نبيل بومنصف - النهار

أدهشونا بعد… بتشريع مشبوه! – نبيل بومنصف – النهار

في غمرة هبوط لم يعرف #لبنان مثيلاً له في تاريخه وتترجمه وقاحة متفجّرة في السياسة كما في الإعلام كما في كل مجالات العمل العام والخاص، صرنا نحاذر أكثر فأكثر التورّط في مقاربات حيال القضايا الأشدّ قسوة على اللبنانيين لفرط ما يتعرّضون في يومياتهم لـ”جلد” التنظير على ألسنة أفواج “الخبراء” عبر الشاشات والمواقع، سواء كانوا خبراء أصيلين أو منتحلي صفة.

ومع كل الحذر الذي توجبه المعايير العلمية في مقاربة مسائل مالية بالغة الدقة في التأثير على شعب تحوّل الى أكبر ضحيّة في العالم من جرّاء أعتى جريمة ارتُكبت بحقه في المصارف وجعلته يفتقر تماماً بين ليلة وضحاها، ترانا لا نتمالك أنفسنا عن مقاربة عملية التشريع النيابي والحكومي برمّتها للقضايا التي تتصل بالانهيار المالي.




ذلك أن المجريات التي تتصل بمشروع “الكابيتال كونترول” المتنازع عليه عبر اللجان النيابية والمطروح منذ سنتين حتى الساعة ولا ندري هل ستكون له نهاية ما لمصلحة المودعين الضحايا… هذه المجريات لا يصحّ فيها إلّا أنها تنضح تماماً بكل الشهيّات الشرهة لإعادة الانقضاض على الناس بكلّ وجوه الوقاحة المفتقدة للضوابط الموضوعية في التشريع التي تخدم الناس. لسنا معنيين إطلاقاً بأيّ موقف سياسي لأيّ كتلة نيابية أو حزب مناهض لمشروع طُرح أخيراً وقيل فيه ما لم يقله مالك في الخمرة، فكلّ المناهضين كما كلّ المؤيّدين هم الآن، في هذه اللحظة الانتخابية تحديداً، عرضة للاستعراضات الشعبوية التي تستغلّ كل شاردة وواردة للتوظيف الانتخابي في مجتمع انهارت كلّ مقوّماته على أيدي معظم الطبقة السياسية الراهنة. وما دامت محاكمة هذه الطبقة والمتسبّبين بانهيار لبنان وإفقار اللبنانيين وتهجير مئات الألوف منهم مجدّداً في أوسع هجرة جديدة، مستحيلة كما نجزم بذلك، فإننا نجد السؤال مشروعاً وملحّاً عن طبيعة ما يُطبخ لنا مجدّداً كمواطنين ضحايا في سياق تلقي انعكاسات جديدة وإضافية لمشاريع واقتراحات مشبوهة كمثل ذاك المشروع الشبح لـ”قص شعر” ودائع مدفونة لدى المصارف، الذي قيل لنا إنّه هبط من علٍ على اللجان “البريئة” وهي منه براء. لا نظنّ أن أحداً يمكنه أن يلوم لبنانياً ضحيّة للانهيار الذي افترسه إن هو أسقط تصديق كل هؤلاء النشامى زاعمي العمل التشريعي من أجل مصالح الناس، مهما كان موقعهم ومهما تفاوتت مواقفهم بين يوم وآخر في لعبة تقاسم الناس.

والحال أن صدقية مجلس النواب الحالي سقطت تماماً وسُوّيت بالأرض مهما تفنّن كلّ من تسوّل له نفسه بعد تجربة استغلال الانهيار لخدمة المصارف وحمايتها أو للزعم أنه يدافع عن بقايا أمل للناس في استرداد جنى العمر الذي دُفن مع ودائع رهينة في المصارف.
لم تعد العملية التشريعية بمجملها أفضل حالاً من طبقة سياسية مشبوهة بل مصنّفة بأنّها الأسوأ في تاريخ لبنان لأنها، مع تعميم قد يكون ظالماً في بعض جوانبه، قادت لبنان في ظلّ هذا العهد بما يتحمّله وبما تراكم عليه من سوابق، الى أسوأ مصير. مع كلّ هذا لا نملك سوى الاندهاش من تلقي وقائع كتلك التي ينسلّ بها مشروع مشبوه جديد من هنا أو هناك أو تسلل تسريبات تتحدّث عن “مقايضات” تُطبخ في كواليس القصور على طريقة “الحديد بقضامي” بين “الزعامات” المزعومة.

ماذا وفرتم لنا بعد للاندهاش تباعاً؟