ميقاتي: الحكومة باقية… ولن أستفزّ أحداً

رضوان عقيل – النهار

لا أحد يحسد الرئيس #نجيب ميقاتي على حال حكومته، مع أنّه كان يعرف في الأصل أنّ طريقه إلى السرايا لن تكون معبّدة، جرّاء جملة من الألغام المزروعة في الأصل والتي تعترضها. وكان الجميع يعرف أنّ التحقيق في تفجير مرفأ بيروت سيكون حاجزاً رئيساً أمام الحكومة. وعلى الرغم من كلّ هذه التحدّيات والمعوقات، فضلاً عن المالية والاقتصادية والمعيشية، يقول الرجل إنّه مستمرّ في تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقه، ولن يستسلم أمامها. وما لا يقوله إنّه من موقعه في الإمكان أن يكون “نقطة توازن” بين الأفرقاء والعامل على التوفيق في ما بينهم. ولن يذهب إلى أيّ مشكلة أو يتسبّب بها، ولاسيّما أنّ البلد لا يتحمّل أيّ خضّات أو اهتزازات أمنية.




وفي ظلّ المعضلة القضائية المفتوحة بين الأفرقاء، لا يخرج رئيس الحكومة عن التسليم بحسن سير المؤسسات القضائية من دون أيّ تدخّل واحتراماً لمبدأ فصل السلطات. وهو على إيمان أنّه عند وقوع شوائب في هذا السلك، فإنّه قادر على “تنظيف نفسه بنفسه”. ويعطي مثلاً بأنّه إذا كان على خلاف مع شخص أو جهة ما، فلا يوجد سوى القضاء للبتّ في هذا الموضوع. وكان لميقاتي تركيز على هذه المسألة الحسّاسة مع وزير العدل #هنري خوري، وكبار أركان العدلية في البلد، في اجتماعه معهم الأسبوع الفائت. ويذكّر هنا بالمحكمة العليا المتمثّلة في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ويبدو بطريقة غير مباشرة وليس من باب التدخّل، أنّ هذه المحكمة هي التي تحاكم هؤلاء مع دعوته إلى أخذ هذا الأمر في الاعتبار. ويدعو المعنيين في هذا الميدان إلى اتّخاذ قرار – حيال القاضي #طارق البيطار – مع تشديده على احترام الدستور الذي يعلو على القضاء. ويرفض في الوقت نفسه فرض أيّ إملاءات على المسار القضائي وفي أيّ ملفّ كان.

وقبيل أحداث #الطيونة وما رافقها، كان الوزير خوري يبحث عن التوصّل إلى صيغة مثل إنشاء هيئة اتهاميّة عدلية استثنائية في جلسة البرلمان اليوم، ويكون من اختصاصها النظر في قرارات المحقّق العدلي، وأعلن للرئيس #نبيه بري براءته منها، ولم يستقبلها بارتياح خشية أن تفتّش مثل هذه الهيئة عن إيجاد مخارج لمذكّرات التوقيف فقط، وتؤثّر على موقع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وتهميشه، في وقت تدعو حركة “أمل” و”حزب الله” إلى استبدال البيطار ومنعه من مواصلة مهمّاته في التحقيق، وهذا ما شدّد عليه المكتب السياسي للحركة في اجتماعه أمس، الذي وصف أداء البيطار بـ”الاستنسابي المشبوه”. وردّاً على سؤال لـ”النهار” للرئيس ميقاتي عن الهواجس الموجودة عند الحركة والحزب وجهات أخرى حيال البيطار؟ يردّ ميقاتي هنا: “لا بدّ في النهاية من عدم التهرّب من إظهار الحقيقة. وعند اتّخاذ أيّ مكوّن سياسيّ موقفاً من الحكومة أتوقف عند معطياته ومناقشته من كلّ جوانبه”. في غضون ذلك لن يدعو “حتماً” إلى جلسة وزاريّة، “إذا لم يكن هذا المكوّن مشاركاً، حتّى لو توفّرت الأغلبية الوزارية، ولا يمكن أن أستفزّ شريكي في المواطنة. وما أقوله يعبّر عن ضميري واقتناعاتي الوطنية”. ولن يبخل بطريقة “لإمكانية التوصّل الى حلّ يساعد على الخروج من الأزمات المطروحة”. ويعرّج على ما حصل في الطيونة “مؤسف جدّاً ولكنّنا لمسنا أنّ الجيش سيطر على الوضع، وهو حامي الوطن، وهو لا يرفع شعاراً إلّا ويطبّقه بالفعل بحكمة قيادته وجنوده”.

وفي خضمّ كلّ هذه المشكلات والردود السياسية والإعلامية، فإنّ الحكومة باقية ومستمرّة، بحسب ميقاتي، على كلّ الاصعدة بدءاً من صندوق النقد الدوليّ، زائد خطّة الكهرباء، بغية الحدّ من التقنين وزيادة ساعات التيّار الكهربائيّ. وسيلمس المواطنون هذا الأمر قبل نهاية السنة الجارية، “ولا أحد يشلّنا، أمام كلّ هذه الملفّات التي نقوم بمعالجتها. وتنتظرنا سلّة من المهمّات التي تنتهي عند موعد الانتخابات النيابيّة”.

ومن جهة أخرى، يرفض رئيس الحكومة كلام البعض ولاسيّما في الأيام الأخيرة، أنّ الأحداث الأخيرة تهدّد مصير الانتخابات النيابية. ويعلّق هنا بأنّه يمثّل السلطة التنفيذية ولن يتهاون حيال الواجبات المطلوبة منه، وأنّ الاستحقاق المقبل سيجرى وفق القانون الساري، أو ما سيخلص إليه مجلس النوّاب – في جلسته اليوم – في حال إقدامه على إجراء تعديلات في القانون، و”يبقى البرلمان سيّد نفسه. وأنا من جهتي ألتزم القوانين المرعيّة، ونقطة على السطر”.

من هنا يواصل ميقاتي استثمار كلّ قدراته المحلية بغية تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، وإن لم تكن مهمّته سهلة في ظلّ كيفية التفتيش عن مخرج قضائي في مسألة القاضي البيطار، الذي ارتفع منسوب الاعتراض عليه من ثنائي “الحركة والحزب”، أكثر بعد سقوط ضحايا واقعة الطيونة. وإذا كانت الحكومة قد بدأت اتّصالاتها مع صندوق النقد الدوليّ، الذي يوليه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي العناية المطلوبة، فإنّ معلومات تفيد أنّ رحلة لبنان مع هذه المؤسسة الدولية لن تنتهي في أسابيع قليلة، وأنّ التوقيع النهائي للخلاصة بين الطرفين التي سيتمّ التوصّل إليه لن يبصر النور في ظلّ الحكومة الحالية، في انتظار ولادة برلمان جديد لتتحمّل مكوّناته مسؤولية الإقدام على تطبيق الشروط التي ستوضع على البلد لقاء الأرقام الماليّة التي سيحصل عليها.