
راجح الخوري – النهار
خرج الرئيس #نجيب ميقاتي من الإستشارة مع الرئيس #ميشال عون واكتفى بالقول: “راجع”. إذاً اهلاً وسهلاً بك في هذه المهمة المستحيلة التي ليس من الواضح لا كيف ستبدأ ولا كيف ستنتهي، خصوصاً في ظل ما سبق ولحق الإستشارات من أنباء وتسريبات، لا تتصل بعملية #تشكيل الحكومة وعلى أي أساس يجب فهم الدستور، ويحدد الخط الفاصل بين مسؤولية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وعندما خرج سعد الحريري بعد ميقاتي، قال انه سمّاه “على أساس متابعة المسار الذي اتفقنا عليه في اجتماع بيت الوسط”، وهنا يستطيع المرء من خلال تصريح الرئيس فؤاد السنيورة بعد ذلك الاجتماع، ان يفهم ان لا فرق بين المسار الذي انتهى باعتذار الحريري بعد تسعة اشهر، والمسار الذي يفترض ان يسلكه ميقاتي، الذي قيل انه ان لم يوفق في التشكيل قبل الرابع من آب المقبل فإنه سيعتذر ايضاً.
والمسار معروف تماماً ويتصل بعدد وزراء الحكومة وبطريقة توزيع حقائبها وبقصة الثلث المعطّل الذي يتمسك به عون، وايضاً بتقاسم تسمية الوزراء المسيحيين، وبحصة عون الذي كان يرفض ان يكون هناك حصة للرئيس في السابق، وبمن ينال حقيبتي الداخلية والعدل، وبتسمية الأفرقاء وزراءهم او عدم تسميتهم، وما هو معيار الوزير المختصّ.
وفي هذا السياق، فإن السؤال بسيط وواضح، اولاً هل سيتخلى عون عن شروطه ويعطي ميقاتي بالتالي ما رفض ان يعطيه للحريري الذي شنّ عليه حرباً شعواء مدى تسعة اشهر والبلد ينهار ويجوع ويذهب الى جهنم؟ وثانياً هل سيقبل ميقاتي بأقل من شروط المسار المذكور، ليكون بمثابة بروتوس السنيّ يطعن في الظهر زملاءه الذين اجتمع بهم في “بيت الوسط” واتفق معهم على متابعة هذا المسار، ويقامر بالرأي العام السنّي الذي لن يرضى له القبول بما رفضه الحريري؟
في أي حال، تم في اليومين الماضيين تسريب كلام يعبق برائحة بعبداً، ومفاده ان الخلاف بين عون والحريري، لم يكن حول بنود هذا المسار كما وردت أعلاه، بل على مسألة “التدقيق الجنائي”، التي تقول تلك المصادر ان الحريري، كان يتمسك بالتمهل فيها رغم ان عون طلبه منه تكراراً، بينما قيل ان اتصالاً غير مباشر جرى بين عون وميقاتي قبل يومين، قال فيه عون ان لديه شرطاً واحداً، هو التزام حكومته “التدقيق الجنائي” فور تشكيلها، وفي المقابل فإنه مستعد ان يعطيه ما لم يعطِه للحريري.
امام هذا التسريب الغريب العجيب، من حق المراقب ان يتساءل: هل كان صعباً على عون القول للناس ان الحريري يرفض “التدقيق الجنائي”، وهو الذي اتهمه بأنه كذاب واكثر، فمن أين تأتي هذه “الأرانب” الآن؟ ثم هل قرأ عون ما قاله تياره عن ميقاتي عندما وصفه بأنه مرشح الأميركان والمنظومة الفاسدة، وان عليه شبهة الإثراء غير المشروع، وان الشعب لن يقبل بشخص لديه هذه الإرتكابات، مذكراً بقروض الإسكان والـ 500 دولار لتأسيس الخليوي خلافاً للقانون، وما الى ذلك؟
فعلاً هل قرأ عون كلام تياره عن ميقاتي، الذي يعني وفق “التدقيق الجنائي”، ان عليه ألا يذهب الى السرايا ويشكّل حكومة بل ان يتجه، قياساً بهذه الاتهامات العونية، التي يفترض ان ميقاتي قرأها، الى التحقيق والمساءلة. ثم من اين جاء ميقاتي بالحديث عن انه يملك ضمانات دولية وإقليمية ومن الواضح ان لبنان صار على رف النسيان، واي دعم يأتي يخصص للجيش ومباشرة للشعب الجائع؟
راجع يا دولة الرئيس؟ إذاً خذ معك الكثير الكثير من الحبوب المهدئة للأعصاب!