
مريم مشتاوي – القدس العربي
لم يكن وسام صباغ موفقاً أبداً باستضافته للإعلامي سالم زهران في برنامجه الترفيهي الجديد «تاكسي أبو شفيق» الذي يعرض خلال شهر رمضان على قناة « أو تي في» اللبنانية.
برنامج تدور فكرته حول التجول في الشوارع اللبنانية بسيارة تاكسي تتوقف ليصعد فيها ركاب من المواطنين بهدف ربح جوائز بعد الإجابة على أسئلة مختلفة في جو من المفروض أن يكون مرحاً وبحضور أحد الضيوف المشاهير.
لكن الحلقة، التي كان ضيفها سالم زهران لم تكن مرحة إطلاقاً بل سادها جو من الخوف والتوتر.
وهكذا يترك العامل الأجنبي بلده ليعمل في بلد آخر بهدف الحصول على لقمة عيش فيطارد بالسخرية والاستهزاء أو بالتعليقات المستفزة أو بالتخويف… والتهمة رغيف خبز!
كان الراكب سيئ الحظ عاملاً سودانياً، رحّب به وسام صباغ فور دخوله السيارة ليفاجئه زهران بسؤال هبط كصاعقة غير متوقعة:
-معك إقامة؟
حاول وسام صباغ التغاضي عن سؤال ضيفه، قائلاً للراكب السوداني:
-هيدا برنامج لرمضان بسألك أسئلة وبتربح جوائز. بدنا نربحك.
أجاب العامل: لا ما بدي.
طبعاً ما بدو… فهو لا يريد جائزة. يريد الستر فقط!
ولكن زهران لم يكتف بتخويف العامل، وأكمل تحقيقه مصراً على سؤاله البوليسي المحدد:
-لازم نشوف إقامته يا أبو شفيق… وينها؟
حاول مرة أخرى وسام صباغ تهدئة الجو:
-ما ترعبه يا أستاذ سالم!
ولكن الراكب ارتعب فعلاً وهبط من سيارة التاكسي بسرعة.
لم يربح جائزة البرنامج في الشهر الفضيل، كما كان يتمنى. لم يجن سوى استهزاء زهران، الذي أطلق العنان لضحكاته الحادة محاولاً التخفيف من ظله الثقيل:
-إذا بروح عالمرتون بيربح!
أي انتصار هذا، الذي حققته يا سيد زهران بسخريتك التي لذعت عاملاً مسكيناً ترك بلاده بفعل الفقر، وتغرب ليعمل في بلد آخر، عله يحظى بفرصة جديدة أو بأمل مؤجل يمنحه حياة أفضل؟
ومن نصبك محققاً تستجوب الفقراء والمساكين؟
ألا تكفيهم خناجر الحياة، التي تطعنهم يومياً في خواصرهم؟
ذكرتني هذه الحادثة برواية البؤساء لفيكتور هيغو، وببطلها جان فالجان، الذي قضى في سجن طولون تسع عشرة سنة بتهمة سرقة رغيف خبز لإطعام أخته وأطفالها، الذين كانوا يموتون من الجوع. فكان ثمن الرغيف سنين طويلة من السجن، ثم من التشرد.
لقد سبق لزهران أن اعتدى على زميله الإعلامي أسعد بشارة، على الهواء مباشرة، في برنامج «حديث الساعة» على قناة «المنار»، رامياً إياه بكوبين من المياه.
إن الاعتداء يأخذ أشكالاً مختلفة، منها جسدية وأخرى لفظية، ولكن الأخيرة أشد إيلاماً على النفس. ومن أبرز مظاهرها ما أشرنا إليه سابقاً، وهي السخرية والاستهزاء والتخويف، الذي يلاحق وبصورة كبيرة العمال الأجانب للأسف!