الرئيس المنسي – مروان اسكندر – النهار

رئيس الوزراء أصبح منسيّاً لدى اللبنانيين. والسبب الرئيسي للنسيان ان الرئيس دياب عبر عن الخطة التي كشفها بأنها أفضل دراسة اقتصادية اجتماعية انجزت في لبنان منذ السبعينات، والحقيقة ان الخطة لم تكن خطة ولا هي قابلة للتصحيح والتنقيح لتصبح خطة. فالذين وصفوا ما سمّي الخطة كانوا يقصدون الترويج لحكومة أعلن رئيسها انها ستحقق المعجزات خلال 100 يوم.

وهو في الواقع صدق حدسه. فالحكومة مضى على تشكيلها خمسة أشهر ولم تحقق انجازًا واحدًا. والخطة التي ابلغ عنها لم تحظ برضى المعلقين الاقتصاديين، وفريق صندوق النقد الدولي اعتبر ان وصف صفحات الدراسة العشوائية والمبسطة بالخطة نكتة سمجة تسهم في تأخير بت حاجات لبنان الملحة، وهذه الحاجات حتى تاريخه لم تحز عناية حقيقية وما دام الامر كذلك، لن تكون هنالك انتفاضة انشائية استثمارية في وقت قريب، لان شروط استقطاب اصحاب الاموال الى لبنان مفقودة. والكويتيون الذين استثمروا في لبنان وأنجزوا مشاريع متكاملة لاقامة عائلاتهم في مناطق جبلية جميلة، اقبلوا على التخلّي عن ملكياتهم بأسعار بخسة، واقبل اللبنانيون على شراء عقارات كان يملكها الكويتيون هربًا من مصادرة أموالهم وهم يدركون ان هذه الحكومة برئيسها وبعض مستشاريها يرغبون في تغطية عجزهم بمصادرة ودائع اللبنانيين، وهذا الامر يرجح ان يتأخر لأن نسبة ودائع المهاجرين الشيعة تبلغ 70 مليار دولار من مجموع الودائع الذي أصبح ما بين 130 و135 مليار دولار وهم حصلوا على هذه المدخرات بعرق الجبين وليس بمنافع غير مبررة وغير قانونية تحققت لمسؤولين في الحكم اللبناني.




أعجب ما يدفع اللبنانيين إلى التشكيك في كفاءة رئيس الوزراء انه لا يولي اهمية لتقارير الهيئات الدولية. فأول تقرير عن حاجات اصلاح الكهرباء أنجره عام 1999 البنك الدولي وقد أوصى بوضوح وتشديد بأن اصلاح الكهرباء وتأمينها بصورة اقتصادية ومستدامة يستوجب انجاز أربع مهمات على الأقل.

أولى التوصيات إنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء والمياه تكون صلاحياتها شاملة لانجاز دراسات الحاجات المستقبلية ووضع مواصفات معامل انتاج الكهرباء بما فيها اللقيم الأنسب… وماذا نجد بعد شعور الوزير الحالي بالضغط الشعبي والتشكي من حال الكهرباء البائس؟ تقديمه لائحة منتقاة للتعيين في مجلس الادارة، مع الاحتفاظ بمركز رئيس المجلس للمدير العام الحالي لمصلحة كهرباء لبنان. وعلى صعيد أهم، قدم الوزير اقتراحًا بتأليف الهيئة الناظمة، لم يأخذ طريقه الى الحياة حتى تاريخه. يُخضع مشروعه الهيئة الناظمة لقرارات الوزير، علماً بأن توصيات الهيئة الناظمة سواء من البنك الدولي، أو كهرباء فرنسا، هي واضحة وتصر على ان الهيئة هي المشرفة على مخططات الكهرباء ومشاريعها، وجميع اللبنانيين يعرفون ان حصر صلاحيات الهيئة يعني استمرار نزف الكهرباء، الذي تأخر قليلاً بسبب هبوط اسعار اللقيم في هذه السنة، ولو كان الوزير على يقظة لكان اختار شراء عقود مستقبلية بالأسعار المتدنية التي سادت منذ أربعة أشهر.

