فضيحة طمس الحقائق: دياب يكلف ”لازار” التفاوض ووزني يرفض!

سابين عويس – النهار

اذا كان لا بد لرئيس الحكومة حسان دياب ان يشكو مما تتعرض له حكومته من “جهات معروفة بالاسم والهوية”، لطمس حقائق الانجازات والتعمية عليها، فلا بد له ان يبذل جهوداً اكبر لكشف تلك الحقائق ووضعها في متناول الرأي العام، بدلا من توجيه الاتهامات الى جهات لا تزال هويتها مجهولة الا في دفاتر والتقارير الأمنية الموجودة لدى الحكومة.




ومنعاً لطمس تلك الحقائق، وفي اطار المساهمة في كشف ما توافر منها، لا بد من التوقف عند الطلب الاخير لدياب توسيع صلاحات المستشار المالي “لازار” الذي تم التعاقد معه لإدارة التفاوض مع الدائنين، بعد اعلان لبنان التخلف عن سداد ديونه السيادية. ويرمي الطلب بتوسيع صلاحيات التفاوض لتلحظ ادارة التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول البرنامج المزمع الاتفاق عليه مع الصندوق لدعم لبنان إقتصادياً ومالياً.

ولا يتوقف الطلب عند هذا الحد، بلد يذهب الى طلب زيادة بدل الأتعاب للاستشاري لقاء زيادة مهماته.

ماذا يعني هذا الطلب وإلام يرمي وما هي تبعاته؟

سيؤدي تكليف لازار ادارة التفاوض مع الصندوق الى الاستعاضة عن الوفد اللبناني بوفد الشركة. اي ان الوفد اللبناني الذي يرأسه وزير المال ويضم فريقا من المستشارين عن الوزارة، وعن رئاستي الجمهورية والحكومة، فضلا عن ممثلين عن المصرف المركزي، سيتوقف عن عملية التفاوض ويسلمها الى لازار الذي سيعود لها ان “تفصٓل” البرنامج، ليلبسه اللبنانيون!

وهذا الواقع يحتم السؤال عن الهدف من وراء سحب صلاحية التفاوض من يد الجانب اللبناني، ووضعها في يد الشركة الاستشارية، وهل هذا يعود الى رغبة رئاسة الحكومة في استبعاد وزير المال والمصرف المركزي عن التفاوض، في ظل التباين في المقاربات التفاوضية مع فريق المستشارين؟

ما يعزز هذا الانطباع رفض وزير المال الطلب وتمسكه باستكمال الفريق اللبناني المفاوضات.

ويأتي هذا الطلب وسط الانتقادات الواسعة التي يتعرض لها فريق المستشارين الذين تولوا وضع الخطة الاقتصادية، ويتولون حالياً ادارة الملف مع الصندوق، مع حصرية مطلقة بوكالة من رئيسي الجمهورية والحكومة، فيما تجري عملية تهميش واستبعاد فاضحتين للجنة المال والموازنة، التي تعكف على درس الخطة وأرقامها، بمشاركة واسعة من مختلف الكتل النيابية.

وهي كانت خلصت، بعد دراسة وضعها النائب نقولا نحاس الى جانب فريق من الاقتصاديين، الى ارقام صادمة للخسائر المقدرة للقطاع المالي والمصرفي، هي اقل بنحو ٦٧ في المئة عن الارقام المقدرة في الخطة الحكومية. وكانت ” النهار” نشرت تلك الارقام، والمقاربات الاقتصادية التي انطلقت منها.

هذا الواقع دفع رئيس المجلس نبيه بري الى التدخل، بعدما استشعر تهميش دور لجنة المال والموازنة، تمهيدا لتغييب المجلس واستبعاده عن دوره التشريعي والوطني في تحديد مستقبل لبنان الاقتصادي.

وهذا الاستشعار حمل بري الى قصر بعبدا، حيث كان لقاء موسع مع رئيسي الجمهورية والحكومة لفتهما فيه الى ان مرجع اي خطة اقتصادية وأي برنامج محتمل مع صندوق النقد، هو المجلس النيابي، ومن دون توقيع المجلس ومصادقته، لا يمكن الالتزام مع الصندوق. وخلص ذلك الاجتماع إللى تفاهم الرؤساء الثلاثة، على العودة الى المجلس قبل اي اتفاق محتمل مع الصندوق. ولأن حاكم المصرف المركزي كان في طريقه الى بعبدا للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء، فقد تبلغ من بري على هامش مغادرة الاخير القصر هذا الموقف. وكان ما كان من تصريح لرئيس المجلس الذي حمل الكثير في طياته عما ستكون عليه عملية التفاوض، اذ كشف انه تم الاتفاق على مخاطبة صندوق النقد بلغة واحدة برعاية المجلس النيابي. والجدير ذكره ان بري كان عبر عن انزعاجه من البيان الذي صدر عن الاجتماع المالي الثاني في بعبدا والذي جاءت صياغته مختلفة عما تم التوافق عليه في الاجتماع. اذ اعتمد صياغة ملتبسة فسرت اعتبار خطة الحكومة “منطلقاً” للأرقام، على انها مرجع لها. والواقع ان المنطلق يمكن ان يعدل او يتغير في مسار المفاوضات.

كلام بري ينسف عملياً اي محاولة لتغييب دور المجلس، وأعاد للجنة المال الموسعة في ظل مشاركة نحو ٦٠ نائباً في اجتماعاتها، دورها في مقاربة الارقام. وستعقد لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عنها اجتماعا بعد ظهر اليوم بمشاركة وزير المال وممثلين عن المصرف المركزي وجمعية المصارف. ولا يستبعد ان يغيب المستشارون، ولا سيما المدير العام لوزارة المال، بعدما أعرب عدد كبير من النواب عن عدم الرغبة بمشاركته، ما يعزز الانطباع بإستبعاده تدريجيا.

اما على ضفة المفاوضات، وبعدما تم التسويق لموقف الصندوق المتبني لأرقام الحكومة، فقد علمت ” النهار” ان هذا ان الصندوق ملزم الارقام الرسمية الصادرة عن الحكومة، كونها الجهة الرسمية المفاوضة. ولا يمكن له ان يلتزم اي ارقام اخرى، من هنا كان طلب فريقه المفاوض توحيد الارقام.

وافادت المعلومات ان توجها جديدا سيتبلور في مسار المفاوضات مع الأخذ بأرقام لجنة المال والعمل على اعتماد ارقام جديدة للخسائر. وعلم في هذا المجال ان تصريح بري في قصر بعبدا قد تمت ترجمته وإبلاغه الى الصندوق ليكون على بينة من موقف المجلس النيابي،الذي ستعود له الكلمة الفصل في اي برنامج يجري التفاوض في شأنه اليوم!