مرجعية مجلس النواب على المحك

علي حمادة – النهار

بين الامس عندما تليت رسالة رئيس الجمهورية امام مجلس النواب ، و اليوم عندما يعود المجلس للإلتئام من اجل مناقشة الرسالة ، ينغمس الطاقم السياسي في لبنان اكثر فاكثر في دوامة التفاهة السياسية . فالخلاف الذي استعر حول تشكيل الحكومة مدى ثمانية اشهر ،مما ابقى البلاد رهينة صراع على الحصص ، و النفوذ ، والتموضع ، والمستقبل السياسي الخاص لهذا و ذاك ، اسهم في تعميق الازمة الاقتصادية و المالية في البلاد ، وفي دفع دول العالم الى اليأس من إمكانية مساعدة بلد لا يريد حكامه له ان يخرج من هذا النفق المظلم . و بصرف النظر عن حجم مسؤولية كل طرف في النزاع المميت للبلد ، يمكن القول ان اللجؤ الى مجلس النواب ، والاحتكام اليه في ازمة تشكيل الحكومة ، يمكن اذا احسن رئيس مجلس النواب إدارة اللعبة البرلمانية ان يفتح كوة في جدار كثيف من التفاهة السياسية المستحكمة الطاقم الحاكم إياه. فرسالة رئيس الجمهورية التي يريد منها ان يحشر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ، يجب ان تناقش .
لكن ما هو اهم من المناقشة هو ان الاحتكام الى مجلس النواب لفض المشكلة و فك اسر البلاد من هذه الحالة العدمية ، على قاعدة ان مجلس النواب هو ام المؤسسات الدستورية، و اليه يعود امر تفسير النصوص الغامضة في الدستور ، ولا سيما ان دستور الطائف مليء بثغرات وبنود غامضة ، تحتمل التأويل ، بما يمكن الأطراف السيئة النوايا في لعبة تطبيق الدستور ، من استغلالها في اطار العرقلة من هنا او من هناك . لا بد من الخروج من الحلقة المفرغة عبر الاندفاع الى تفسير النصوص الدستورية ، وأهمها المادة المتعلقة بصلاحية الرئيس المكلف ، وعبارة ” بالاتفاق مع رئيس الجهورية ” التي يجب ايضاحها مهما كلف الامر .




ان مجلس النواب لا يمكنه ان يبقي على هامش ازمة لا سقف لها ، و لا ضوابط ، الامر الذي سيؤدي ف ينهاية الامر الى مركمة الانهيارات على كل الأصعدة . فليحسم مجلس النواب هذا الخلاف في تفسير الدستور بما يتعلق بدور كل من الرئيس الكلف تشكيل الحكومة ، و رئيس الجمهورية .

طبعا نحن نفضل ان يوقع رئيس الجمهورية على تشكيلة الرئيس المكلف التي وضعها بين يديه في التاسع من كانون الأول ٢٠٢٠ ، وان يحتكم الى مجلس النواب في جلسة الثقة ، فإما ان تنجح في امتحان الثقة او تسقط هناك . لا ان نبقى ندور في الحلقة المفرغة إياها ، واللبنانيون رهائن لعبة الموت التي تلعبها الأطراف المتصارعة ، فيما ينهار البلد ، و معه النظام ، الى ان لا يعود للدستور والنصوص الدستورية من معنى إزاء الكارثة التي تصيب كل لبناني .
على رئيس مجلس النواب ان يحاول الدفع في اتجاه تفعيل دور المجلس لحسم الخلاف . و لا حاجة لتعديل الدستور ، بل ان المجلس يستطيع ان يفسر مادة غامضة ، و هو المرجع الصالح لفعل ذلك . من هنا فإن مرجعية مجلس النواب هي #على المحك اليوم .

قد يخشى رئيس مجلس النواب من الذهاب بعيدا في ما نقترح مخافة ان تنقسم البلاد اكثر مما هي منقسمة ، او يفضي تفسير مادة دستورية لحسم خلاف و تسيير أمور البلادو العباد الى انفجار ازمة سياسية طائفية لا سقوف فوقها .

في هذه الاثناء يمكن لنا ان نلمس كيف تدور كل هذه الخلافات تحت سقف الطرف “الناظم ” الذي يتفرج بفرح على انهيار النظام ، والصيغة ، والتوازنات ، والمؤسسات بيد أبنائها ، بما يعبد الطريق امام مشروعه الذي يريد اقامته على انقاض لبنان الذي يحتضر اليوم امام اعيننا.