علي حمادة - النهار

مسرحية ملاحقة سلامة – علي حمادة – النهار

مسرحية الملاحقة الأمنية لحاكم #مصرف لبنان #رياض سلامة بأمر من القاضية غادة عون التي يسيّرها القصر الجمهوري لا تنطلي على احد. فالملاحقة بهذه الطريقة ما كان يمكن ان تمر من دون ان يحصل في المقابل رد فعل من اطراف أخرى ترى في سلوك رئيس الجمهورية وبطانته محاولة لتسجيل نقاط في المعركة الدائرة منذ اليوم حول موقع رئاسة الجمهورية. فهذا النوع من السلوك، الذي يذكّرنا بسلوك سابق حصل عند اقتحام مكاتب الشركة المالية للسيد ميشال مكتف بذريعة الكشف عن تحويلات مالية الى الخارج حصلت بعد 17 تشرين الاول 2019 عبر شركة مكتف لمصلحة سياسيين ورجال اعمال لبنانيين قيل انهم ينتمون الى فئة المحظيين المعارضين لعهد ميشال عون. ماذا حصل؟ صودرت حواسيب وملفات، واختفت في بيت القاضية غادة عون التي طوت الموضوع، فصار منسيا. في مسألة حاكم مصرف لبنان، مسرحية دونكيشوتية، يعرف فيها الرئيس عون ان اقتلاع سلامة لا يمكن ان يحصل هكذا، لا لأنه نزيه، ولا لأنه عفيف، ولا لأنه بريء من عذابات اللبنانيين التي يعانون منها، بل لانه ينتمي الى فريق منافس في الطبقة الحاكمة سيمنع عون من استفراده لأهداف تتعلق بمعركة يقودها عون في نهاية عهده من اجل “عيون الصهر”. انها الأوهام الرئاسية التي يهجس بها عون لأجل صهره جبران باسيل. كل شيء يهون في هذا المجال حتى لو وصل الامر الى حد اثارة صدام مسلح بين جهازين امنيين. كل هذا من خارج منطق الدولة، ومن خارج منطق العدالة التي تلتحف بها السيدة غادة عون.

لا نقول هذا الكلام دفاعا عن حاكم مصرف لبنان الذي نرى انه يتحمل مسؤولية تدمير البلاد بمقدار ما تتحملها قيادات حكمت لبنان وتمتعت بثرواته الى حد حرمت فيه الشعب مستقبله، ودمرت أحلامه، وقضت على كل ما يملكه، فحولت جميع اللبنانيين إما الى بؤساء وإما الى مهاجرين. سلامة حلقة أساسية من هذا المستوى الحاكم الذي يجب ان يحاسَب مع كل الذين دفعوا بلبنان الى هذه الهوة. هو احد المسؤولين الكبار الذين لا يجوز تماما كما شركائه ان يفلتوا من المحاسبة الحقيقية عبر قضاء حقيقي يمسك بالعدالة باستقلالية تامة، ويحكم باسم الشعب لا باسم هذه الفئة المجرمة التي قضت على لبنان واللبنانيين، ولا تزال تمعن في اذلال الناس، وتجريدهم من البقية الباقية مما يملكون. عون والآخرون، كل الآخرين، مسؤولون مثل رياض سلامة. انهم ينتمون الى الفئة عينها. من هنا نقول ان ملاحقة سلامة بهذه الطريقة هي الوسيلة المثلى لإفلاته من المحاسبة الحقيقية. كما انها الوسيلة المثلى لكي يفلت عون وبطانته، وسائر المسؤولين من اصدقائه وخصومه من محاسبة لا بد من ان تحصل حتى يستقيم ميزان العدل في البلاد. ولذلك نعول مثل كثيرين على فكرة اللجوء الى المحاكم في دول خارجية تسمح قوانينها بملاحقة الفاسدين، من اجل دفع عملية المحاسبة الى الامام. في الوقت الحاضر لا نرى أي امل من اللجوء الى القضاء اللبناني وحده، ولا بد من توسيع حلقة الملاحقات الى الخارج. ملاحقة جميع الذين سرقوا، ونهبوا، وافسدوا خلال حكمهم للبنان. اما اللجوء الى مسرحيات سمجة كمطاردة هذا او ذاك كما حصل مع حاكم مصرف لبنان، فهذه اكبر خدمة تقدَّم للمعني، فضلا عن كونها وسيلة لتهرّب الجميع من اعلى الهرم الى ادناه من المحاسبة على ما اقترفوه بحق اللبنانيين على جميع الصعد.