ترتيب “البيت السنّيّ” كخطوة تختصر المرحلة

مجد بو مجاهد – النهار

تمتزج الانطباعات المحيطة بالبيت اللبنانيّ الاستقلاليّ عموماً – والسنيّ خصوصاً – الذي يشكّل في أكثريّته الكبرى مكوّناً سياديّاً، ما بين مشاعر الحزن المجبول بالافتقاد إلى الرئيس الشهيد رفيق #الحريري في الذكرى الـ17 للفجيعة الوطنيّة وارتداداتها العميقة، والإحساس بالأثر المُحزن بما يرتبط بقرار عزوف الرئيس سعد الحريري. وتختلط الاختلاجات مع هواجس مقلقة من تداعيات هذه الصورة على المعطى الوطني الكليّ، كما الانتخابيّ، لئلا تعكس تضعضعاً أو اختلالاً من شأنه أن يصبّ لمصلحة القوى المناوئة للمحور السياديّ. وتتمحور الكلمة حول العاطفة المتّقدة والمتزامنة في توقيتها مع بداية ترتيب البيت السني، وهي المهمة التي يتولّاها رؤساء الحكومة تماشياً مع مقتضيات المرحلة. ويشار تحديداً إلى أنّ التواصل متفاعل في هذا الإطار ما بين الرؤساء فؤاد #السنيورة ونجيب #ميقاتي وتمام سلام. وتنفي معطيات “النهار” ما أشيع حديثاً عن “نصيحة شخصية” توجّه بها الرئيس سعد الحريري إلى الرئيس السنيورة بعدم الترشّح للانتخابات، حيث لم يسبق أن حصل أيّ تمنٍّ أو حديث انتخابيّ في هذا الشأن بين الرئيسين، بما يضع هذه التسريبات في إطار الشائعات غير الدقيقة. وترتبط مسألة ترشّح السنيورة من عدمها بقرار شخصيّ يعلن عنه فور اتّخاذه، مع البتّ به في الوقت المناسب، والحرص على عدم الاستعداد لتقديم هدايا سياسيّة مجانيّة للخصوم من خلال الإعلان عن قرار انتخابيّ حاليّاً.




وإذا كان لسان حال المجالس السياسية يتمحور حول السؤال عما إذا كان السنيورة سيترشّح أو يعزف شخصياً، فإنّ لا حسم يمكن التلويح به حتى الساعة. وإذ يحتكم السنيورة إلى الردّ على المنتظرين وفق أسلوب “من تعجّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه”، ثمّة من يردّد أن عزوف السنيورة أو انسحابه من الصورة الانتخابية من شأنه أن يريح القوى الخصمة. ويحوّل الساحة إلى خالية تماماً من الأسماء التي يمكن أن تصنع فارقاً إيجابيّاً لمصلحة الأفرقاء السياديين. وفي المقابل، يساهم ترشّح السنيورة بطمأنة المناصرين والمؤيدين لتوجّهات المحور الـ14 الآذاريّ. وتبرز تساؤلات منذ أيام بما يخصّ إمكان ترشّح السفير نواف سلام للانتخابات النيابية، علماً أن المعلومات تؤكد حصول زيارة حديثة لكن ذات طابع اجتماعي قام بها الأخير إلى دارة السنيورة في ظلّ صداقة تجمع الرجلين. ولم يحسم نواف سلام خياره لجهة الترشح للانتخابات من عدمه بانتظار الأسابيع المقبلة. ولا يزال من المبكر وغير المفيد الحديث عموماً عن تواصل مع الجمهور السنيّ انتخابيّاً، على أن تبرز تطوّرات في الشأن الانتخابيّ خلال أسبوعين.

وبدوره، يعوّل فريق الرئيس نجيب ميقاتي على أهمية أساسيّة يكتسبها العمل على ترتيب البيت السنّي مع رؤساء الحكومة وسط صيغة تشاوريّة، بما من شأنه تحصين المكوّن السني وتأكيد تماسكه الداخلي. وبدأت تتحرّك الصورة الانتخابية شمالاً مع تحضيرات لتشكيل لائحة على صعيد تيار “العزم”، في وقت يستمرّ التواصل مع شخصيات مستقلّة وأسماء معروفة بما يشمل سليمان جان عبيد وكاظم الخير. وتدرس المشاورات حول إمكان التحالف مع كريم كبارة في طرابلس. وثمّة بوادر لإمكان تشكيل لائحة مدعومة من “العزم” في عكار بما يضمّ شخصيات مستقلّة، لكنّ القرار لم يحسم حتّى الساعة. ويعتزم عددٌ من نواب عكار الحاليين المنضوين في كتلة “المستقبل” النيابية الترشّح للانتخابات، انطلاقاً من التعبير عن المقاربة المشيرة إلى ضرورة إبداء الرأي والتأكيد على أنّ للحريريّة السياسية نهجها وناسها. ويؤكّدون أنّ المشاركة الانتخابية تأتي من باب الإيمان بالسيادة اللبنانية والوفاء للرئيس سعد الحريري. وكانت تناقلت أجواء في الأيام الماضية حول “اتّخاذ” النائب سامي فتفت قراره بالترشح للانتخابات، لكنّ المعطيات الدقيقة تشير إلى أنّ النائب فتفت لا يزال يدرس خياراته من كلّ النواحي ويتشاور مع أهالي المنطقة قبل الحسم.

وتسود حال من الترقب على صعيد إقليم الخروب، في وقت يشكّل الناخبون السنّة ثلث الأصوات على صعيد قضاء الشوف. ويشير مواكبون إلى أن المنطقة لم تتوصل حتى اللحظة إلى استيعاب قرار عزوف الرئيس الحريري وسط نوع من الضياع وبعض الإحباط الذي لم ينسحب على البيئة السنية فحسب، بل طاول غالبية أهالي المنطقة أيضاً. ويتعامل “الحزب التقدّمي الاشتراكيّ” بكلّ استيعاب مع تأكيده احترام خيارات الناس وما يجمع بين مناصري الأحزاب السيادية من خيارات واحدة، وانتظار ما يمكن أن يصدر عن مؤيدي تيار “المستقبل” من خيارات انتخابية على أن تتّضح الصورة في الأسابيع المقبلة. ويعوّل التقدمي على أهمية التنسيق في المرحلة المقبلة في سبيل تجاوز حال التشتّت. وبذلك، يتمثل الاستنتاج العام الذي يمكن تأكيده حالياً بالعمل المستمرّ خلف الكواليس بهدف ترتيب البيت السني الداخلي، بما يشمل التنسيق الدائم بين رؤساء الحكومة. ولا يختلف اثنان على صعيد المكوّن السني السيادي حول الهواجس المتصاعدة من أي تردّد انتخابي يمنح الأكثرية النيابية لمصلحة المحور “الممانع”، مع تأكيد الأجواء العامة المتداولة بين أكثر من نائب سنيّ بارز على ضرورة عدم التوجّه نحو المقاطعة الانتخابية في ظلّ عدم دعوة أي من الأقطاب السنّية الأساسية للاحتكام إلى هذه الخطوة. وتتجه أنظار المواكبين في الأيام المقبلة نحو دار الفتوى التي تضطلع بالدور الأساسي كقبلة أساسية يعوَّل عليها للحفاظ على التماسُك الوطني كما السنيّ، في مرحلة تستدعي الثبات والصمود.