الدعوة الى #الحوار مرحب بها، فكل حوار في الازمات يصير ضرورة، ولو جاء متأخراً بعض الشيء، بل كثيراً، ولو ان اصحاب الدعوة يتحملون جزءا كبيراً من مسؤولية وصول البلد الى ما هو عليه حالياً.
لكن الحوار بات غير ممكن لاسباب عدة ابرزها عدم رغبة مكونات اساسية في البلد في المشاركة لانهم ربما لا يصدقون الدعوة والداعي معاً. تجارب الحوار السابقة فشلت جميعها في بلوغ اي هدف حقيقي، الا تأجيل الانفجار، وتخفيف بعض الاحتقان. الاستراتيجية الدفاعية والتي تهدف الى توحيد السلاح بإمرة الدولة، لا الابقاء عليه اداة تهديد في الداخل، واداة تهديد ايرانية في الاقليم لم تنفع معها كل جلسات الحوار، بل ان المراوغة ارجأت البحث الجدي في الموضوع. والتعديلات الدستورية التي طرحها البعض لم تدرس كفاية في ظل تصلب اكثر من طرف، وتلطيه بجدار الطائفية التي باتت تتقدم المصلحة الوطنية. حتى ان اعلان بعبدا لتحييد لبنان مع بدء الحرب الاهلية في سوريا، انكر قبل طلوع فجر اليوم التالي، وتم تمزيقه والدوس عليه بمشاركة “حزب الله”، ليس في الحرب السورية فقط، وانما في العراق واليمن ودول اخرى، من دون اي اعتبار للدولة اللبنانية ككل. ولم يحرك احد ساكناً من حلفاء الحزب الذين طالما ينادون بالسيادة ويزايدون على غيرهم في هذا الشأن.
وصاحب الدعوة، فخامة الرئيس، حاول تكراراً الاستئثار بالقرار، ثم شعر بالحاجة الى الحوار بعد الفشل الذريع الذي بدأ يحاصره في كل الملفات، وبعد صدامه مع كل المكونات السياسية التي لم تجد حرجاً اليوم، في رفض الدعوة، ورد الصاع صاعين.
لكن الحوار، ان حصل او لم يحصل، وغالب الظن انه لن يحصل، يجب ان يكون مع الاقربين، حلفاء مار مخايل، اذ انهم من يعطل الحكومة، ومن يهدد القضاء، ومن يقيم امناً ذاتياً، ومن يحمل السلاح، ومن يتدخل في شؤون دول اخرى، ومن ينسف علاقات لبنان الخارجية وخصوصا مع الدول العربية، ومن يسبب بابعاد لبنانيين من دول عدة، ومن يقيد تحويلات اللبنانيين في الخارج، ومن يضع لبنان على لوائح الارهاب والعقوبات، ومن يشرع المعابر غير الشرعية ومن يستورد المازوت الايراني عبرها.
الحوار مع “حزب الله” يكفي، اذا نجح، في اعادة لبنان على السكة الصحيحة، وكل حوار اخر لا ضرورة له اليوم، قبيل الانتخابات، الا في تعويم بعض القوى التي بلغت حد السقوط.