
روزانا بومنصف – النهار
في الايام القليلة الماضية تناهى الى عِلم الدوائر المعنية بمتابعة مسار #الانتخابات النيابية في “#حزب الله” ان سفارة غربية كبرى في بيروت كلفت جهة متخصصة بعِلم الانتخابات والاحصاءات واستطلاعات الرأي اجراء استبيان موضوعي ودقيق يستشرف النتائج المحتملة لما ستفرزه صناديق الاقتراع إنْ جرت الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد مبدئيا. وقد اجرت هذه الجهة بعد فترة استبيانا فحواه ان “حزب الله” ومن يحالفه سيكسب قصب السبق بأكثرية توازي اكثرية الانتخابات الأخيرة (71 نائبا)، اي قبل ان ينفرط عقد الائتلافات المعقودة وتتفرق أيدي سبأ.
وتبني تلك المصادر على هذه الخلاصة لتشير الى انه منذ ذلك التاريخ رصدت حراكا مكثفا للسفارة نفسها تمحور حول التيقن من واقع الامر ميدانيا من جهة، وتوفير الدعم للجهات المناوئة للحزب ومحوره وجمع المتناقضات، خصوصا على مستوى الساحة السنية، لاسيما بعدما أوصد “تيار المستقبل” نفسه سلفا الابواب امام استفادة حزب “القوات اللبنانية” من الفراغ المدوّي الذي خلّفه انسحاب زعيم التيار الرئيس سعد الحريري من واجهة العمل السياسي من خلال المسارعة المبكرة الى “افتعال اشتباك” سياسي مع “القوات” واتهامها بـ”الغدر”.
كذلك رصدت تلك المصادر انطلاقا مفاجئا لموجة من التحليلات في اوساط سياسية واعلامية تتحدث بصوت أعلى من ذي قبل عن احتمال تأجيل الانتخابات ولو لفترة معينة، علما ان الاوساط نفسها كانت تعتبر ان موعد الانتخابات هو على قدر من القدسية لا يمكن العبث به ولا يقبل اي مساومة.
وقد قابل هذا المعطى المستجد كلام آخر فحواه ان السفارات العربية والغربية التي كانت تتواصل في السابق مع شخصيات وقوى لبنانية محذرة اياها من ان اي تلكؤ او تأخر عن اجراء الانتخابات في موعدها سيقابَل باجراءات عقابية، هي نفسها قد كفّت عن عادتها تلك وغابت عن السمع منذ فترة.
ومن الوقائع المستجدة اخيرا والشاهدة على تبدد موجة الاطمئنان التي عاش عليها البعض طويلا، الحركة التي يبذلها موفدو الحزب التقدمي الاشتراكي بغية تبريد التوتر الحاصل بين “تيار المستقبل” وحزب “ألقوات” عسى ولعل يكون ذلك مقدمة لاحتمالات اعادة وصل ما انقطع من جهة، ولإقناع بعض الشخصيات المحسوبة على “التيار الازرق” بخوض الانتخابات تحت عناوين وانماط لا تخرق الحظر الذي فرضه زعيم التيار ساعة اعلان عزوفه شخصيا وتعليق نشاطات التيار.
وبالعموم استقرت مصادر الحزب على استنتاج مفاده ان كل موجات التطمين والاطمئنان التي رُوِّج لها طويلا من ان الانتخابات المقبلة آيلة الى معادلة جديدة في البرلمان المقبل تجعل الاكثرية اقلية والعكس صحيح، تبدو وقد سُحبت من التداول لتحل محلها موجة مغايرة لتلك الحسابات والتوقعات.
وعليه لم تتفاجأ مصادر الحزب بالحراك الاستثنائي الذي بدأته السفارة الأميركية مثلاً لبلوغ هدفين: الاول الحيلولة دون دخول اي عناصر جديدة على الساحة السنية بعد استنكاف “الحريرية السياسية”. لذا لم يكن مستغربا ان يتوجه طاقم كبير من السفارة الى منطقة عكار الشمالية والمكوث هناك مدة يومين لمعاينة الواقع والتيقن من صحة الانباء التي ذكرت ان ثمة نشاطات تقوم بها مجموعات من المنطقة مقربة من الحزب عبر توزيع مساعدات، وعبر حركة تواصل واتصال مع الاهالي والفاعليات في تلك البقعة القصية الطرفية.
