”لقاء المتضررين” يمهد لمشكلة متفجرة؟

روزانا بومنصف – النهار

ادى تسليم النظام السوري عنصرين امنيين لبنانيين كان احتجزهما في الجرود الى النائب طلال ارسلان بدلا من تسليمهم الى اي جهة امنية على تواصل معه كالامن العام او سواه الى تعزيز صدقية ما يقوله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ازاء التضييق الذي يمارسه النظام على نحو غير مباشر عليه وما يثيره من انقسام لدى الدروز. وينال ذلك من هيبة رئاسة الجمهورية في الوقت نفسه على خلفية ان تعزيز النظام موقع ارسلان ساهم في تصليب موقفه من موضوع المتهم امين السوقي فيما تجاوب جنبلاط مع مبادرة الرئيس ميشال عون لجهة اسقاط الحق الشخصي عن المتهم على ان يسلم الاسقاط الى القضاء المختص فور تسليم السوقي. وجرت اتصالات مع المسؤولين الامنيين لدى النظام بواسطة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لتخلص المسألة الى مسعى شكلي يقضي بنقل السوقي الى المستشفى ليومين على ان يتم اطلاقه بعد ذلك ما يهدد باحتمال نشوء او افتعال حوادث في الجبل يسعى جنبلاط بقوة الى عدم الافساح في المجال امام حصولها. وان تحصل هذه التطورات في عهد الرئيس عون علما ان ارسلان يشكل جزءا من تكتل “لبنان القوي” وما يعنيه هذا التصرف من نقض لمفهوم بناء الدولة والمؤسسات التي يرفع شعارها هذا التكتل امر يكتسب اكثر من معنى. وينسحب الامر على موضوع معمل عين دارة لال فتوش على رغم ما يثيره من علامات استفهام تتصل بما يتخوف منه البعض من ربط للمعمل بنفوذ “حزب الله” بحيث يشكل ذلك محطة خطورة اضافية لا يراها البعض على هذا النحو في ظل الضجيج المبالغ فيه في موضوع الموازنة على رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد بل يتعامل معها على انها مشكلة تخص الحزب الاشتراكي وحده في حين ان الدلالات خطيرة بالنسبة الى رئاسة الرئيس عون. لكن الواقع الخلافي القوي يتفاعل ليس على خط الحزب الاشتراكي وحده فحسب بل على خط حزب “القوات اللبنانية” ايضا واحزاب وتيارات وشخصيات سياسية مستقلة لا يخفي جميعهم ان البلد ليس على ما يرام ابدا ولا يمكن ان يدار كما يدار راهنا فيما توجه المآخذ الاساسية الى رئيس الحكومة سعد الحريري بحيث يعتقد ان تحالفه مع رئيس التيار العوني جبران باسيل يفتح المجال امام الاخير لتسلط تحت عنوان مستمر هو استعادة الحقوق المسيحية كما يقول علما ان الامر غدا معكوسا بالنسبة الى شخصيات سنية ترى ان المسألة ينبغي ان تحصل بالمقلوب. علما ان اكثر ما يثير الاستغراب والاستهجان هو اغراق اللبنانيين في ترف معارك سياسية لغايات انتخابية او سلطوية فيما البلد في سقوط حر على الصعيدين الاقتصادي والمالي والاجتماعي حيث تستغرق الموازنة اكثر من ثلاثة اشهر بحثا وتمحيصا ومزايدات لا تقدم ولا تؤخر في تخفيف الانزلاق المخيف الى الهاوية وفيما ان المنطقة ككل تغلي والقلق يكبر من ان يكون لبنان في عين العاصفة كما كان دوما فيما لا يولى هذا الامر اي اهمية تذكر.




يلتقي كل من الحزب الاشتراكي و”القوات اللبنانية” و”تيار المردة”، والبعض يقول ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري، على ابداء عتب عميق على الرئيس الحريري نتيجة عدم صده التجاوزات التي يحصل اجماع سياسي على اعتبار ان رئيس التيار العوني يرتكبها باستمرار. وينطلق ذلك من واقع اليأس من امكان اعادة الربط بين كل منهم والرئيس الحريري في الواقع الراهن على الاقل علما ان لا شيء صعبا او مستحيلا في العمل السياسي على خلفية الاقتناع بانه قد يكون صعبا في المقابل ما يعتبره البعض “استعادة” الرئيس الحريري من التحالف القائم بينه وبين التيار العوني الى موقعه السابق التحالفي مع حلفاء الامس او اكثر اقترابا منهم بغض النظر عن اقتناعاته الضمنية او العميقة في واقع الامر او ربما اكثر ترجيحا لـ”التوازن” السياسي مما يدفع اليه رئيس التيار العوني في الاتجاه الاخر. لكن من المستبعد في الوقت نفسه التقاء الافرقاء المتضررين من الواقع القائم اقله راهنا وذلك على وقع اختلاف المقاربات بين “تسوية” لا يراها الحزب الاشتراكي انها كانت كذلك بل يراها اتفاق مصالح فيما حزب “القوات” مثلا ليس متضررا من التسوية التي كان احد ابرز اطرافها خصوصا انه قد يجد في رئاسة العماد عون ما اعاد التوازن الى الحصة المسيحية في الدولة لكنه حتما متضرر من محاولات “الغاء” سياسية ينتهجها رئيس التيار العوني من خلال السعي الى حصر كل الحصص المسيحية في الدولة به في سعيه الى تعزيز موقعه كمرشح “قوي” للرئاسة الاولى ويرغب في ان يضع حدا لذلك عبر الرئيس الحريري وحتى عبر الرئيس عون على غرار التوجه الاشتراكي نحو الاخير ايضا. وهذا قد يجعل صعبا الالتقاء او التناغم مع الاعتراض السني الذي تم التعبير عنه في محطات عدة كان اخرها اثر الكلام عن استعادة ” المارونية السياسية ” من “السنية السياسية” على رغم ان اداء باسيل يشكل نقطة التقاء قوية لن تلبث في ظل تصاعد الاعتراض ان تقوى اكثر خصوصا مع عرقلة التعيينات على كل المستويات والتحكم بالقرار في امور داخلية طائفية يسجل فيها مكاسب ضد مواقع سياسية لا يرى حليفه الشيعي ضررا في حصولها، وكذلك الامر بالنسبة الى ترك النظام السوري ياخذ دورا في الواقع السياسي الداخلي. لكن حجم الاعتراض يكبر على نحو خطير ما قد يكون مشكلة متفجرة لان لقاء المتضررين يمكن ان يكبر مع تلاقي مصالحهم في التوقيت المناسب.