
روزانا بومنصف – النهار
يحاول رئيس الجمهورية العماد #ميشال عون احياء العظام وهي رميم. انتهت ورقة صهره في الرئاسة اللبنانية كما انتهت ورقته هو بما اصبح عليه لبنان في عهده حتى لو رمى التهم والمسؤوليات على غيره رافضا تحمل المسؤولية عن الانهيار فيما يعلن مسؤولية حاكم مصرف لبنان عن المال المفقود كما قال. تقول مصادر سياسية ان عون يستدرج القوى السياسة لان تدلي بدلوها في موضوع تلويحه باحتمال بقائه في قصر بعبدا كما في رفض تسليم البلد الى الفراغ علما انه لم يمانع ذلك في ٢٠١٤ حين حال ولمدة عامين ونصف دون انتخاب رئيس للجمهورية حتى انتخابه هو . يرجح البعض الا يعطى هذه الورقة التي يرغب في الاستفادة منها من اجل تسعير الاستهداف الطائفي والشخصي قبل الانتخابات النيابية فيما ان لا شيء ملحا الا على هذا الصعيد. فالبازار الذي يفتحه على هذا الصعيد مبكر نسبة الى انتخابات رئاسية لا تلعب فيها الاعتبارات المحلية وحدها دورا كبيرا بل الاعتبارات الخارجية فيما ان الكثير من التطورات مرتقبة اقليميا ومحليا حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد ١١ شهرا. ولكنه يطرح نفسه لاعبا ومقررا متجاوزا كليا حال الانهيار على قاعدة ان خليفته هو من سيتولى اعادة البناء التي لم تتح له حسب ادبياته على عكس المسؤولية التي يفترض ان يتحملها بموقعه وصلاحياته واتاحة المجال لصهره ان يلعب دور رئيس الظل المقرر احوال البلاد. ولا يلام عون في هذه المقاربة بالاستناد الى تجربته باعتبار ان ورقته كانت انتهت في العام ١٩٩٠ ولكنه عاد في ٢٠٠٥ ليسجل انتقاما مدويا على هذا الصعيد وهو ما يعني ان لا نهاية حتمية او نهائية في السياسة ولا احد يمكن ان يجزم بالنهايات السياسية ولكن فرصة صهره في الانتخابات المقبلة التي يريد ان يضمنها له راهنا فيما هو لا يزال في الرئاسة ويملك اوراقا يستطيع المقايضة بها ، لا تبدو متاحة اطلاقا اقله بالاستناد الى رفض قاطع خارجي غير قابل للتنازل اقله حتى الان ورفض داخلي شبه شامل كذلك الى جانب الرفض على المستوى الشعبي.
يقول ديبلوماسيون ان ورقة عون وتياره في الرئاسة قد انتهت ولبنان يحتاج الى رئيس مختلف فيما ان دول العالم صبرت كثيرا على لبنان في هذا العهد وتحتاج الى لملمته من خلال ارضاء دول المنطقة من اجل اعادة تأمين انخراطها في لبنان فيما لا تستطيع لا الولايات المتحدة ولا فرنسا ان تستمرا في جعل لبنان بين اولوياتهما وتحتاج كل منهما الى ان تحمل الدول الخليجية معهما اعباءه فيما ان اي دولة لم تعد مستعدة لكفالة لبنان من دون مقابل او ان تعطيه شيكا على بياض. وبعض سفراء الدول المؤثرة لا يرون كيف يمكن التسويق لاي مرشح لا تقبل به القوى السياسية الاساسية ويقف معها على نقيض خلافي كبير ساهم في زيادته في كل مناسبة فيما لا يحظى كذلك باي ود او قبول شعبي لا بل يعتقدون ان ” حزب الله” يستطيع ان يتولى تسويق هذا المرشح في حال تبنيه في ظل العدوانية التي بات عليها الحزب في نظر غالبية الافرقاء اللبنانيين على قاعدة ملاحظة العناوين المتزايدة حول العمل من اجل ازالة ما يطلقون عليه ” الاحتلال الايراني ” للبنان. ويتم التعامل مع الانتخابات الرئاسية من دون الاخذ في الاعتبار ما يمكن ان يصبح عليه الوضع اللبناني من صعوبة إذا ظل استرهان الحكومة لمطالب تطيح التحقيق في انفجار المرفأ وكذلك إذا استمرت القطيعة الخليجية.
واذ ترى هذه المصادر ان لبنان يدفع نحو مجموعة ازمات لا يمكن فكفكتها بل توضع على قاعدة سلة متكاملة يجري فيها المقايضة على رئاسة الجمهورية من بين امور اخرى، فان الامر لا يبدو بالسهولة المفترضة سواء كان الامر ينطوي على تلاق فاتيكاني فرنسي واميركي ضمنا يحاول ان يؤمن انخراط المملكة السعودية من ضمن صيغة المحافظة على لبنان وعدم انتهائه علما ان هذا الانخراط لا يبدو متاحا في الافق المنظور ، او ينطوي على التفاوض مع ايران على الوضع في لبنان، وهذا امر لن يقدم اميركيا لايران ، او جعل ايران تجلس الى طاولة يبحث فيها الوضع اللبناني. فموضوع التفاوض الاميركي مع إيران حول الملف النووي مشكلة في حد ذاتها ولكن موضوع التعامل الاميركي مع ” حزب الله” في لبنان لا يتصل بان الحزب تنظيم يستقي مقومات وجوده واستمراريته من طهران فحسب بل هناك تاريخ مع الحزب وموضوع الاخير مع اسرائيل ايضا. وجزء من هذا الواقع يلاقي الصدى نفسه لدى الدول الخليجية ولا سيما لدى المملكة السعودية في حين ان هذه العناصر أضعف لدى الفرنسيين مثلا لان تفجير الحزب لمقر الدراكار اي القوات الفرنسية لا يسكن اللاوعي الفرنسي كما يسكن تفجير ثكنة المارينز في بيروت اللاوعي الاميركي. ولذلك كان الاختلاف بين فرنسا التي تنفتح على الحزب من اجل ايجاد حل في لبنان وبين الولايات المتحدة التي لم تر ذلك واثبتت تجربة العامين الماضيين صحة وجهة النظر الاميركية على الاقل مع تعطيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد اطاحة فرصة تأليف حكومة مع الرئيس سعد الحريري. فيما ان العقوبات الاميركية في حد ذاتها قد لا تكون خدمت وجهة النظر الاميركية جدا او كما ترغب الولايات المتحدة الاقتناع بل ساهمت في تقوية الحزب على حساب اضعاف الافرقاء الاخرين. ولكن هذا موضوع اخر.