راجح الخوري - النهار

”حكومة الأكاذيب” متى تتبخر؟ – راجح الخوري – النهار

لو كانت هذه الحكومة تملك ولو ذرة من حس المسؤولية لكانت استقالت منذ أشهر، بالأحرى، لكانت تبخرت كي لا تبقى ذكرى سلبية في تاريخ الحكومات اللبنانية التي ليست بالضرورة مشرّفة وقادرة، وخصوصاً تلك التي تعاقبت على السلطة التنفيذية منذ عشرة أعوام على الأقل!

ولو كان بعض الوزراء، كي لا أقول كلّهم، يعرف ذرة من معنى المسؤولية، خصوصاً ان البلد يتلاشى ويلفظ الروح، لكان غرق حياء، وإستقال وهو يقدم مطوّلة اعتذار الى اللبنانيين عن هذا الفشل المعيب، الذي تواصل الحكومة مراكمته.




ولأن الزمن زمن مجاعة مسرعة تطبق على بيوت اللبنانيين، ومسلسل إنتحارات تتوالى في صفوف المعدمين واليائسين منهم، وليس زمن سياسات وإنحيازات ولون واحد فاقع، كان على رئيس الحكومة حسان دياب ان يتذكر ان لبنان تحت سيطرة الإفلاس والإنهيار، وقد صار في درك الدولة الفاشلة جداً، قبل ان يقول من دار الفتوى “لبنان لن يكون تحت السيطرة طالما انا في السلطة”، لكن البلد تحت سيطرتين، سيطرة الذين هندسوا حكومته، وسيطرة الأزمة المتصاعدة التي دفعت وكالات الانباء الدولية، الى التحذير من ان لبنان قد ينحدر الى الجحيم وان اللبنانيين سيصلون الى الموت جوعاً.

دعوني من الحديث عن السياسة وحس المسؤول والمسؤولية، وتعالوا الى البيان الإتهامي الغاضب والمحق الذي سمعناه على لسان رئيس لجنة المال والموازنة إبرهيم كنعان، فقد رأينا أخيراً نائباً يغضب ويصرخ ويقول ما يجب ان يقال في وجه هذه الحكومة.

أوقفوا الكذب، انتم كاذبون، كررها مراراً، وقال : سأقرأ لائحة لوقف الكذب على الناس، حددتها الحكومة لتقديم مداخيل إضافية. ثم عدّد مجموعة من الإقتراحات الواردة في خطة الحكومة الى صندوق النقد الدولي، والتي تقوم على الأوهام والفرضيات الصبيانية التي تضمر سوء نية على ما قد يرى البعض!

وإذا كانت خطة الحكومة تقوم على نظرية شراء سمك في بحر، وتفتقر في بنودها الى أسانيد قانونية، فليس كثيراً ان يصل الى حد القول إن هذا وضعنا في موقع الجرصة امام صندوق النقد، الذي سبق له ان سرّب تعليقات، عن أنه يفاوض إما هواة وإما جماعة تسعى للتستر على الفساد ولا تريد الإنخراط في أي عملية إصلاح. وهذا ليس بغريب عندما يقول كنعان إنهم حوّلوا صندوق النقد حكماً بين التناقض في الأرقام التي قدمت اليه، من الحكومة والمصرف المركزي والمصارف، ولم يتوانَ عن إتهام الحكومة بأن خطتها التفليسية ستؤدي الى تبخّر ودائع الناس، والأغرب قوله ان من يتحدث عن أرقام الدولة، ويدافع عنها من بعض الذين صاغوا خطة الحكومة، هو مسؤول عن هذه الأرقام، بما يعني تكراراً اننا امام خطة حكومية تقوم على كنس الوسخ الى تحت السجادة!

عندما تتحدث الحكومة العظيمة عن خطة تعافٍ وإعادة هيكلة، أعلنت سابقاً في يوم قيل إنه “تاريخي”، ثم تأتي لجنة المال والموازنة وتقول لها، بعد جلسة حضرها ٤١ نائباً، بينهم من ليس بعيداً من الذين سبق لهم ان صفقوا للحكومة: “انتم كاذبون أوقفوا الكذب على الناس”، لا أدري كيف يمكن ان لا تستقيل فوراً هذه الحكومة المسخرة أو ان تتبخر، ثم يبدأ بعض أعضائها القفز منها إذا كانت غارقة الى هذا الحد في الكذب والفشل!