نبيل بومنصف - النهار

ديفيد… ماذا فعلت بهم! – نبيل بومنصف – النهار

توقعنا القليل والكثير والغريب والأغرب منه منذ بدء انتفاضة ستطوى السنة 2019 على كونها من اكبر الثورات اللبنانية، والتي سيواكبها أخطر الاحداث ايضا المتصل بالانهيار المالي والاقتصادي، ولكن ما لم تبلغه عقولنا المتواضعة ان نرى الخداع السياسي يبلغ حدود المساخر. لم يكتفِ تحالف العونيين و8 آذار بكل الألاعيب المكشوفة والمناورات الفاقعة والخطط المدبرة لتكليف حسان دياب تأليف الحكومة في انقلاب ينفذ رغبة سيد العهد في اقصاء الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة. لم يكفهم ذلك لان الكثير مما دبِّر انكشف وصار مسببا اضافيا للاشتعالات في شارع غاضب يرمي غضبه في الكثير من المناطق. لم يكفهم ذلك لان تمرير تكليف اللون الواحد الذي استفاد ايضا من اخطاء استراتيجية حصلت في معسكر خصومهم من محور قوى 14 آذار الذي صار الآن فعلا محورا بائدا. لم يكف تحالف العونيين و8 آذار كل هذا لان “تبليع” التكليف ذي اللون الواحد بدا لوهلة مهددا بالتسمم السياسي، فانبروا في اليوم التالي الى المناورة الأحدث والأشد اثارة للغرابة فتعلقوا بأهداب من فطروا على ثقافة العداء له، وموفد الدولة التي فطر الممانعون خصوصا على تصنيفها بالعدو الاكبر، والتي تصنفهم بالإرهابيين، انبروا فجأة يكيلون له الشكر. التقط تحالف العهد و8 آذار زيارة كبير الخبراء الديبلوماسيين الاميركيين في الملف اللبناني ديفيد هيل لبيروت وراحوا يصنفون دلالاتها كما تصورها حساباتهم المصلحية الآنية لتزامنها مع انطلاق مهمة رئيس حكومتهم المكلف للايحاء بان اميركا “العدوة” استحالت فجأة الى موقع المهادنة بل المباركة لما كان لـ”حزب الله” نفسه اليد الطولى فيه. ديفيد هيل الذي له أسلوبه الخاص في التعبير الديبلوماسي وهو غير اُسلوب الصقور أمثال ديفيد شنكر، ذهب غلاة الممانعة والعونيين الى توظيف تصريحاته وزيارته في اطلاق ايحاءات وتأكيدات ذهبت الى حدود الجزم بانهم اجتذبوا اميركا العظمى الى صفقة التكليف والتأليف من دون احراج عما يمكن ان يعرضهم له هذا الجموح من مساءلات لا تنتهي عن سياسات المداهنة والازدواجية الفاقعة والرهانات الفاضحة. كانوا يزمجرون قبل ساعات رفضاً لاحد افضل النخب اللبنانية نواف سلام المستقل الحقيقي بذريعة سخيفة انه مطلوب اميركيا، فاذا بهم يستسقون الأمركة لمن عينوه بلا رفة جفن. اسقطوا الرئيس سعد الحريري الذي عايشهم في ثلاث حكومات وناهض ضغوط الخليج واميركا إنقاذا للاستقرار، واذ بهم يتهمونه بانه ذهب ضحية الإطاحة الاميركية الخليجية وينبهرون بهدوء ديفيد هيل. لعلنا لا نلام اذا سألنا: هل باتت قوى 8 آذار تجنح الى الأمركة؟ ماذا يخبئون بعد من مناورات سلطوية سقطت كل مضامينها العتيقة وهم يقيمون على وهم خداع اللبنانيين بموازين قوى لمصلحتهم لا جدوى منه امام الانهيار الزاحف؟ ماذا تراه فعل ديفيد هيل لكي تنقلب أساطير الممانعة رأسا على عقب؟ واي مفعول للقاء البياضة حتى صار “النبض البرتقالي” يبشر بالمظلة الاميركية؟ هل لونكم الواحد الاحادي صار اميركيا؟ اذاً ترحّموا بأيتام السياسات المتحولة وضحاياها، وتنبهوا جيدا للأعراض الناشئة عن عمليات التجميل!