بينهم الأسد وزوجته.. واشنطن تفرض عقوبات على 39 كيانا مرتبطا بالنظام بموجب “قيصر”

أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات المرتبطين بالنظام السوري بينهم الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء، وذلك بموجب “قانون قيصر لحماية المدنيين” الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن العقوبات تستهدف 39 من المرتبطين بنظام دمشق وتشكل جزءا من حملة مستمرة للضغط الاقتصادي والسياسي على الحكومة السورية.




ومن بين من شملتهم العقوبات رجل الأعمال محمد حمشو وكتيبة فاطميون وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري غسان علي بلال وسامر الدنا.

وأوضح الوزير الأميركي في بيان أن واشنطن ستفرض عقوبات “أكثر من ذلك بكثير” على الحكومة السورية خلال الأسابيع والأشهر، مشددا على أنها لن تتوقف إلى حين وقف نظام الأسد حربه الوحشية ضد الشعب السوري.

وكتب بومبيو في تغريدة على حسابه في تويتر “اليوم نبدأ حملة عقوبات على نظام الأسد بموجب قانون قيصر، الذي يجيز عقوبات اقتصادية شديدة لتحميل نظام الأسد وداعميه الأجانب المسؤولية على أفعالهم الوحشية ضد الشعب السوري”.

وتابع في تغريدة ثانية “عقوبات أخرى كثيرة سيتم فرضها إلى حين وقف الأسد ونظامه حربهم التي لا طائل لها والوحشية، وموافقتهم على حل سياسي كما دعا إليه قرار مجلس الأمن 2254”.

ويعد قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر، أحدث خطوات واشنطن في معركتها الاقتصادية على النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال تسع سنوات من الحرب ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار.

ويوسع القانون دائرة الاستهداف لتطال أذرع النظام، عدا عن مسؤولين سوريين، كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية وحتى الكيانات الروسية والإيرانية في سوريا. ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز.

وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه “مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال”.

وأعلن البنك، الأربعاء، تخفيض قيمة الليرة ليرتفع سعر الصرف الرسمي من 704 إلى 1256 ليرة مقابل الدولار الواحد في محاولة لتخفيف الضغط على السوق السوداء وتشجيع استخدام القنوات الرسمية للمعاملات. وبحسب صفحات التواصل الاجتماعي غير الرسمية، اقترب السعر في السوق السوداء من 2825 ليرة للدولار.

ويقول إدوارد ديهنيرت من وحدة “ذي إكونوميست” للبحوث والمعلومات “لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حد سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص”.

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات، وفق القانون، إجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي “جرائم الحرب” ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ويرى ديهنيرت أن القانون “يعد ظاهريا آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية (…) والإطاحة بالأسد”. إلا أنه يوضح في الوقت ذاته أن ذلك “لن يحدث في أي وقت قريب، كون موقع الأسد حاليا مضمونا” إذ يحظى بدعم إيران وروسيا ويسيطر بفضلهما على أكثر من 70 في المئة من البلاد.

وبالتالي، سيكتفي القانون بـ”عرقلة قدرة النظام وأزلامه على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي ستوفرها عملية إعادة الإعمار” المكلفة.

ويرجح ديهنيرت أن واشنطن “ستنجح إلى حد ما في مساعيها، فقد صممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذا، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافيا لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية”.

ومن دون استثمارات ودعم خارجي، ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار.

ويرى محللون أن الخوف من القانون، ساهم حتى قبل أسبوعين من تنفيذه، إلى حد كبير في الانهيار التاريخي لليرة التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية.

ويقول خبراء إن العقوبات الجديدة ستكون ضربة قاسية للبلاد التي يعيش أكثر من 80 في المئة من سكانها بالفعل في فقر، بحسب الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ مايو 2019، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساسا منذ نحو عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.

وتستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار. إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن نظرا لخبرة موسكو وطهران في الالتفاف على عقوبات اعتادتا عليها.

ومن المتوقع أن تحد الإجراءات الأميركية أيضا من اندفاعة الإمارات المرتقبة للاستثمار في إعادة إعمار سوريا بعد انفتاح دبلوماسي مؤخرا.

أما لبنان، البلد الذي لطالما شكل رئة سوريا خلال الحرب وممرا للبضائع ومخزنا لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهورا أكبر في اقتصاده المنهار أساسا إذا لم تستثنه العقوبات. وتدرس لجنة وزارية تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد المنهك.

ويرجح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهنيرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السوري وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة.

ويستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان أن القيام بأعمال تجارية مع سوريا “سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يدخل أي شخص أموالا للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكنا”.

ويمثل الانهيار الاقتصادي تحديا خطيرا للأسد، الذي نجا من أكثر من تسع سنوات من الحرب ولكنه يحكم على أنقاض بنية تحتية منهارة واقتصاد مدمر. وأثارت الأزمة الاقتصادية احتجاجات جديدة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ودعا البعض إلى إسقاط حكمه.