
روزانا بومنصف – النهار
في لقاء قبل يومين جمع كلًا من رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيسين #فؤاد السنيورة وتمام سلام، تم التوافق، وفق ما عُلم، على عناوين تنظم مشاركة الطائفة السنية في الانتخابات النيابية ولا تسمح بترك فراغ يمكن ان تشغله قوى اخرى باسم الطائفة او بالنيابة عنها. والعناوين التي عرضها السنيورة في شكل اساسي لقيت تطابقاً من مفتي الجمهورية وموافقة من ميقاتي وسلام بما يسمح بالخطو ايجابا نحو ترشح زهاء 27 شخصا من ابناء الطائفة في كل المناطق اللبنانية، اضافة الى التعاون المحتمل مع احزاب وطوائف حول اتفاق على مرشحين آخرين ربما. غياب البديل من الرئيس سعد الحريري لا يسمح بالابتعاد عن “الحريرية” ولو انها لن تكون عنوانا ولا شعارا معلنا، ولكن لن يتم التساهل ازاء تفلّت الساحة السنية امام اي فريق او شخص بمن في ذلك بهاء الحريري، ولو انه نجل الرئيس رفيق الحريري ايضا، او سواه، ولا للاستثمار في الطائفة او لديها بمن في ذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قوبلت زيارته الى دار الفتوى بعد كل الممارسات التي توجّه بها الى الحريري رفضاً له ومن اجل إبعاده، كما الممارسات ضد موقع الرئاسة الثالثة وحتى ازاء العلاقات العربية، بفتور كبير ولافت. ومسعى عون لا يشكل مشكلة في ظل عدم تقبّل كبير له او لتياره في البيئة الشعبية السنية وضعف صدقية الالتزام الرسمي حيال ما تطلبه الدول الخليجية اذا اعتبر ان زيارةً لدار الفتوى تساهم في اظهار صدق النيات، فيما تدرك هذه الدول ان عون عاجز عن اي التزامات او عن اي مستوى من التأثير على “حزب الله”، لا سيما قبل اشهر من انتهاء ولايته. ولكن السؤال المربك على الارجح لأركان الطائفة هو كيفية التعامل مع بهاء الحريري في حال جاء الى بيروت وسعى الى فرض نفسه من ضمن المعادلة الطائفية لوراثة الرئيس سعد الحريري سياسيا، في حين ان لا قبول به ولا بأي مشروعية له في هذا الاطار وعلى هذه الخلفية بالذات. والجرح الذي خلّفه سعد الحريري طري وقوي ولا يمكن ايقاف نزفه بهذه السهولة وقلب الصفحة باستقبال بهاء الحريري كما لو ان زلزالا لم يصب البيئة السنية ولبنان ككل، وذلك في عز غياب عربي عن لبنان مهدد بالمزيد منه. وهذا لا يسري على اركان الطائفة السنية راهنا فحسب بل على زعماء سياسيين من طوائف اخرى يتحفظون عن اي امكان للتعاون مع بهاء الحريري على رغم خلافات سياسية كانت قائمة مع الرئيس سعد الحريري، علما ان السعي كبير جدا من افرقاء عديدين لمحاولة مد جسور مع البيئة السنية وفق ما ظهر في شكل خاص من جانب الافرقاء المسيحيين وعلى نحو فج احيانا اثار حفيظة “تيار المستقبل”. والواقع ان هذا اثار ايضا حفيظة زعماء آخرين نتيجة المسارعة الى توظيف تعليق الحريري العمل السياسي لدى بيئته في شكل خاص انما بمواقف لم تتسم باي ود فعلي ازاء الحريري او الانزعاج لخروجه من المشهد السياسي. هؤلاء الزعماء لم يخفوا خشيتهم وانزعاجهم من المقاربات الفجة للسنّة من جهة، كما لم يخفوا خشيتهم من جهة اخرى من تصعيد سياسي وخطابي غير مبرر من حيث حدته القوية قد يفيد البعض ممن يسعون الى افتعال ذرائع من اجل تطيير الانتخابات، او اخذ البلد الى مكان آخر كليا على وقع تصعيد مفبرك ومقصود تبعاً لتطورات اقليمية خطيرة تتفاعل في لبنان كذلك وربما على حسابه ايضا. ولذلك ينصح هؤلاء بالتهدئة وصياغة شعارات انتخابية تحت سقف يسمح كذلك بالتقاء مجموعة افرقاء يمكن ان يجتمعوا حول اهداف محددة، ولكن العناوين او الشعارات المبالَغ بها لأهداف سياسية او لأهداف انتخابية قد تعوق التعاون او تحدده كذلك. وهذا ما يُخشى منه في شكل خاص في صياغة الخطاب لدى “القوات اللبنانية” الذي يلتقي كثر معه على اهداف معينة متعددة، ولكن قد يحرج من يلتقي معه لعدم القدرة لا على الانضباط تحت الشعارات او المعارك المؤاتية ولا حتى على مجاراة الحزب في تصعيده او حتى الدفاع عنه في بعض المحطات.
اذ ليس خافيا ان لبنان يواجه تحديات الاستحقاق الانتخابي بمقدار عال من الخطورة، بحيث لا تزال الخشية كبيرة على الاستحقاق على رغم التأكيدات الرسمية بحصوله اذا تحققت المخاوف من خسارة محتومة وثابتة لفريق في السلطة لن يتمكن من استرداد الحد الادنى المقبول من الحجم السياسي. كما يواجه تحديات تفاعل التطورات الاقليمية، بحيث يصعب تمييز الخط الداخلي من الخط الخارجي في ما يشهده لبنان من تأزم، اذ تتصاعد الحماوة السياسية على خلفية خريطة طريق خليجية لمساعدة لبنان تلقى صدى ايجابيا لدى غالبية من الافرقاء السياسيين الطامحين الى انقاذ لبنان من انهياره، والذي لن يتحقق عبر استمرار “حزب الله” في سيطرته على القرار والمقدرات اللبنانية، فيما يوزع الحزب حملاته بين الداخل عبر استهدافه “القوات اللبنانية” والقوى الخصمة له، والخارج عبر استحضار حملات على الدول الخليجية وتهديدها بالصواريخ الحوثية. يحصل هذا فيما يتم الاعلان عن زيارة لوزير الصناعة الايراني مع وفد اقتصادي كبير الى الامارات العربية المتحدة وقت ان الرئيس الاسرائيلي اختتم بدوره زيارة تاريخية للامارات على نحو يثير تساؤلات عن انخراط “حزب الله” في استخدام لبنان في حروب اقليمية تزيد من مآسيه، فيما تفتح ايران مسار تطبيع العلاقات مع الدول العربية الى مداها الأبعد.