
مسعود محمد
كتب الشاعر نزار قباني … عيناك يا بغداد، منذ طفولتي شمسان نائمتان في أهدابي لا تنكري وجهي .. فأنت حبيبتي.
المظاهرات العراقية حققت الإنجاز الأهم منذ سقوط نظام صدام حسين وهي إسقاط سلطة ملالي إيران، وحلفائهم على الأرض، حكومة عادل عبد المهدي أقيلت من قبل المتظاهرين، ولم تستقيل.
بالأمس، الجمعة، فرضت واشنطن، عقوبات على 4 مسؤولين عراقيين على علاقة بقمع المتظاهرين. واستهدفت العقوبات كلاً من: ليث الخزعلي وقيس الخزعلي، والأخير هو زعيم ميليشيات عصائب أهل الحق العراقية المرتبطة بإيران، وشقيقه ليث هو أحد زعماء الجماعة أيضاً. كما شملت العقوبات حسين فالح اللامي، مسؤول الأمن في قوات الحشد الشعبي، التي تضم فصائل مسلحة وتهيمن عليها أيضا جماعات تدعمها إيران، منها عصائب أهل الحق. وامتدت العقوبات الأميركية إلى خميس العيساوي، وهو رجل أعمال عراقي ثري تورط في فساد ودفع رشاوى لمسؤولين حكوميين في العراق.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن العقوبات جاءت بسبب انتهاك حقوق الإنسان أو الفساد، وعقب احتجاجات دامية. وأوضحت “الخزانة” أن ثلاثة من المسؤولين العراقيين الأربعة، زعماء فصائل شبه عسكرية تدعمها إيران. الرد كان مباشرة من قبل تلك المليشيات بقتل المتظاهرين في بغداد، عندما تعرض متظاهرين عزل لإطلاق وابل من الرصاص في ساحة الخلاني وسط العاصمة العراقية بغداد. أظهرت لقطات مصورة العشرات وهم يحاولون الاحتماء من الرصاص الكثيف، في وقت يسمع صوت أحد الأشخاص وهو، يصرخ بهلع، مؤكدا تعرض المتظاهرين للقتل. ويقول الرجل في الفيديو “شاركوا في بث الفيديو ليسمع العالم صرختنا” بالتزامن مع نقل عدد من المتظاهرين لأشخاص يبدو أنهم قتلوا من جراء استهدافهم بالرصاص من قبل مجموعات مسلحة.
من قتل المتظاهرين العراقيين؟
القتل بإطلاق النار على الرأس، أتى بأمر مباشر من قاسم سليماني الذي يعمل للحفاظ على سلطة ملالي طهران في بغداد، وهو الذي أمر المدانين أميركيا بفتح النار على المتظاهرين، كعلامة إستخفاف بالقرار الأميركي.
من هم قادة فرق الإغتيال؟
قيس الخزعلي
وفقا لوزارة الخزانة الأميركية أطلق عناصر ميليشيا عصائب أهل الحق المدعومة من إيران في العراق النار على المتظاهرين العراقيين وقتلوهم خلال الاحتجاجات المستمرة منذ الأول من أكتوبر.
ويرتبط قيس الخزعلي (45 عاما) بإحدى لجان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام بأمر مباشر من قبل قاسم سليماني.
انفصلت عصائب أهل الحق عن جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر في عام 2006 عندما بدأ الصدر تمرده على إيران بهدف إضعافه، وقد تم تصنيف الحركة بأنها “مجموعة خاصة” وهو الاسم الذي يطلق على المجموعات الشيعية المدعومة إيرانيا في العراق. ويتراوح عدد أفراد عصائب أهل الحق بين 7 آلاف و10 آلاف عضو حسب معلومات إستخبارية كردية تابعة لإقليم كردستان العراق، وتعتبر هذه الميليشيا ضمن الأقوى، والأكثر تسليحا في العراق.
وكان الخزعلي المدان بالإرهاب دوليا، أحد أكثر المطلوبين لدى القوات الأميركية، بعدما نفذت عصائب أهل الحق هجوما في كربلاء أودى بحياة خمسة جنود أميركيين في يناير 2007.
وفي مارس 2007، تم اعتقال الخزعلي على أيدي القوات متعددة الجنسيات في العراق، لكن تم الإفراج عنه في يناير 2010، ضمن صفقة لتبادل الأسرى. ومنذ إطلاق سراحه في 2010، عاد الخزعلي لقيادة العصائب عسكريا وسياسيا، وعقب انسحاب القوات الأميركية من العراق في ديسمبر 2011، تركز نشاط العصائب على تجنيد عناصر من أجل دعم الأسد في سوريا.
وخلال فترة وجود القوات الأميركية في العراق، نفذت الميليشيا التابعة للخزعلي بدعم من إيران، وبتنسيق مع القاعدة، أكثر من ستة آلاف هجوم على القوات الأميركية والعراقية، في عمليات معقدة تضمنت خطف رهائن غربيين. وتسعى المجموعة إلى دعم النفوذ الإيراني الديني والسياسي في العراق، والحفاظ على الهيمنة الشيعية على العراق، والإطاحة بأي قوات أجنبية في العراق لصالح تكريس سلطة ملالي إيران.
جريمة الأمس ليست الأولى لتلك المليشيات، فلقد تورطت عصائب أهل الحق بعمليات اختفاء قسري واختطاف وقتل وتعذيب على نطاق واسع في محافظة ديالى واستهدفت عراقيين سنة من دون التعرض لعقاب. وتعتبر العصائب واحدة من بين أكبر ثلاث ميليشيات عراقية مدعومة من جانب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وتظهر ولاءها لإيران وللمرشد الإيراني علي خامنئي، بشكل علني. وتعمل المجموعة سواء في العراق أو سوريا تحت إشراف فيلق القدس الإيراني، الذي يقوده قاسم سليماني.
