التنقل أدى إلى فسح المجال أمام السرعة الزائدة، مشيراً إلى أن “السلامة المرورية هي عبارة عن حزمة من العوامل من شأن وجود خلل في أي عنصر من عناصرها أن ينعكس على مجمل واقع السلامة على الطرقات، وبالتالي كل تأثيرات الأزمة تنعكس بشكل واضح وجلي”.

مسؤولية مشتركة

وإلى جانب مسؤولية السلطات، يشدد الخبراء على أن الوعي الفردي لدى المواطن يمثل جزءاً بالغ الأهمية من عناصر السلامة المرورية، لكن المشكلة في هذا المكان تكمن في “الثقافة العامة” للبنانيين.

وبحسب إبراهيم، الأهل أول نموذج أمام الأبناء، “وكلنا نعلم أن آباءنا لم يكونوا بشكل عام ملتزمين بحزام الأمان ولا بإشارات السير ولا بعدم التحدث على الهاتف أثناء القيادة، ثم ينتقل الفرد إلى المدرسة حيث ما من مادة توعوية يدرسها الطالب اللبناني في كل المراحل التعليمية تتعلق بالسلامة المرورية وقوانين السير وإشاراته، ثم لا يحصل على التثقيف اللازم قبل الحصول على رخصة السوق، وبالتالي المشكلة مرتبطة بانعدام الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالتربية والتثقيف على السلامة المرورية، وهذا الأمر ضروري بقدر ما هو إصلاح الطرق وتأهيلها”.

“المشكلة أننا كلنا نعيش وضع البلد ونعرف إمكانياته، الدولة عاجزة عن تأمين المحروقات والقمح وأبرز الحاجات الرئيسية بالتالي لا نعول كثيراً على معالجات وإصلاحات كبيرة وجذرية لواقع السلامة المرورية وحال الطرقات في لبنان”، بسحب ما يقول إبراهيم.

ويختم محذراً من أن “الأولويات المعيشية الداهمة على اللبنانيين، جعلت السلامة المرورية متأخرة جداً على سلم الأولويات أيضاً، ما يشير إلى تعمق للمشكلة ومخاطر أكبر قد نكون مقبلين عليها”.