وتخلص المصادر عينها الى ان الحزب يستشعر ان عليه من الآن وحتى موعد الانتخابات خوض المنازلة مباشرة مع الجهود الآيلة الى منع الحزب من تحصيل الاكثرية.
وفي موازاة ذلك، تقر الدوائر عينها بان الحزب قد قطع شوطا بعيدا في عمليات الاستعداد لخوض هذا الاستحقاق، مؤكدا انه مستعد له تماما، وانه استطرادا يتعين عليه ان يعدّ له مع حلفائه. وهو ابلغ ذلك الى جمهوره وقاعدته وحلفائه الاقربين ومنهم “لقاء الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية” الذين اجتمع بهم رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين قبل ايام وابلغ اليهم ان عليهم استنفار قواهم استعدادا لهذا اليوم الموعود.
ولا يخفي الحزب معلومات مفادها ان ماكينته الانتخابية شرعت في العمل جديا منذ اكثر من شهر وانجزت خطوات في مجال الإعداد والتواصل. وبمعنى آخر تفيد تلك المصادر ان الحزب يقارب الامر من منطلقين: الاول ان الآخرين هم من رموا قفّاز التحدي في وجهه وتعاملوا مع الاستحقاق المفترض على انه عملية ديموقراطية من باب انه محطة “لتصفية الحساب” معه وجسر عبور لـ”محاصرته”، لذا صار لزاما عليه ان يردّ على التحدي ويطلق نفير المواجهة.
والثاني انه بات يتلمس حجم الخيبة التي اصابت خصومه ومناوئيه عندما تيقنوا من انه لا يمكنهم ان يغيروا في الوقائع وان يجعلوا الكفّة ترجح لمصلحة ما يشتهون ويبشّرون.
واكثر من ذلك، صار الحزب على يقين من ان حلفاءه قد خرجوا اخيرا من حال التراخي والتراجع التي وضعوا انفسهم فيها بتأثير “الصدمة” التي احدثها لهم تهويل الخصوم سابقا. وفي هذا الاطار لم يتفاجأ الحزب بان يخرج الرئيس نبيه بري اخيرا ليعلن انه ليس في وارد القبول بتأجيل الانتخابات ولا دقيقة واحدة. كما لم يكن مفاجئا للحزب ان يبادر “التيار الوطني الحر” بلسان مؤسسه الرئيس ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل الى طيّ مرحلة “الانتفاضة” التي اعلنها في وجه الحزب تحت عناوين شتى لوّح خلالها بالخروج من موجبات “تفاهم مار مخايل”، ويؤكد ان التفاهم باق وان المطلوب تطويره وليس الانسحاب منه او اعلان نعيه.
وفي الوقت عينه، بدأ الحزب باعادة خطوط التواصل مع قوى وشخصيات كانت آثرت في المرحلة الماضية ان تجمد تواصلها مع الحزب او تخفضه الى ادنى الحدود. وهو بذلك يريد ان يثبت انه ليس من النوع الذي “يخلع اصحابه” او يترك الذين وقفوا معه يوما ما.
وفي كل الاحوال، يؤكد الحزب انه ماض قدماً الى الانتخابات “بحماسة وثقة بالنفس واطمئنان الى دقة الحسابات” وذلك لاعتبارين: الاول انها بالنسبة اليه محطة ضروية لتجديد التأكيد على ثبات مكانته ورسوخ شعبيته. والثاني ان هذه الانتخابات هي احدى المناسبات المطلوبة لكي “تبرد بعض الرؤوس الحامية التي تحاول جاهدة ان تضخم حجمها ولو بالحكي والورق”.