أخيراً ولدت ل#لبنان حكومة جديدة. في بلد ديموقراطي كالذي ندعيه، فإن ولادة الحكومة أمر روتيني وهو واجب وطني يحاسب بالقانون وأمام الرأي العام من يؤخر هذا الاستحقاق أو يعطله. وعندما تكون القوانين واضحة وصريحة، فإنها تطيح تلقائياً المعطلين والمخربين. يلفظهم المجتمع قبل الصيغ القانونية.
في لبنان كل شيء مختلف. المعرقلون هم أصحاب القرار، وبغطاء شعبي يوفر لهم عادة انتخابهم مرة بعد مرة، فلا تبرز لديهم الحاجة إلى إرضاء شعب ناقم، لأنه غير ناقم إلا أمام الإعلام وفي الصالونات. بات يتقبل الذل اليومي في كل مجالات الحياة ويتعايش معه.
اليوم ولدت حكومة جديدة رافقها الكثير من التعليقات، وقد تكون محقة، وأعجب لوزير يرفض اعتبار الحكومة محاصصة سياسية، كأنه يدفعنا إلى الخروج على الواقع المعاش والمعروف، والذي جعله، كما الاخرين، وزراء ضمن تركيبة ثلاث ثمانات!!.
لكن الواقع يفرض علينا عدم تحميل الحكومة الوليدة كل أعباء البلد دفعة واحدة، لأنها تفتت جبالا، بل على الحكومة التي تنطلق اليوم، وضع برنامج عمل يتضمن الاولويات ليس أكثر. والاولويات كثيرة والمشاكل ملحة، وإذا كانت النية (ربما) موجودة، فإن الإمكانات غير متوافرة، والمكونات السياسية المقبلة على انتخابات، تختلف بعض حساباتها، قد تكون مضطرة سواء للمضي بخطط إنقاذ او البقاء في الذهنية الخدماتية نفسها، تلك التي أفلست الدولة بعدما نهبت خيراتها وسرقت ودائعها.
لا نريد الدفاع عن الحكومة وتبرير تقصير مفترض سابق لأوانه، لكننا من باب المسؤولية الوطنية لا نطمح إلى إفشالها، بل إلى مدّ اليد لها، عسى أن يكون في تعاون وزرائها مع أهل الاختصاص والجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية، ما يعود بالفائدة على بلد سقط في الجحيم فعلاً لا قولاً، لأن ما نعيشه وكل اللبنانيين حالياً، لا يقبله عقل ولا منطق، اذ فيه عودة نحو قرن إلى الوراء، وأما نصائح بعض الوزراء في شتى المجالات فهي لا تساعدهم في كسب الثقة المسبقة، بل لعلّ من الأفضل ان يحتفظوا بها لأنفسهم ريثما يتسلموا حقائبهم ويدرسوا ملفاتهم، لأن التصريحات المتسرعة وعدم استنكار وقائع معينة حدثت مع البعض منهم، إنما ترسم صورة قاتمة لهم، ولا تساعد في إطلاق العجلة الحكومية.