
غسان الحجار – النهار
لم يكن #سعد الحريري القائد التاريخي للسنّة، لكنه كان وريث زعامة سياسية أثّرت كثيراً في مجرى الحياة السياسية اللبنانية، وفي تطور الحالة السنية بدرجات متفاوتة، وفق ما كانت تسمح به الإرادة السورية العليّة زمن الوصاية المباشرة على لبنان.
واذا كان غياب الرئيس رفيق الحريري أحدث زلزالاً، ليس على مستوى السنّة فقط، وليس على مستوى لبنان فقط أيضاً، بل على مستوى المنطقة ككل، (علماً أن بعض اغتياله كان لسبب كبر حجمه وتوسّع أدواره)، فإن انكفاء الرئيس سعد الحريري ترك فراغاً على مستويات عدة أيضاً. فهو، رغم التباعد في وجهات النظر مع “#حزب الله”، وتناقض المشروعين، كان مؤمَن الجانب، وكان معتدلاً، وكان حوارياً، وكان رافضاً للفتنة، وقد وفّر للحزب غطاء في محاربته الإرهابيين، خصوصاً في الداخل، وغطّى الجيش اللبناني في معاركه وحروبه على أصوليين سنّة في غير منطقة. ولا يزال الحزب، ومعه الرئيس نبيه بري حتماً، يفضّل خصماً سياسياً من قماشة سعد الحريري (المجرّب)، ولو أنه لم يعرف كيف يحافظ عليه، إذ إن الحزب، رغم كل الانتصارات التي حققها في محطات عدة، يغرق بسهولة في الوحول اللبنانية.
والحريري نفسه وفّر الغطاء لرئاسة العماد #ميشال عون وحكمه في بداية عهده، والصعود المدوّي لصهر العهد الوزير جبران باسيل، رغم انهما تصادما لاحقاً.
لكن ماذا عن تداعيات اعتكاف الرئيس الحريري على الساحة السنية تحديداً وأحوال السنّة اللبنانيين عموماً ؟
أولاً: لقد شعر السنّة في لبنان باليتم بعد جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وعوّضوا عن ذلك بالالتفاف حول نجله سعد، وبخوض الانتخابات والاستحقاقات معه، وبتبنّي شعار “لبنان أولاً” في مواجهة المحور الإيراني – السوري، خصوصاً بعد سقوط مفهوم العروبة.
ثانياً: شكّل لهم تحالف 14 آذار، رافعة تعوّض بعض الغياب، إذ وجدوا حولهم التفافاً مسيحياً درزياً، مطعّماً بالقليل من الشيعة. ولكن سرعان ما تبدّد هذا الحلم، وتفكّك التحالف، وذهب كل في سبيله.
ثالثاً: اعتبر السنّة اللبنانيون، أن الحرب السورية التي قامت في العام 2011، ستؤدي الى سقوط الرئيس بشار الأسد، ومعه ربما النظام العلوي، ليستعيد سنّة سوريا دورهم في المعادلة، بما يؤثر ايجاباً على دورهم في لبنان. لكن التطورات خذلتهم.
رابعاً: ان المجتمع السنّي اللبناني يخاف من بذور أصولية مزروعة في جسده، ويرى أن الحريري كان قادراً على لجمها، وعلى تحجيمها، وبالتالي فإن الخوف بدأ يتسرب من جديد، من دخول عناصر غريبة أو استخباراتية للعب به، ومحاولة جرّه الى فتنة ما.
خامساً: إن الفراغ السياسي الذي يتركه سعد الحريري، وفي غياب الراعي السعودي، وفي ظل عدم وجود نية لدى وجوه سنّية أخرى، لوراثة الزعامة السنية الحريرية، أمور تجعل الساحة مشرّعة ومفكّكة.
سادساً: ان انكفاء سعد الحريري، سيجعل التمثيل السني منقوصاً، وسيجعل المواقع السنية في الدولة بلا غطاء حقيقي، تحاول أن تجد ملجأ لدى الآخرين، وبالتالي تتوزع على مراكز القوى الأخرى، مما يضعف موقع الطائفة المؤسِّسة للكيان.