«… أهنِّيء جميع الشعوب المستضعفة في العالم بولادة المسيح، النبـيّ العظيم الذي بُعـثَ لحماية المظلومين وبسْطِ العـدل والرحمة(1)…
«صلوات اللـه وسلامُـهُ على عيسى بـن مريم الذي كان يُحيـي الأموات ويوقظ النائمين، وعلى أُمَّـهِ العظيمة مريم العذراء التي قدّمتْ بنفحـةٍ إلهيةٍ مثلَ هذا المولود للمشتاقين إلى رحمة اللـه»..
(الإمـام الخميني)
هذا النبـيّ العظيم، البشارة الأولى بولادته أعلنها ثلاثة حكماء ملوك من مملكة فارس التي هي اليوم إيران، وقد جاؤوا إلى أورشليم قائلين: «أيـن هو المولود..؟ إننـا رأيناه نجمةً في الشرق وأتينا نسجد لـه…» (2)
أيها المولود السماوي:
وأنا، ماذا أقول في عيد ولادتك..؟ هل أُهنيِّـىء شعبَ لبنان العظيم…؟ أو شعب لبنان المنكوب والمستضعف والمرهوب، ولا عـدل ولا رأفـة ولا رحمـة.
ماذا أقول عـن وطـنٍ يتلظىَّ بالمآثم والمعاصي ونوازع الشـرّ…؟ وأنت الذي جئـتَ لتُنقذ الأرواح الشريرة في أهل الأرض، فآثْـرتَ أن تُجلد وتصلب من أجلهم وتموت، ولا يزال في الأرض مَـنْ يطالب بموتك وأنت في السماء.
لا يـزال عندنا هيرودس وبيلاطس وكَهنـة وصيارفة وفريسيّون، وعندنا أبرص ومخلّـع وأعمى وزانية وجهنّـم وشياطين.
الحاكمُ أمبراطورٌ روماني، والقاضي متّـهم، والمجرم بـريءٌ، والكاهنُ خاطيء، والحـرّة جاريةٌ، والعاقل مجنون، والقانون سيـفٌ مدمّـى، ومهـدُ المولود نعش.
يحكمون علينا بالموت، ويغسلون أيديهم بـدم الجريمة..
بين المغارة حيث وُلـدتَ والجلجلة حيث صُلبتَ مسافة قصيرة في الزمن، وبعيدة في عمـق مفاهيم الحياة وجوهر الذات وسمـوِّ القيامة.
من تلك التلال المطلّـة على أورشليم حيث ارتفعتَ على خشبة الصليب، كنت تحمل صـوت اللـه دليلاً، على أنَّ الظلم والعذاب والموت، ثالوثٌ لا بـدّ من أن ينتصر خلاصاً للبشر وفـداءً للإنسانية المعذّبة..
وبعد عشرين قرنـاً ويزيـد تدنَّستْ سماوية القِيم فأصبحت الأرض جحيم الأمـم.
ممالك سقطت بالزنـى، عروش تلطّخت بالـدم، أمَّـةٌ تقوم على أمّـة، قبائل تغـزو قبائل، صراعات دموية، مذابـح جماعية وذبائح.
شعوبٌ تُسلخ كالخراف وتبارك الجزّارين، وسلاطين خلعوا عنهم ألوهيةَ الخلـق على صورة اللـه، فإذا السلطان ذئـب.
أيهـا السيـد:
ألستَ أنتَ القائل «من ضربك على خـدّك الأيمن فـدرْ لـه الأيسر(3)..؟»
بعضُهم فَهـمَ الأيسر سيفاً يقلَّـدُ بـه الخصر، فأدار خـدَّهُ الأيمنَ للآخر الغريب وأدار سيفه الأيسر لأخيه القريب فتبعثر الغنم وعجـز الراعي من لملمـة القطيع.
عفوك… أولست أيضاً تقول: «مَـنْ ليس لـه سيفٌ فليبعْ ثـوبَهُ ويشتـرِ سيفاً (4)…؟»
أيـاً يكن التفسير الإنجيلي لغرضِ السيف حمايةً للتلاميذ بعد الصلب وهم يبشِّرون في أقاصي الأرض ويتعرضّون لمخاطر الطريق ووحوش البريّـة…
نحن اليوم أيها السيد أكثر ما نتعرّض لمخاطر الوحوش…
ليتك تعطينا سيفك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – الإمام الخميني: صحيفة الإمام: الجزء 11 – ص 227 : مجلة الرصد الثقافي العدد 5: 1/1995.
2– متى: 2: 1 – 2. 3 – لوقا : 6 – 29. 4 – لوقا : 22 – 36.