العاهل الأردني المنزعج من قمة النقب: لا استقرار دون حل القضية الفلسطينية

ربطت أوساط أردنية مطلعة بين زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني غير المعلنة سابقا إلى رام الله مقر السلطة الفلسطينية وبين قمة النقب لوزراء خارجية إسرائيل ومصر والإمارات والمغرب والبحرين، معتبرة أن الأردن غير راض عن السلام الجديد (مسار أبراهام) بين إسرائيل ودول عربية، وهو ينظر إليه على أنه تهميش لدور الأردن وسحب لأهم أوراقه، وهي القضية الفلسطينية.

وقالت هذه الأوساط الأردنية إن اعتبار العاهل الأردني أن استقرار المنطقة يتطلب حل القضية الفلسطينية يظهر هذا الانزعاج، وكأن المسار الجديد يتناقض مع مفهوم عمّان للسلام أو يتم على حسابه، وهو ما دفع الأردن إلى الرهان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرغم من أنه قد فقد أوراقه فلسطينيا وإقليميا ودوليا، وبات في شبه عزلة حتى داخل حركة فتح نفسها، ومن ثمة فلا قيمة للرهان عليه أو الاستنجاد به وزيارته لتسجيل موقف من خلال الإشارات غير المباشرة بدلا من إعلان معارضة علنية لقمة النقب.




لكن اتفاقات السلام التي كان الأردن جزءا منها تقف عائقا أمام صيغة تحريك القضية الفلسطينية بشكل مقبول للفلسطينيين قبل غيرهم.

وإلى حد وقت قريب ينظر الأردن إلى اتفاق وادي عربة كجزء من معادلة الاستقرار الإقليمية، لكن تهميش دور الأردن وتراجع الدعم له وخصوصا من دول الخليج سواء عن طريق خفض المنح أو تقليص العمالة الأردنية/الفلسطينية في الخليج، وضع الأردن تحت ضغوط استثنائية، وجعل عمان في وضع تحتاج بمقتضاه أن يكون لها السبق معنويا في الشأن الفلسطيني وخصوصا في قضية القدس.

من مصلحة الأردن تعديل بوصلته ورؤيته بشأن القضايا الإقليمية، وأن يقترب أكثر إلى المقاربة الخليجية للأزمات

وتكمن المفارقة الأكبر في أن القيادة الفلسطينية صنعت نسختها من اتفاقات السلام مع إسرائيل، ثم سمحت للتيارات الإسلامية بأن تختطف “المسار”، لينطلق صراع من المزايدات بين حماس وفتح هو في أساسه صراع على من يحكم الضفة وغزة.وفي حين تجاوزت مصر عقدة تبعات اتفاقيات كامب ديفيد، بعد سنين طويلة من سلام بارد مع إسرائيل ومراعاة خاصة لوضع الفلسطينيين في غزة، بقي الأردن أسيرا لحقيقة ديمغرافية ألا وهي أن جزءا كبيرا من مواطنيه هم من أصول فلسطينية.

وأشارت الأوساط ذاتها إلى أن الفلسطينيين الآن باتوا مدعوين إلى أن يكونوا شركاء في مسار السلام بشكل مباشر ودون وسطاء ولا وكلاء إقليميين، مع تقديم إغراءات لهم بسلام اقتصادي تعود منافعه على الفلسطينيين ولا يقف عند إغداق الأموال على القيادات في رام الله، لافتة إلى أن قمة القاهرة ثم اجتماع النقب سيفتحان الطريق أمام الاستثمارات العربية في الداخل الفلسطيني دون شروط وتعقيدات وشراء مواقف.

وقال العاهل الأردني لدى لقائه الرئيس الفلسطيني الاثنين إن استقرار المنطقة يتطلب حل القضية الفلسطينية، وإن الأردن “سيبقى دائما مع الأشقاء الفلسطينيين وحقوقهم، ونقف معكم باستمرار، رغم كل التحديات”.

وأضاف الملك عبدالله الثاني “لا يمكن للمنطقة أن تنعم بالأمن والاستقرار دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

وشدد على ضرورة “وقف كل الإجراءات الأحادية، خاصة في القدس والحرم الشريف، والتي تعيق فرص تحقيق السلام الشامل الدائم في المنطقة، والذي هو هدفنا جميعا لتعيش الدولة الفلسطينية المستقلة بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل”.

وأكد أن الأردن مستمر في بذل جهوده للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس، وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، بموجب الوصاية الهاشمية.

ويرى مراقبون أن الأردن يسعى للحفاظ على وضعه كوصي على المسجد الأقصى، وأنه يبحث عن المكاسب المعنوية أكثر من بحثه عن وضع يتم فيه إيجاد حل عملي للأزمة الاقتصادية التي يعانيها الفلسطينيون وإدراجهم ضمن مسار سلام أوسع يدفعهم إلى الاعتماد على الذات والقطع مع ثقافة انتظار المعونات والمساعدات.

وكانت مصادر أردنية مطلعة قد قالت لـ”العرب” الجمعة الماضية، على هامش القمة الرباعية العربية، إنه تم حث الأردن على وقف التصعيد مع إسرائيل في موضوع القدس باعتباره التزاما معنويا وليس خيارا استراتيجيا، وإعطاء الأولوية للشراكات الاستراتيجية، وإن المشكلة الرئيسية بالنسبة إلى المنطقة ليست إسرائيل وإنما هي الخطر الإيراني.

الفلسطينيون باتوا مدعوين إلى أن يكونوا شركاء في مسار السلام بشكل مباشر ودون وسطاء ولا وكلاء إقليميين

وأشار المراقبون إلى أن من مصلحة الأردن تعديل بوصلته ورؤيته بشأن القضايا الإقليمية، وأن يقترب أكثر إلى المقاربة الخليجية للأزمات وكسر حالة البرود مع عواصم خليجية بما يخدم مصالحه.

والتقى وزراء خارجية الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب ومصر في منتجع “سديه بوكر” في النقب. وقال لبيد “نكتب التاريخ هنا ونؤسس لبنية جديدة قائمة على التقدم والتكنولوجيا والتسامح الديني والأمن والاستخبارات”.وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الإثنين على أن تعميق التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة وعدة دول عربية “يرهب ويردع” إيران، خلال استضافة الدولة العبرية لقاء وُصف بأنه تاريخي في صحراء النقب.

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن المباحثات تركزت على ملف إحياء الاتفاق النووي الإيراني. وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال السبت إن الاتفاق النووي مع إيران قد يُوقع خلال أيام.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن المكاسب التي حققتها اتفاقيات أبراهام “ليست بديلا عن تحقيق تقدم بين الفلسطينيين وإسرائيل”، كما سعى لطمأنة الشركاء الإقليميين بشأن الملف النووي الإيراني. وأضاف “عندما يتعلق الأمر بما هو أهم، فنحن على توافق تام، كلانا ملتزم ومصمم على ضمان عدم امتلاك إيران السلاح النووي مطلقًا”.

من جانبه أشار لبيد إلى وجود “خلاف حول البرنامج النووي ونتائجه” مع واشنطن، لكنه استدرك قائلا “غير أنّ بيننا حوارا منفتحا وصريحًا”. وتابع “ستعمل إسرائيل والولايات المتحدة معا لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لكن إسرائيل ستفعل ما تراه ضروريا لوقف البرنامج النووي الإيراني”.