التوصية الثانية للبنك الدولي منذ 21 سنة كانت تأليف مجلس ادارة والذي حصل ان التشكيلة توافرت من الوزير وادعائه إجراء مقارنات لخبرة المعينين، وهذا امر لم تبرز مستنداته حتى تاريخه.

التوصية الثالثة انجاز غرفة تحكم بتوزيع الطاقة تسمح باستغلال كامل طاقة المعامل لكفاية الحاجات.

التوصية الرابعة فرضت تكليف شركات عالمية مهمة التحقق من حسابات مؤسسة كهرباء لبنان والتدقيق في بنودها، وهذه المهمة اصبحت اكثر الحاحًا لان وزيرة الكهرباء السابقة تعاقدت مع شركة جديدة لتشغيل معملي الزوق والجية، وطاقتهما تشكل 50 في المئة من طاقة الانتاج الحالية التي لا تؤمن حتى مع استئجار البواخر، وهذه العملية أجراها سابقًا الوزير باسيل، وتجددت بعد انقضاء السنوات الثلاث الاولى.

يجب ان يعلم رئيس الوزراء ان تمرير اقتراح الوزير حول الهيئة الناظمة في شكله المقترح الذي يوفر للوزير صلاحية الاشراف على الهيئة بدل العكس والذي هو السبب لانشاء الهيئة، يعني ان الحكومة مصرة على المضي في توسيع الخسائر، وخسائر الكهرباء – منذ عام 2010 وتسلّم وزراء “التيار الوطني الحر” – تشكل مع فوائد مبالغ الدعم نسبة 65 في المئة من الدين العام، فاذا كانت هنالك من شكوى من العسر في توافر النقد الاجنبي، فالمسؤولية تقع على عاتق “التيار الوطني الحر” وليس على رؤساء الوزراء السابقين وبالتأكيد ليس على حاكم مصرف لبنان، وليت رئيس لجنة المال والموازنة ركز على ضبط العجز في ارقام الموازنات منذ عام 2010 حتى تاريخه لكان استحق الشكر على موقفه الأخير.

أخيرًا نأتي الى قضية تبين لماذا المواطنون غير مطمئنين الى قدرات رئيس الوزراء وتوجّهاته.

لقد كلف حسان دياب رئاسة الجامعة الاميركية حيث كان استاذًا لدراسة امكان انشاء فروع للجامعة، وحدث في تلك الفترة ان اختار توزيره في وزارة التربية الرئيس نجيب ميقاتي، فماذا فعل حسان دياب؟

أسهم في منح رخصة لانشاء جامعة جديدة لنائب من البقاع لم يسبق له ان بلغ مرحلة دراسة البكالوريا وكل ما حصل عليه دكتوراه في الحماسة للنظام السوري الحاكم، والذي يستمر في الحكم فقط بسبب مساعدة محازبي “حزب الله”. فسوريا اليوم غير ما كانت، لان تركيا قضمت منها نسبة جعلت من المنطقة المكتسبة عام 1935 أي منطقة كسب الجميلة قلب منطقة أوسع تساوي نسبة 20 في المئة من مساحة سوريا الاجمالية، والاكراد لديهم السيطرة على 10-12 في المئة من مساحة سوريا بما فيها منطقة وجود حقول للنفط والغاز هي تحت سيطرة الاميركيين، وانحياز رئيس وزرائنا إلى من يؤثرون على النائب الذي منحه حقوق انشاء فروع لجامعته غير المعروفة وغير المعترف بها الا لدى رئيس وزرائنا في طرابلس وصيدا وربما النبطية الخ.

يجب ان يدرك حسان دياب انه ما دام لم يعامل الجامعة الاميركية، والجامعة اليسوعية، والجامعة اللبنانية الاميركية كما عامل جامعة رجل العلم العتيد، سيبقى في ذاكرة اللبنانيين شخصية تغلفها التساؤلات.