أخلاقياً وسياسياً، لا يمكن #لبنان أن يقف بجانب #روسيا بقيادة ڤلاديمير بوتين ضدّ #أوكرانيا الجمهورية الديموقراطية التي تناضل للعيش بحرّية بعيداً، وتقرير مصيرها، واختيار المستقبل الذي يريده غالبية أهلها. من هنا كان موقف وزارة الخارجية اللبنانية المبدئي جيداً حيث أبدى معارضة لغزو روسيا لأراضي دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة. الأمر لا يتعلق بحياد لبنان عن حروب الآخرين. الأمر يتعلق بانحياز لبنان للقانون الدولي، وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المنسجم مع ما يسمّى “محور المقاومة والممانعة” في غير مكانه، لا يمكن أن يعكس وجهة نظر غالبية اللبنانيين. إنها وجهة نظر وسائل إعلامية تابعة لقوى يقودها “حزب الله” تتشكل من مجموعات ستالينية النزعة، و”ولائية” الوظيفة! هذا ليس لبنان. فوقوف لبنان بجانب روسيا، هو بمثابة الوقوف بجانب الاحتلال أيّ احتلال. وللبنان تجربة مع الاحتلالات بدءاً من الإسرائيلي، مروراً بالسوري وصولاً الى الإيراني المتمثل بهيمنة ذراعه المحلية على الدولة والمؤسسات، وعلى مصير اللبنانيين عموماً.
موقف المهللين لغزو روسيا، هو موقف يبرّر في مكان ما تدخل روسيا لحماية نظام بشار الأسد، ثمّ تحطيم الثورة السورية، وإغراقها بالدم، وتدمير عشرات المدن والبلدات، وقتل عشرات آلاف السوريين من دون تمييز بين المقاتلين والمدنيين من صغيرهم الى كبيرهم. إن طبيعة لبنان ترفض قهر الجار الأقوى لجاره الأضعف بأعذار تنتمي الى فكر توتاليتاري يعود الى القرون الماضية، ويريد إعادة كتابة التاريخ ورسم الخرائط وفقاً لمعادلة القوة من دون النظر الى خيارات الشعوب.
إن ما يُسمّى “محور المقاومة والممانعة” الذي يرفع شعار تحرير القدس، يطيب له احتلال روسيا لأوكرانيا وعاصمتها كييڤ، ووضع شعبها في سجن كبير. هذا فكر إلغائي نعاني منه في لبنان من جرّاء هذه الهيمنة، والسيطرة بقوّة السلاح، والإرهاب والترهيب. وهذا فكر بدل أن يصبّ ضدّ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فإنه يمنحه أعذاراً، ويصبّ في “طاحونة” محاولات النظام في سوريا العودة للهيمنة على لبنان، والاحتلال الإيراني للبنان عبر ذراع محلية، وتدخلات إيران التوسّعية في العالم العربي واعتداءاتها على دولها، ومجتمعاتها.
لذلك كله، من دون التدخل في موضوع الغزو بعينه، وبعيداً عن محاباة الأميركيين أو حتى الأوروبيين، إن لبنان يجب أن يرفض كلّ احتلال، وكلّ غزو لبلد لتغيير الشرعية فيه بقوة السلاح. والأهم أن لبنان يجب أن يبقى دائماً عصيّاً على الفكر الديكتاتوري، والإمبراطوري، والإلغائي لأنه كان دائماً ضحيّة هذا الفكر، وسيبقى على الدوام مهدّداً من حاملي هذا الفكر أكانوا في الخارج أم الداخل.
و بالعودة الى أزمتنا في لبنان، تعلمنا تجربة أوكرانيا المُرّة أن الغرب ضعيف، ومشتّت و”ينام مع العدوّ”. ففي قلب أوروبا وقفت ألمانيا، إيطاليا، وهنغاريا لمنع إنزال عقوبات أقوى بحق روسيا. كل ذلك باسم المصالح الاقتصادية. باعوا بلداً أوروبياً وسلّموه للاحتلال الروسي. هذا درس يجب أن يتوقف عنده لبنان السيادي والعالم العربي في وقت يقترب فيه موعد إعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي.