إذا كان ما حصل من بربور الى عين الرمانة والرينغ وطرابلس هو مجرد قرع لإبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية، كما قال الرئيس ميشال عون في “لقاء اللون الواحد” في بعبدا أمس، فقد كان من المناسب جداً، وربما من الضروري إحضار بعض البرادات الفارغة وعرضها في قاعة الإجتماع في بعبدا، لأنه بين ما جرى في يوم ٦/٦ شيء، وما يغلي في رؤوس وبطون الجائعين شيء آخر تماماً، كان يمكن أيضاً تقديم فيلم وثائقي قصير عن الذين يأكلون من النفايات، ويعدون سراج الليل استعداداً للعتمة!
ربما كان من الضروري إحضار البرادات لسبب آخر وجوهري، وهو إقناع الرئيس حسان دياب بأنه لم يكن دقيقاً على الإطلاق، عندما وقف وقال ذلك الكلام المهول، من ان حكومته المُعظمة حققت ٩٧٪ من برنامجها وبقي ٣٪ فقط لا غير، فلربما هذه البرادات الفارغة والمستوعبات المملوءة بهمة وزير البيئة، تكون الـ ٣٪ مما تبقى من تلك الخطة الجسورة.
في أي حال لن أنساق وراء الوزير السابق ريشار قيومجيان الذي قال أمس تعليقاً على لقاء بعبدا اليتيم لأنه بجناح واحد، ” لا يمكن الداء ان يكون الدواء، وان المنظومة الحاكمة مسؤولة”، ربما لأنني اعرف جيداً ان المنظومة هي التي حكمت من قبل وتحكم اليوم وستحكم غداً، ويمنعونها دائماً من ان تشتغل سبحان الله، ولن أذهب طبعاً وراء ريشار في وصفه اللقاء اليتيم تكراراً، بالقول “خاصمتم كل البلد ولقاءآت جحا وأهل بيته لن تنقذ البلد”، ربما لأن ريشار في فريق “الهجوم العرابي”، الذي قال بلسان قائده الدكتور جعجع قبل ساعات من لقاء بعبدا اليتيم أيضاً وايضاً، “كلن يعني كلن”، ربما لهذا فقط لا غير!
في أي حال لم يكن هذا هو الكلام الوحيد عن اللقاء، الذي قياساً بالعنوان الذي أعطاه أياه عون أي :”حماية الاستقرار والسلم الأهلي في ظل التطورات الاخيرة”، كان يفترض ان لا يكون مجرد لقاء وإلقاء كلمات وخصوصاً بعد المقارعة الجانبية حول “إعلان بعبدا” الذي أعلن في ١١ حزيران ٢٠١٢، والذي تحدث عن سلاح “حزب الله” ومبدأ “النأي بالنفس” وضبط الحدود والإستراتيجية الدفاعية، ولكن يبدو ان البعض عمل يومها بنصيحة “حزب الله” فنقعه ويشرب حتى اليوم من مياهه العذبة جداً ملعقة على الريق.
نعم لم يكن هذا الكلام الوحيد فقد سبق للوزير الأديب رشيد درباس ان وصفه بأنه “مجرد حبة أسبيرين لمرض عضال”، ولا حاجة هنا للعودة الى بيان رؤساء الحكومات السابقين الذي شكّل بياناً اتهامياً مسهباً عنيفاً وشاملاً ضد العهد، وأتهمه بتدمير علاقات لبنان العربية والدولية.
والغريب اننا لن نسمع أي إشارة الى الحكومة أنجزت ٩٧٪ من برنامجها ولا سمعنا شيئاً عن النجاحات [النجاحات بالجمع ]، بل فوجئنا برئيس الحكومة حسان دياب يلحس كل هذا ويقول “نعم البلد ليس بخير”، ولست أدري إذا كان بهذا يصدقنا أخيراً أو يريدنا ان نصدقه بعد هذا الاكتشاف العظيم!
نعم لا يهتم اللبنانيون اليوم بلقاء بعبدا ولا بالكلام، يريدون معرفة سعر الدولار، لم يتعودوا بعد لا على الينّ الياباني وهو غير مستعجل الى بلد عصفورية، ولا على التومان الإيراني، الذي نسوه حتى في طهران، بعدما صار كل دولار يساوي ١٩٠ الف تومان، ولكننا نحن وإيران سنهزمه ولو بأمعاء فارغة!