ليث الخزعلي
هو شقيق قيس الخزعلي، من مواليد أكتوبر 1975، ويعتبر أحد قادة ميليشيا عصائب أهل الحق وشارك بشكل مباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في العراق، وفقا لوزارة الخزانة الأميركية، ووفقا لمعلومات خاصة تتداولها العشائر العراقية. كان لليث الخزعلي دور قيادي في هجوم يناير2007 الذي استهدف مجمّعا للحكومة العراقية في كربلاء، أسفر عن مقتل خمسة جنود أميركيين وجرح ثلاثة.
اعتقلته القوات الأميركية في وقت لاحق وظل محتجزا حتى عام 2009 حيث أطلق سراحه ضمن صفقة تبادل مختطفين بريطانيين. في أواخر عام 2015، قاد ليث الخزعلي الجهود المبذولة بالتطهير الديني عبر تهجير السنة قسرا من مناطق محافظة ديالى، بما في ذلك عمليات القتل لطرد السكان المحليين.
أبو زينب اللامي
واسمه حسين فالح عزيز اللامي هو قيادي في ميليشيا تدعمها إيران، مكلفة أيضا من قبل قاسم سليماني، ومن من قبل كبار قادة الميليشيات الأخرى، وقيادات حكومية عراقية، داعمة لسلطة ملالي طهران في العراق، بقمع الاحتجاجات وكتم صوت الشعب العراقي بكل وسائل القمع. واللامي مرتبط بإحدى لجان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام. اللامي مسؤول عن أوامر اغتيالات وقمع ضد المتظاهرين في بغداد، حيث كان يصدر أوامر لمقاتلي الميليشيات الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في أوائل أكتوبر 2019، عندما قتل العشرات من المحتجين.
ويرأس اللامي، جهاز الأمن في قوات الحشد الشعبي منذ عدة سنوات، وهو الجهاز المسؤول عن معاقبة قادة الحشد في حال خالفوا الأوامر أو التعليمات، وفقا لمركز أبحاث مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت بولاية نيويورك. وإضافة لوظيفته في الحشد الشعبي، يعتبر اللامي أحد أبرز قادة ميليشيا حزب الله في العراق التي يقودها أبو مهدي المهندس المصنف على لائحة الإرهاب الأميركية. ويبرز اللامي كشخصية قوية للغاية ومخيفة على نطاق واسع وله خط اتصال مباشر مع قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بشكل مستقل عن أبو مهدي المهندس. ويتم حاليا إعداد أبو زينب اللامي من قبل سليمانين ليحل محل المهندس على رأس قوات الحشد الشعبي في العراق.
وكشفت تقارير إعلامية وإستخبارية، أن قناصة تابعين لميليشيات مدعومة من إيران اعتلوا الأسطح وأطلقوا النار على المتظاهرين في العراق مما تسبب بمقتل أكثر من 100 شخص وإصابة نحو ستة آلاف آخرين.
وذكرت تلك التقارير إن هؤلاء المسلحين كانوا تحت إمرة القيادي في الحشد الشعبي أبو زينب اللامي الذي كلف من قبل سليماني بسحق التظاهرات.
نتيجة الإعتداء أمس هي قتل 25 متظاهراً وجرح أكثر من 150 متظاهراً، الكثير منهم حالاتهم حرجة، هناك نية لدس المخربين بين المتظاهرين وتحويل وجهتها السلمية الى عنفية، بنية إنهاء هذه المظاهرات، المجموعات المسلحة لديهم اليد الطولى بقمع هذه التظاهرات، والمطلوب من قبل القوات المسلحة العراقية أن تعود الى دورها التاريخي في حماية البوابة الشرقية، وحماية المتظاهرين، ومنع الإعتداءات المتكررة عليهم.
النداء الأهم هو للرئيس العراقي برهم صالح، للعب دوره، كضامن لحرية التعبير بموجب الدستور، وحماية سيادة العراق وإعادته الى بيئته العربية، العراق الذي لعب دورا تاريخيا في حماية الأمن القومي العربي، برهم صالح الرئيس مطالب بالوقوف الى جانب المرجعية في النجف، المرجع علي السيستاني الذي أدان الزج باسمه في عملية اختيار رئيس الوزراء الجديد خلفاً لعادل عبد المهدي، كما رفض «أي تدخل خارجي» في اختيار الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الجديدة. على الرئيس صالح مطالبة القوى الأمنية العراقية، بحماية المتظاهرين، والإستماع الى صوت الشارع، وحماية التنوع العراقي ذاك التنوع الذي لعب الرئيسين مسعود البرزاني، وجلال الطالباني، دورا مهما في حماية وجوده في العراق، عبر فتح إقليم كردستان لكل الفئات المضطهدة من قبل داعش، والأحزاب الطائفية.
المطلوب إسقاط تلك الأحزاب الطائفية التي تريد إلغاء الديمقراطية في العراق، وإعادته الى دكتاتورية، لا تقل بشاعة عن دكتاتورية صدام حسين، المطلوب حماية التنوع العراقي.
ليس قاسم سليماني الجالس في بغداد بهدف تشكيل الحكومة المخول بتلك المهمة، المناط حسب الدستور بتشكيل الحكومة، هو رئيس جمهورية العراق والبرلمان العراقي المنتخب من الشعب العراقي، تمسك بحقك وإستمع الى صوت الشعب العراقي الذي يريد إستعادة بلاده، وينادي في كل الساحات، “العراق حره حره، سليماني بره بره”.