لبنان يغامر بأولى خطوات فك ارتباط الليرة بالدولار

كشفت مصادر مطلعة أن مصرف لبنان المركزي اتخذ إجراءات تعترف رسميا لأول مرة بسعر الليرة في السوق السوداء، الذي يقل بأكثر من 60 في المئة عن السعر الرسمي.

وأكدت أن البنوك اللبنانية ستبدأ بتطبيق سعر صرف يبلغ 2600 ليرة للدولار على عمليات السحب من الحسابات الصغيرة التي تصل إلى خمسة ملايين ليرة، تنفيذا لتعميم جديد صدر عن البنك المركزي يوم الجمعة.




ويصطدم ذلك مع تأكيد محافظ البنك المركزي رياض سلامة نهاية الأسبوع الماضي أن لبنان ما زال يطبق سعر صرف رسميا يبلغ 1507.5 ليرة للدولار على معاملات البنوك وواردات المواد الضرورية.

ويقول التعميم الصادر يوم الجمعة إنه يمكن السحب من الودائع البالغة ثلاثة آلاف دولار أو أقل بالليرة اللبنانية بسعر “السوق” بما يسمح لصغار المودعين بتدبير السيولة رغم قيود مصرفية صارمة.

وقال مصدر مصرفي رفيع إن هذا السعر، الذي يسري على الودائع البالغة خمسة ملايين ليرة لبنانية أو أقل، سيتم تحديده على أساس أسبوعي وإنه تقرر هذا الأسبوع عند 2600 ليرة.

ويعد تثبيت سعر العملة اللبنانية منذ عقود مقابل الدولار، إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد، ويمكن أن يمثل فك ارتباط الليرة بالدولار، زلزالا هائلا للنظام المصرفي اللبناني.

في هذه الأثناء قال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، أمس، إن لبنان سوف يدقق في حسابات البنك المركزي في محاولة لإبداء الشفافية بعد شروعه في محادثات إعادة هيكلة مع الدائنين.

وجاءت تصريحات دياب خلال اجتماع مع مسؤولين من مجموعة دعم لبنان التي تشمل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. وجدد تعهدات حكومته بإعادة تشكيل القطاع المصرفي.

ويستبعد محللون حصول لبنان على دعم دولي، في ظل هيمنة جماعة حزب الله الموالية لإيران على الحكومة، حيث تصنف معظم الدول الغربية تلك الجماعة كمنظمة إرهابية.

وكان لبنان قد تخلف الشهر الماضي عن سداد ديونه الثقيلة بالعملة الأجنبية للمرة الأولى، في وقت يمر فيه بأزمة مالية ضارية منذ شهور، ليدشن محادثات معقدة لإعادة هيكلة الديون في أواخر مارس الماضي.

وتفاقمت مشكلات لبنان جراء إجراءات العزل العام بسبب فايروس كورونا وفي ظل انخفاض قيمة العملة وتقلص الاحتياطيات وتصاعد التضخم.

وقال دياب إن الحكومة اللبنانية قررت “إجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان”.

في هذه الأثناء رسم الرئيس اللبناني ميشال عون صورة قاتمة لمستقبل لبنان، حين رجح دخوله في أزمة غير مسبوقة تتسم بانكماش اقتصادي، ونقص حاد في العملات الأجنبية، وارتفاع البطالة والفقر وصعود في الأسعار.

وأضاف في كلمة له أمام أعضاء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، أنه “ولأجل هذه الأسباب، ولوقف استنزاف الاحتياطات، قررت الدولة تعليق سداد السندات الدولية وتعيين استشاري دولي مالي وآخر قانوني لمؤازرة الحكومة”.

وكانت المجموعة التي تأسست في 2013، أعلنت في آخر اجتماع لها بباريس العام الماضي، استعداد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في تخطي أزمته المالية، شرط قيام حكومة فعالة وذات مصداقية وقادرة على مكافحة الفساد.

وقال عون “نعول وبشكل كبير على التمويل الذي تم التعهد به والبالغ 11 مليار دولار في مؤتمر سيدر في باريس، والذي سيخصص بشكل أساسي للاستثمار في مشاريع البنية التحتية”.

ويجمع المحللون على استبعاد حصول لبنان على دعم دولي أو برنامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، إلا بعد إصلاحات سياسية تخفف معارضة الدول المانحة لدور حزب الله في الحكومة.

ويعاني لبنان أيضا من توقف ودائع المغتربين اللبنانيين، التي كانت مصدرا أساسيا لإدامة الاقتصاد، وذلك بسبب توقف المصارف اللبنانية عن السماح لهم بسحب أموالهم، بدعوى انعدام السيولة.

ويرى محللون أن انشغال جميع دول العالم بأزمة اقتصادية عالمية كبيرة نتيجة تداعيات تفشي فايروس كورونا المستجد، يفاقم انعدام فرص حصوله على الدعم الدولي.