اللبنانيون قلقون من المستقبل ويتهافتون على “الباسبورات” حتى لا يتحوّلوا أسرى داخل وطنهم

لم يؤد رفع رسوم إصدار جوازات السفر بناء على قرار مجلس الوزراء إلى تخفيف التهافت غير المسبوق في لبنان لدى المواطنين على طلب جوازات السفر، وإذا كان كثير من اللبنانيين الذين يقدمون طلبات للحصول على “الباسبور” لا يحتاجون بالضرورة إليه ولا مشاريع سفر اضطرارية لهم آنياً، إلا أنهم يبرّرون الأمر بأنهم يريدون الاحتفاظ بهذه الجوازات احتياطا وتحسباً من مستقبل غامض ومن تطورات قد تطرأ وتضطرهم للسفر مع عائلاتهم.

وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وبهدف التخفيف من الضغط على مراكز الأمن العام أرسل برقية تطلب من كافة مكاتب ودوائر ومراكز المديرية عدم استقبال طلبات جواز السفر للمسجّلين على المنصة المخصصة للتقديم أو من لديهم مواعيد مسبقة، إلا في حال عدم حيازة مقدّم الطلب جواز سفرٍ صالحاً أو في حال كانت صلاحية جواز سفره أقل من سنة ونصف سنة، إضافة إلى حيازته إقامة صالحة في الخارج، أو سمة (Visa) ملصقة على جواز السفر، أو موعد سفارة ضمن شهرٍ من تاريخ تقديم الطلب، أو لمتابعة الدراسة أو العلاج الطبي أو العمل في الخارج شرط إرفاق مستندات تثبت ذلك.




غير أن البعض رأى في توجيهات اللواء إبراهيم شروطاً غير قابلة للتحقق في كثير من الحالات للحصول على جوازات سفر، وخرقاً للدستور ومخالفة لمبدأي حرية التنقل والمساواة بين المواطنين. وذهب بعضهم إلى حد القول إن “الأمن العام يحتجز اللبنانيين”، أو أنه “يضعهم في السجن الكبير”.

إلا أن للأمن العام روايته المغايرة للأسباب التي دفعته إلى تحديد مثل هذه الشروط على الراغبين بالحصول على جوازات سفر، ولفتت المديرية العامة إلى أنها بعد إجراء دراسة للأرقام وتحليلها تبيّن لها الآتي: الأغلبية الساحقة من المواطنين تحصلت على جوازات سفر دون استعمالها، وبلغت هذه النسبة حوالى 69%. حوالى 20 ألف مواطن أقدموا على تجديد جوازات سفرهم في عام 2021، وكانت صلاحية الجواز الذي تمّ تجديده تتخطى السنتين. إن أعداداً كبيرة تفوق 15 ألف جواز سفر أنجزت في مراكز الأمن العام ولم يتسلّمها أصحابها.

وكان مجلس الوزراء قرّر أخيراً رفع رسوم إصدار جوازات السفر بحيث أصبحت 600 ألف ليرة بدلاً من 300 ألف لجواز مدة 5 سنوات، ومليونا و200 ألف ليرة بدلاً من 500 ألف لمدة 10 سنوات.

الأمن العام يعاني من نقص في جوازات السفر ورفع الرسوم لم يخفّف الإقبال على الطلبات

ولعلّ أحد الأسباب التي دفعت إلى حدوث هذا الازدحام على طلبات الجوازات إضافة إلى عدم اطمئنان اللبنانيين إلى مستقبلهم في البلد ورغبتهم في التفتيش عن مستقبل آمن وعن فرص عمل في الخارج، هو أن مهلة جوازات السفر البيومترية التي أطلقها الأمن العام قبل خمس سنوات صودف انتهاء صلاحيتها أيضاً في هذا الوقت، وقد سعى كثيرون لتجديد جوازاتهم قبل رفع الرسوم. وإذا كان معدّل تقديم الطلبات هو ما بين 800 و1200 يومياً قبل الأزمة الاقتصادية والمالية فهو ارتفع إلى حوالى 5500 طلب في اليوم، وهذا يفوق قدرات المديرية العامة للأمن العام.

وفي آخر المعلومات أن كمية جوازات السفر المتوافرة حالياً لدى الأمن العام لم تعد تكفي لتلبية الطلبات، وأن المديرية تطلب تحويل 15 مليون دولار إلى الخارج لطباعة وتجهيز حوالى مليون جواز جديد، إلا أن هناك تبايناً حول سعر الصرف الذي سيُعتمَد وهل هو سعر منصة صيرفة 20500 ليرة للدولار الواحد أم السعر الرسمي الوهمي 1507 ليرات.

وإذا لم تحلّ هذه المعضلة فإن العديد من اللبنانيين لن يوفّقوا بالحصول على “باسبور” يتيح لهم السفر ما يعني أنهم سيتحوّلون قسراً إلى أسرى في وطنهم.