الحريري يفضل غطاء نصرالله على الاستقالة

عزت مصادر سياسية لبنانية تردّد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في تقديم استقالته والاستجابة لمطالب الشارع إلى محاولته منع سقوط التسوية السياسية التي تخدم بالدرجة الأولى مصالح حزب الله وحلفائه في حركة أمل والتيار الوطني الحرّ.

وقالت المصادر إن الحريري يشعر بالخوف من أن تقود الاستقالة إلى تعميق حالة الفوضى في الشارع، وأن يتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية في حال لجأت ميليشيات حزب الله وأمل إلى مواجهة الآلاف من المحتجين بالعنف دفاعا عن نظام سياسي يصب في خدمة أجندة أمين عام حزب الله حسن نصرالله وزعيم حركة أمل نبيه برّي.




ونفى “تيار المستقبل” الذي يرأسه الحريري ما نسبته وسائل إعلام محلية لمكتبه السياسي، من أن إقدام رئيس الوزراء على الاستقالة، سيكون بمثابة “انتحار سياسي”.

وقبل ذلك، نفت مصادر مقربة من الحريري، وجود نية لدى الأخير للاستقالة “قبل الاتفاق مع كافة الأطراف السياسية حول أسماء الوزراء في الحكومة المستقبلية”.

جاء ذلك عقب انتهاء لقاء “مفاجئ”، الجمعة، بين الحريري والرئيس ميشال عون، بالقصر الجمهوري في بعبدا، حيث تحدثت وسائل إعلام محلية عن أن الحريري زار عون لتقديم استقالته.

وتقول تقارير محلية إن الحريري يريد إجراء تعديل وزاري جذري لدعم ورقته الاقتصادية الهادفة لاسترضاء الحراك الشعبي، لكنه يجد نفسه عاجزا عن اتخاذ هذه الخطوة في ظل تمسك أركان التسوية برفض تقديم تنازلات للمحتجين، وأن عامل الوقت كفيل بأن يدفع المحتجين إلى الملل ومغادرة الساحات.

وأعلن الحريري خطة إصلاح “جذرية” تضمنت خفضا بنسبة النصف لرواتب المسؤولين، ووعودا بإصدار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وغيرها، لكن الشارع لم يتفاعل معها.

ويرفض نصرالله، كما برّي، تقديم تنازلات تفتح الباب لتنازلات أكبر من دون نتيجة، خاصة أن خطاب نصرالله، الجمعة، الذي حاول فيه الانحناء للعاصفة ومغازلة المحتجين بإظهار تفهم لمطالبهم، لم يلق أي تفاعل في الشارع خاصة لما رافقه من تحذيرات واتهام “سفارات” بالوقوف وراء الاحتجاجات وتأجيجها.

وأعرب نصرالله في خطابه، الجمعة، رفضه “استقالة الحكومة” وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، معتبرا أن الفراغ “في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأزوم” وفي ظل “التوترات السياسية في البلد والإقليم” أمر “شديد الخطورة” وقد يؤدي إلى “الفوضى والانهيار”.

ويعتقد نشطاء في الحراك الشعبي أن التعديل الوزاري ليس سوى مناورة لربح الوقت وإدخال الشكوك والخلافات بين المحتجين، في الوقت الذي لا يعني فيه تغيير الوجوه تغييرا في الخيارات المبنية على المحاصصة الطائفية.

واعتبر النائب في البرلمان اللبناني، شامل روكز، أن التوجه إلى تعديل وزاري لن يحل المشكلة وأن “النتيجة هي نفسها، فالوجوه لن تتغير، (وأن) على الحكومة أن تتجه إلى خيار اختصاصيين أصحاب نزاهة وقدرة على انتشال الواقع الذي يحلّ على لبنان، والأهم أن يكون هناك تفاهم بين رئيسي الحكومة والجمهورية في هذا المجال، خارج التجاذبات السياسية الحاصلة”.

وحذّر روكرز من أنه “إذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، فسوف نتجه إلى المزيد من الانهيارات والركود الاقتصادي والإحباط”.

ومنذ صباح السبت، حاولت القوى الأمنية فتح الطرق في مناطق لبنان كافة، لاسيما في نقطة تظاهر جسر الرينغ وسط بيروت، حيث يربط شرق العاصمة بغربها، ويطل على السراي الحكومي.

ورغم قدوم تعزيزات أمنية إلى هذه النقطة، من عناصر قوات مكافحة الشغب، وحصول مواجهات مع المحتجين، إلاّ أن المتظاهرين افترشوا الأرض، قاطعين الطريق حتى اللحظة.

وعجزت الطبقة السياسية عن الاقتراب من الحراك الشعبي الآخذ في التوسع، والذي يضغط لإحداث تغييرات جذرية على النظام السياسي. وبالمقابل لجأت الأطراف السياسية النافذة إلى تحريك أنصارها وإثبات أنها موجودة، وأنها تمتلك أنصارا داعمين لها في مواجهة دعوات إسقاط النظام.

ونفّذ في الأيام الأخيرة مؤيدون لحزب الله وللتيار الوطني الحرّ تظاهرات مضادة في مناطق مختلفة من البلاد، تسببت بمناوشات مع الصحافيين والمتظاهرين المناهضين للسلطة.

وتظاهر المئات من مناصري حزب الله ملوّحين بأعلام الحزب عبر التجمع في ضاحية بيروت الجنوبية ومدينتي النبطية وصور جنوبا بعد خطاب نصرالله، الجمعة، وكذلك في وسط بيروت حيث اشتبكوا مع المتظاهرين المناهضين للسلطة، ما دفع شرطة مكافحة الشغب للتدخل لفضّ الاشتباك بين المعسكرين.

والسبت، قام مؤيدون للتيار الوطني الحرّ بالتظاهر في بلدة القاع في شرق لبنان، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية الرسمية.

ونفّذ مؤيدون للتيار أيضا تجمعا أمام قصر العدل في الجديدة وهي ضاحية من ضواحي بيروت الشمالية، معربين عن الرفض المطلق لقطع الطرقات، كما دافعوا عن موقف رئيس الجمهورية وعن جبران باسيل.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد دعا المتظاهرين المناهضين للسلطة السياسية في خطابه، الخميس، إلى اختيار ممثلين عنهم ليلتقي معهم في “حوار بناء”. لكن خطابه لم يلق آذانا صاغية في الشارع. وأشاد نصرالله، الجمعة، بدعوة عون.

العرب