إحراق المخيم يبدو كمقدمة لحالة من الفوضى الأمنية والاجتماعية بدأ يعيشها لبنان

تفاعلت قضية إحراق خيم النازحين السوريين في منطقة بحنين شمال لبنان، على المستويات الرسمية والشعبية بعدما أقدم عدد من الشبان على حرق أكثر من مئة خيمة تقطن فيها عائلاتٌ سورية ما أدى تشريدهم إلى أماكن متفرقة، وإلى إصابة عدد كبير من النساء والأطفال بحروق وجروح جرى نقلهم إلى المستشفيات للمعالجة.

كما أثارت الاعتداءات التي تعرض لها مخيم بحنين اهتمام منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وسارعت لإنقاذ وتأمين المساعدات الاغاثية للنازحين السوريين .




امرأة سورية نازحة، جلست فوق بقايا خيمتها المحروقة في مخيم بحنين، انهمر الدمع من عينيها وهي تطلب الطعام وتطلب مكاناً يؤويها مع أطفالها الثلاثة، قالت وهي تضع يدها على وجهها «معي أولادي لا يتجاوز عمر الكبير منهم 7 سنوات، أين أذهب بهم الآن، الطائرات دمر بيتي في حلب، مات زوجي، والآن حرقوا خيمة كانت تؤويني أنا والأطفال…أين أذهب؟

واعتبرت المؤسسات والشخصيات والمنظمات في بيانات وتصريحات متفرقة، أن إحراق خيم النازحين السوريين جريمة إنسانية يحاسب عليها القانون وطالبت بمعاقبة الفاعلين.

وبالموازاة، بدأت المنظمات الدولية والمؤسساتُ التابعةُ للأمم المتحدة بمسح الأضرار والشروعِ بخطة لإعادة تأهيل البنى التحتية ضمن خطة طوارئ لتأمين عودة سريعة للنازحين بعد إتمام عملية تأهيل المخيم، فيما تكفلت جمعيات أهلية بتأمين أماكن لإيواء ثلاث وتسعين عائلة تضم أكثر من أربعمئة وستين شخصاً.

منذ اللحظة الأولى لاحتراق المخيم، برزت مبادرات عدة وفتحت منازل وفندق في شمال لبنان لاستقبال العائلات المشردة، كما ارتفعت الأصوات والمواقف الرافضة من المجتمع اللبناني على اختلاف فئاته الشعبية والسياسية، ومن أبناء منطقة المنية بشكل خاص والشمال بشكل عام.

يعتقد الكاتب والباحث السياسي الدكتور أحمد الأدهمي أن لاعتداءات اللبنانيين المتكررة على مخيمات النازحين السوريين أسباباً نفسية لها علاقة بما وصل إليه لبنان من انهيار مالي واقتصادي واجتماعي وسياسي وأمني.

وأكد الدكتور الأدهمي لـ»القدس العربي» أن اندفاع اللبنانيين نحو الهجرة، وارتفاع عدد الجرائم والسرقات وعمليات القتل الشخصي، شكل ظاهرة خطيرة تعبر عن مأساوية الأوضاع التي يمر بها لبنان، وحالة اليأس والإحباط التي يعيشها اللبنانيون بعد انهيار العملة الوطنية وارتفاع نسبة البطالة، وتفشي فيروس كورونا».

مضيفاً، وجاءت اعتداءات مواطنين لبنانيين على مخيم النازحين السوريين وإحراق خيمهم تعبيراً واضحاً عن حالة اليأس والأمراض النفسية التي يعيشها اللبناني، والعقلية التي بدأت تتحكم به، وطريقته في معالجة الأزمات اليومية التي يتعرض لها في سكنه وعمله.

وأعرب عن أسفه، لأن النازح السوري هو الأكثر ضعفاً وتهميشاً على الساحة اللبنانية، لذلك من السهل أن يكون «فشة خلق» للبنانيين. وختم الدكتور الأدهمي معتبراً الاعتداءات المتكررة على مخيمات النازحين السوريين وحرق خيمهم وتشريدهم مرة أخرى جريمة إنسانية، لكن يبدو أنها مقدمة لحالة من الفوضى الأمنية والاجتماعية بدأ يعيشها لبنان.

ويقدّر لبنان عدد اللاجئين السوريين في لبنان بحوالى 1,5 مليون لاجئ، حوالي مليون منهم مسجلون لدى مفوضية شؤون اللاجئين. ويعيش هؤلاء في ظروف إنسانية صعبة، فاقمتها الأزمة الاقتصادية التي عمقها تفشّي فيروس كورونا المستجدّ ثم الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/آب الماضي.

وشهد لبنان خلال السنوات الماضية بين الفترة والأخرى حملات عنصرية وخطاب كراهية ضدّ اللاجئين ودعوات إلى ترحيلهم، في عدد من المناطق، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي بات يعيشون فيها اللبنانيون معتبرين أنّ وجود اللاجئين يحمّل الاقتصاد عبئاً إضافياً.

وقضت النار على حوالي 100 خيمة في المخيم تقطن فيها عائلات سورية لاجئة، فيما كان قد سمع بعض الأصوات التي تشبه الانفجارات ناتجة عن اشتعال قوارير الغاز. وكان قد سجّل حادث مماثل في في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني في منطقة بشري، في الشمال أيضاً، حيث غادرت نحو 270 عائلة سورية البلدة خوفًا من أعمال انتقامية إثر اتهام شاب سوري بقتل أحد أبناء البلدة.