قتلُ أمٍّ وبناتُها الثلاث في بلدة أنصار، “رجولةٌ” ما بعدها رجولة. يجب أنْ تُرفَعَ هذه المقتلة إلى حيث الرجولةُ في لبنان مقاماتٌ ومراتبُ وأنواع. في أعلاها رجولةُ السلاح غير الشرعي والفالت على حلّ شَعره من غير زمام، ومن دون شورى ولا دستور. في أعلاها أيضًا رجولةُ الذكورة – وما أدراك ما الذكورة (والذكوريّة) – وتمريغ النساء وذبحهنّ وتبليط قبورهنّ بالباطون المسلّح.
إذا تحدّثتَ بالعاطل عن هذا النوع من الرجولة، فأنتَ خائنٌ وعميلٌ ومرتزقٌ وجبانٌ ومخصيٌّ و(خريّان وبلا بيضات). فهذا مقامٌ متّصلٌ مباشرةً بالقداسة والشرف والكرامة والذكورة. هل يمكنكَ أنْ تعطي رأيًا معاكسًا، أو تقول قولًا مناقضًا، في القداسة والشرف والكرامة والذكورة (الله ما خلقك)؟ ناهيكَ بالبطولة والمقاومة والشهادة. و… رجولة الفساد.
يشرّفني أنْ لا أدّعي رجولةً من هذا النوع والمرتبة والمقام. فلأُعَيَّرْ بما شئتم من الصفات والأوصاف. أنا رجولتي من نوعٍ آخر: رجولة الرجل المساوية المرأة له في كلّ شيء + عداوتي المطلقة للذكوريّة + عداوتي للعدوّ، للمحتلّ، للغاصب، للمغتصب (كلّ عدوٍّ – هل ضروريٌّ أنْ أسمّي في المقدّمة العدوّ الصهيونيّ؟! – وكلّ محتلٍّ وكلّ غاصبٍ ومغتصبٍ) تمرّ بالدولة، عبر سلاحها، وفي أمرتها.
رجولتي – بطولتي أنْ أخترع هذه الدولة، أنْ أصنعها بالكفاح، بالنضال، بالتغيير، في حال عدم وجودها. رجولتي – بطولتي أنْ لا أدمّر هذه الدولة، وأنْ لا أمرّغها في الوحل، وأنْ لا أنهبها، وأن لا أنتهك دستورها، وأنْ لا أبيعها، وأنْ لا أقايض بها الأرض والسماء، وأنْ لا أشتري بها مناصب الدنيا وكراسيها (فكيف بمنصبٍ وكرسيٍّ في بعبدا، في السرايا الحكوميّة، في عين التينة و/أو ساحة النجمة وسواها).
وما دمتُ أتحدّث عن الرجولة – البطولة، فالرجولة ليست ذكورةً. وإلّا كان التيس والفحل والعجل (الدَّكَر) من عناوين الرجولة والذكورة والفحولة.
وما دمتُ أتحدّث عن الرجولة، فقد أعجبتني أيّما إعجاب “الرجولة” الماثلة في الزيارة الرئاسيّة للفاتيكان. زيارةٌ – والله – تُكبّر القلب وترفع الرأس (وأيّ رأس!).
الرجولةُ نبلٌ مطلقٌ. ثمّ هي قانونٌ ودستورٌ وعدالةٌ وعدلٌ وحقٌّ ومساواةٌ وحرّيّةٌ وديموقراطيّةٌ وشهامةٌ وفروسيّةٌ ورحابةٌ وسعةُ صدرٍ وسماحٌ ومروءةٌ. مَن له رجولةٌ كهذه، فليكن رجلًا، وليتفضّل. ومَن له أذنان سامعتان فليسمع.
على سيرة الرجولة – البطولة، يهمّني أنْ “أجرّ” هذا المقال من أذنيه (وقرنيه) إلى حيث الرجولةُ رجولةٌ وبطولةٌ، عشيّة الانتخابات النيابيّة (إذا جرتْ)، وفي خضمّ تأليف اللوائح الاعتراضيّة والتغييريّة (اللوائح الأخرى هي لوائح الخراب الذي آلت إليه الدولة اللبنانيّة على أيدي حكّام الأمر الواقع وأذنابهم والملتحقين بهم والمنتفعين منهم). فأقول إنّ الرجولة الحقّة ليست في خوض الانتخابات، بل في دحر القوّة الغاشمة (ومرشّحيها ولوائحها) التي تستولي على لبنان وتحرم اللبنانيّين كرامة الحياة.
وما دمنا في صدد تأليف هذه اللوائح (الاعتراضيّة والتغييريّة)، فليشمّر النساء والرجال الرجال عن عقولهم (لا عن سواعدهم) وليخوضوا الانتخابات في لوائح – اعتراضيّة تغييريّة – موحّدة (وبراغماتيّة). وإلّا على كلّ اللبنانيّين السلام، وفي المقدّمة النساء اللواتي يشبهن النساء الأربع في بلدة أنصار.
بدون لوائح – اعتراضيّة تغييريّة – موحّدة (وبراغماتيّة)، على لبنان السلام.