راجح الخوري - النهار

والشيعة لا يبحثون عن بلد آخر! – راجح خوري – النهار

كيف استطاع #الشيخ نعيم قاسم أن يصل الى هذه الدرجة من تصديق ما قاله النظام الإيراني، من أن بيروت باتت تقع تحت سيطرة طهران، لكن حتى هذا النظام لم يصل الى ما وصل إليه قاسم، في أن يخيّر كل اللبنانيين بطوائفهم الـ18 بمن فيهم #الشيعة أيضاً قبل المسيحيين والسنة والدروز وغيرهم، بين قبول ذلك أو البحث عن حل آخر، بمعنى البحث عن بلد آخر؟
غريب، كان ياسر عرفات يقول إنه يحكم لبنان من صبرا، لكنه أخرج من طرابلس ولم يقل للبنانيين يوماً، أن يبحثوا عن بلد آخر لأن طرق فلسطين تمرّ بجونية كما قال أبو إياد، وكان حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار، يحكمان لبنان و”#حزب الله” أيضاً من عنجر، لكن دائماً تحت شعار “شعب واحد في بلدين”، ولم يقولا إن على الشعب اللبناني أن يفتش عن بلد آخر.

في 20 أيار من عام 2020 قال علي يونسي وكان مستشار الرئيس السابق حسن روحاني “أصبحنا أمبراطورية عاصمتنا بغداد”، لكنه لم يقل للعراقيين أن يبحثوا عن بلد آخر، وقبل أشهر قليلة قال الملاّ علم الهدى وهو والد زوجة الرئيس إبرهيم رئيسي، “إن إيران اليوم ليست محدودة بالحدود الجغرافية، فالحشد الشعبي إيران، وحزب الله في لبنان إيران، والجبهة الوطنية في سوريا إيران، وأنصار الله في اليمن إيران، والجهاد الإسلامي وحماس في فلسطين إيران، وطائرات الدرون التي تسبّبت بأضرار للسعوديين أليست إيران”، ولكنه لم يقل لمن لا يعجبه في لبنان وسوريا واليمن والعراق وفلسطين، ابحثوا عن حل آخر، أي عن وطن آخر.




وفي وسع الشيخ نعيم أن يتفقد لوحات الجلاء في نهر الكلب، ليعرف كم مرّ على لبنان من جيوش وهيمنات انتهت وبقي لبنان واللبنانيون. أيضاً في وسعه أن يتذكر كيف انتهت كل الصراعات الداخلية بين اللبنانيين بلا غالب أو مغلوب، وعلى كل حال، يمكنه أن يردّ الآن صراحة ومباشرة على سؤال وليد جنبلاط الذي وجّهه الى “حزب الله”:

“هل تريدون تثبيت الطائف، المدخل الوحيد الى الاستقرار، أم تريدون شيئاً آخر”؟

في أيّ حال، يعرف الشيخ نعيم في النهاية أن لبنان ليس ولن يكون إيرانياً، بل هو بلد عربي، وأن في تاريخه كبلد حضاري تعدّدي تعايشي، بصمات مؤسِّسة وبارزة لقادة من رجال الطائفة الشيعية الكريمة، وأن هناك الآن تحديداً في عمق الطائفة الشيعية من يستغرب سماع دعوة من لا يقبل لبنان مقاطعة إيرانية، للبحث عن بلد آخر، ويعرف الشيخ نعيم جيداً، كما يعرف النظام في طهران، أن الشعب الذي يتظاهر معارضاً في إيران، لم ولن يبحث عن وطن آخر غير إيران بل عن نظام آخر، نظام يعرف جيداً أين تبدأ حدوده الجغرافية وأين تنتهي، ويحترم قواعد العلاقات بين الدول، فقد ولى زمن الأمبراطوريات، سواء تلك التي كانت تُرسم بقوّة السيوف، أو التي يحاول النظام الإيراني أن يرسمها الآن بتعطيل الأنظمة والحكومات وشلّ عمل السلطات، والتلويح بمئة ألف صاروخ على ما يجري في لبنان، أو برفض نتائج الانتخابات وتعطيلها على ما يجري في العراق، أو بقوة الدرون أو على ما يجري في اليمن، أو حتى بإمتلاك القنبلة النووية.

لا، لم يعد الزمن لسهر الأنظمة على صنع القوة ومراكمة السلاح والصواريخ، طمعاً بالتوسّع والهيمنة والحديث الواهم عن جغرافيا تتصوّر أنها ستسيطر على المنطقة، وهو ما تعلنه طهران صراحة، بل لصناعة النموّ والازدهار والتقدم الاقتصادي، ففي 24 أيلول الماضي قال العميد علي فدوي نائب قائد الحرس الثوري “إن تدخّل إيران في أي مكان يجلب الأمن، والدليل اليمن وسوريا”، عجيب، ولكن ما زالت القهقهة تضج في المنطقة من هذا الكلام!
لا يا شيخ نعيم وبكل هدوء: لن يبحث أحد من اللبنانيين وخصوصاً من أشقائنا الشيعة وفي عمق الضاحية، عن حل أو بلد آخر، بل ينتظرون عودتكم أنتم الى لبنان.