
سابين عويس – النهار
عشية انطلاق اعمال مؤتمر البحرين في 25 حزيران الجاري و26 منه، كشف مستشار الرئيس الاميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير عن الحوافز والعطاءات المالية التي تعتزم الولايات المتحدة تقديمها ضمن الخطة الاقتصادية لادارة ترامب للسلام في الشرق الاوسط، وبلغت قيمتها 50 مليار دولار تعتقد ادارة ترامب انها كفيلة بوضع قطار الصفقة على سكة التنفيذ.
تتوزع الخطة بين نسبة 50 في المئة لتنفيذ مشاريع للأراضي الفلسطينية المتعثرة اقتصاديا وماليا يتم انفاقها ضمن برنامج يمتد لعشر سنوات، ومصر ولبنان والاردن للرصيد المتبقي. وفي انتظار ما سيكشفه كوشنير عن توزع الرصيد المتبقي على الدول الثلاث، تردد ان حصة لبنان ستكون بقيمة 6 مليارات دولار تمول تنفيذ خمسة مشاريع اساسية، من دون الاعلان عن ماهية تلك المشاريعK وهل هي منفصلة عن مشاريع البنى التحتية الوارد في برنامج الحكومة الاستثماري الى مؤتمر “سيدر” الدولي المنعقد في باريس في نيسان 2018، او الكلام عن تنفيذ مشاريع يأتي ليغطي موضوع تمويل توطين الفلسطينيين في لبنان.
بقطع النظر عن الهدف من هذا التمويل والموقف اللبناني السياسي منه، فإن هذا الموضوع اثار خشية في اوساط اقتصادية مراقبة، مبدية تخوفها من ان يهدد الامر تنفيذ تعهدات الدول المانحة حيال لبنان والتي تفوق بالضعف ما هو مرصود للبنان من صفقة القرن.
وسبب هذه الخشية يعود الى الخوف من ان تعمد الادارة الاميركية الى استعمال هذه الورقة للضغط على لبنان للسير بالصفقة، من خلال الضغط على الدول والمؤسسات المانحة للتريث في تنفيذ التزاماتها. وما يعزز هذا الانطباع لدى الاوساط عينها ان لبنان لا يزال يسير بسرعة السلحفاة نحو تنفيذ الجانب المتصل به على صعيد التزاماته الاصلاحية. فمشروع الموازنة لا يزال يخضع للدرس والتمحيص في لجنة المال والموازنة، وليس في الافق ما يشي بأنه سيكون جاهزا لعرضه امام الهيئة العامة قبل منتصف الشهر المقبل، موعد انتهاء سريان التمديد لقانون الانفاق على القاعدة الاثني عشرية.
في أي حال، تستبعد مصادر مالية الربط بين امواب مؤتمر “سيدر” وما تطرحه الادارة الاميركية ضمن صفقة القرن، مشيرة الى ان موقف لبنان واضح في شأن رفض اي تمويل مقرون بعملية توطين او تنازل عن حق فلسطين. لكنها لم تستبعد نجاح اي ضغط اميركي محتمل على دول الغرب، في ظل استمرار تخلف لبنان عن الوفاء بالتزاماته.
وفي حين تتزايد الضغوط الخارجية على لبنان لتسريع خطواته الاصلاحية، بدأت بعثة من صندوق النقد الدولي زيارة الى لبنان، في اطار مهمتها تقييم الوضع الاقتصادي على ما كشف وزير المال علي حسن خليل لوكالة “رويترز”. واكد خليل عقب لقائه البعثة ان “الأهم في الأيام المقبلة هو أن نعطي رسالة واضحة على الجدية في إقرار موازنة 2019”. واشار الى ان “بعثة صندوق النقد وصلت إلى لبنان لإعداد تقرير حول الوضع النقدي والمالي في البلاد ومن المفترض إنجاز التقرير قبل منتصف تموز، وهو محطة أساسية تؤثر كثيرا على تقدير الوضع واستقراره وتصنيف لبنان”. واضاف ان “جميع المؤسسات الدولية رحبت بإجراءات موازنة 2019”.
ولكن ما لم يقله خليل، يقوله ممثلو الدول والمؤسسات المعنية خلال لقاءاتهم المسؤولين اللبنانيين ومفاده ان على لبنان استعجال اجراءاته الاصلاحية بعدما اصبح الوقت داهما، والوضع الاقتصادي والمالي لا يحتمل المزيد من التأخير.
ولا يخفي هؤلاء قلقهم من التطورات المتسارعة في المنطقة، والتي وإن لم تؤد الى اندلاع حرب، الا انها ستترك انعكاسات خطيرة على الاستقرار الداخلي خصوصا بعدما قررت الرئيس الاميركي الاستعاضة عن الرد العسكري على اسقاط ايران لطائرة الاستطلاع الاميركية، بتشديد العقوبات والتضييق اكثر على النظام الايراني، وهذا التضييق سيتوسع حتما ليشمل الاذرع العسكرية لطهران في المنطقة وفي مقدمها “حزب الله” والبيئة الحاضنة له. وهذا يعني مزيدا من العقوبات الاقتصادية على الحزب تحت مظلة قانون حظر تمويل “حزب الله”.