هكذا بتبسيط مذهل وفي مواكبة الهجوم الصاعق الذي قاده “#حزب الله” على مجمل بقايا الدولة والقضاء جارفا معه حكومة غضة بالكاد تتلمس طريقها المتعثر في بداياتها، تصاعدت نبوءات الحرب الاهلية وعززها اشتباك #الطيونة في بلد بالكاد يملك معظم ناسه ثمن ربطة خبز فمن اين يأتون بعدة الاقتتال والاحتراب الجديدين!
هذا التبسيط المخيف في “ادبيات” التهويل بحرب أهلية والذي تسببت به ثقافة فريق لا يرعوي كلما أراد توسيع هيمنته على الدولة والسلطة وسحق أي “نشاز” خارج على هيمنته، لم يقف عند حدود مطلقيه بل يتسع لفئات وجهات واعلام وصحافة ووسائل تواصل اجتماعي باتت تخدم مع “الجيوش” التي تتناوب عليها في التحريض غرف عمليات المؤامرات. نتساءل امام هذه الفورة السريعة المتصاعدة في تلقف التهويل الذي أراد من خلاله الفريق الناهد إلى إطلاق رصاصة الرحمة في رأس القضاء كلا وعبره الاجهاز النهائي على التحقيق العدلي في أعتى الانفجارات التي ضربت لبنان، هل يقف الهدف هنا فقط ام حان الوقت للخطوات الحاسمة للامساك بقرار البلد إمساكاً قاتلا من خلال تضخيم هستيري لمسألة المحقق العدلي وتهديد السلم الهش؟
الحال انه لم يعد مهما التبحر في الأهداف المباشرة وغير المباشرة، العلنية والمستترة، لهذا التصعيد الجنوني الذي يتقاسمه الفريق الممانع بكل عدة شغله، سياسيا وحكومياً وحزبيا واعلاميا ومن ثم شارعيا، لان الامر الواقع الذي سارع إلى خلقه وتضخيمه في اقل من يومين باتت معه البلاد بأسرها معنية باستدراك التهويل والتخويف بانهيار أمني أين منه الانهيارات المتعاقبة منذ سنتين.
حتى اننا نتساءل في هذه اللحظة حصرا، هل الذكرى الثانية لانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 التي نحن في عشيتها، وهي أكبر الانتفاضات الاجتماعية التي شهدها لبنان في تاريخه، حفزت الفريق الأكثر تحسسا والاشد عدائية حيالها منذ ولادتها وحتى الساعة، على الانتقام منها بدفع البلاد إلى متاهات التخويف والتهويل بحرب أهلية متظللا بتخوين المحقق العدلي ومعه القضاء برمته؟
أيا بلغت براعات هذا الفريق الدعائية في تسويغ الانقضاض على الاستقرار الداخلي وإعادة شحذ الذاكرة اللبنانية المنهكة بذكرى انقلابات وعمليات مسلحة وترهيبية لا تزال ترسم معادلات الخلل الهائل في كل نواحي الدولة والسياسة والقرارات المصيرية، فاننا قطعا لا يمكن ان نتجاهل توقيت هذا الانقضاض الان وتزامنه مع ذكرى انتفاضة 17 تشرين خصوصا ان حبل الصرة معقود طبيعيا بين حدث الانتفاضة والآتي من الاستحقاقات وفي طليعتها الانتخابات النيابية المقبلة. هذا الذي جرى في انتخابات العراق، وان لم يكن بمستوى انقلابي ساحق، ليس قليلا اطلاقا في الضربة التي تلقاها “التوأم الشقيق” هناك للفريق الممانع في لبنان وأيقظ لدى هذا الأخير كوابيس “أمركة” الخصوم السياسيين والمنافسين الانتخابيين من القوى المناهضة التقليدية له كما من الجماعات الطالعة من الانتفاضة. سيكون من دواعي سرور الكثيرين في هذا الفريق المتوجس جدا من انتخابات لا يمكن لأحد التكهن بما ستطلقه من تفلت في شتى الساحات الطائفية والاجتماعية، ان تبدأ عملية متدحرجة للإطاحة بها كما بكل بقايا الدولة التي بالكاد تقوى رموزها من العهد والحكومة الغضة على احتواء هجوم آسر على التحقيق العدلي للإجهاز عليه. واما التبشير بالحرب الاهلية فمسألة مختلفة، تستدعي السؤال هل فعلا ثمة من يتهافت على الانتحار بدءاً بما جرى البارحة في الطيونة؟