كورونا يطفئ أضواء السهر في بيروت

معروف عن بيروت عشقها للاحتفال والسهر حتى في الظروف الصعبة، وسبق أن صمدت المدينة وسهراتها أمام حروب وعمليات قصف واغتيالات، وتفخر بقدرتها على التعافي والعودة إلى سابق عهدها. لكن أصحاب المطاعم والحانات في العاصمة اللبنانية يقولون إن الوضع مختلف هذه المرة ويخشون أن تنذر الأزمة المالية المدمرة، التي فاقمها انتشار فيروس كورونا، بخراب أعمالهم.

ففي مطعم لو بيشيه، الذي تأسس قبل 20 عاما والمتخصص في المأكولات البحرية، يقف نادل مخضرم عند المدخل مُسلحا بكمامة وقناع وجه ورشاش معقم، في أول عطلة نهاية الأسبوع بعد أن رفعت الحكومة إجراءات الحجر الصحي العام بسبب كورونا اعتبارا من أول يونيو. ولم يكن في المطعم زبائن.




قال أحمد قاسم (49 عاما)، صاحب مطعم لو بيشيه، “أنا عشت الحرب الأهلية، كنا نرى القذائف تقتل الناس وتدمر المباني، لكن لا أحد كان يشتكي من أنه لا يملك مالا أو أكلا. لكن الآن جاع الناس بعد أن فقدوا مواطن شغلهم وانتهت مدخراتهم ولم يبق لديهم مال لحاجاتهم الأساسية”.

ولم يستعد شارع الحمرا في بيروت بريقه، كما لم تستعد شوارع السهر الأخرى أضواءها، وخاصة منها شارعي الجميزة ومونو بعد أن عزف عشاق السهر عن ارتياد قاعات الترفيه والرقص.

وفي الشارع الذي كان يعرف بشانزيليزي الشرق، والذي يضم البعض من أقدم أماكن الترفيه الليلي في لبنان، كانت حانة بارومتر واحدة من بين الحانات القليلة المفتوحة في عطلة نهاية ذلك الأسبوع. وعاشت تلك الحانة، التي تأسست قبل 24 عاما، كل ما أصاب بيروت في تلك الحقبة الزمنية، وكانت بين ذلك حربان مع إسرائيل.

وكان هناك زبونان في حالة استرخاء بالحانة بينما كان بعض الزبائن يتناولون عشاءهم وآخرون يتمايلون على صوت الموسيقى؛ فالجو العام ما زال مشوبا بمسحة من الحزن.

وبينما هو يوزع المشروبات على الزبائن يقول ربيع الزاهر، صاحب الحانة، إنه توصل إلى فكرة تقليل أرباحه حتى لا يضطر إلى الترفيع في الأسعار.

وقال “قللت من أرباحي وزدت معلوما بسيطا على الأسعار حتى يظل الناس يسهرون، ليس لدينا حلول، نعمل بالقليل أفضل من أن نقعد في البيت”.

وقال علي غزيري، الذي يملك مطعم بربر في شارع الحمراء، “لم نمر بشيء مثل هذا الأمر على الإطلاق”، مضيفا “خلال الحرب الأهلية، كانت هناك معارك في الشوارع. لذا كان يمكنك أن تنأى بنفسك عن المشاكل. لكن الآن لا يمكنك أن تفعل أي شيء”.

وأسس والد علي غزيري سلسلة مطاعم بربر (وهو اسم شهير في لبنان) في عام 1979، بعد أربع سنوات من اندلاع الحرب الأهلية في البلاد والتي استمرت 15 عامًا.

واستمر المطعم في تقديم الكباب والشاورما وغيرهما من الأطعمة طوال فترة الصراع والحروب الأخرى المختلفة، ولم يغلق أبوابه إلا بضع ساعات فقط عندما توفي جده، وفي 2005 أثناء جنازة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.

وإلى جوار شارع الحمرا، في حي الجميزة، أُغلقت أبواب الحانات والمطاعم المنتشرة في الشارع، واختفى ضجيج الشباب الذين عادة ما يمرون حاملين قوارير الجعة. وحتى كورنيش لبنان الشهير بعربات القهوة وبائعي الذرة والناس الذين يمارسون التمارين الرياضية الصباحية صار مهجورا.

العرب