قراءة في الموازنة… ليتهـا لم تزنِ ولم تتقشـف

الدكتور غازي وزني – النهار

انتظر المواطنون موازنة إنقاذية تلبي طموحاتهم، فجاءت أقل من التوقعات، هدفها الوحيد خفض العجز، متواضعة في إصلاحاتها، محدودة في تقشفها، من دون رؤية اقتصادية واجتماعية، وقد دخلت المزايدات السياسية. في المقابل تتضمن الموازنة خفضاً في العجز من 11.54% الى 8.73% من الناتج المحلي، أي من 9816 مليار ليرة الى 7852 مليار ليرة ما يعادل 1964 مليار ليرة، وتخلو من الاجراءات الضريبية المؤلمة، وتظهر على الشكل الآتي: النفقــات العامــة: تقدّر بـ26117 مليار ليرة (23617 مليار ليرة الانفاق العام في الموازنة و2500 مليار ليرة سلفتا خزينة للكهرباء) وتتوزع كالآتي:




1- الرواتب والاجور ومعاشات التقاعد: تقدّر بـ8532 مليار ليرة وتشكل 32.7% من الانفاق العام حيث تُعتبر الاجراءات الاصلاحية متواضعة وغير كافية:

– الرواتب والاجور: تقدّر بـ5253 مليار ليرة وتتضمن الاصلاحات الآتية: وقف التوظيف لمدة 3 سنوات، حسم 50% من مخصصات السلطات…

على الحكومة تجميد الرواتب والاجور لمدة ثلاث سنوات، ما يحقق وفراً سنوياً يقارب 200 مليار ليرة، وخفض التعويضات من أعمال اضافية ومكافآت وعلاوات (148 مليار ليرة) واعادة النظر في التوظيفات العشوائية لأكثر من 10 آلاف شخص، وفي معاشات ومخصصات النواب والرؤساء السابقين.

– معاشات التقاعد ونهاية الخدمة: تقدّر بـ2808 مليارات ليرة وارتفعت خلال فترة 2010 – 2018 من 1400 مليار ليرة الى 3345 مليار ليرة، وتتضمن الاصلاحات الآتية: تجميد الاحالة على التقاعد ثلاث سنوات…

على الحكومة اعادة النظر في نظام التقاعد، لا سيما في التدابير الاستثنائية في السلك العسكري والتطويع بعيدا من المزايدات السياسية.

2- خدمة الدين: تقدّر بـ8312 مليار ليرة وتشكل 31.8% من الانفاق مقابل 8214 مليار ليرة في العام 2018. يوجد عدم وضوح في زيادة خدمة الدين فقط 98 مليار ليرة في موازنة 2019 بينما يفترض ان تزداد اكثر من 900 مليار ليرة نتيجة ارتفاع الدين العام 6.5 مليارات دولار في العام 2018 واستبدال استحقاقات سندات خزينة بالليرة والدولار بقيمة 10.4 مليارات دولار في العام 2019.

نتوقع أن يصل الدين العام الى 90.3 مليار دولار في العام 2019 ونسبته 151% من الناتج المحلي. تستطيع الحكومة في إطار ضبط تنامي خدمة الدين اتخاذ اجراءات لتحسين ادارة الدين والتفاوض مع المصارف للاكتتاب بسندات خزينة بالليرة بفائدة صفر.

3- الكهرباء (لا إصلاحات): تُقدّر بـ2500 مليار ليرة (1706 مليارات ليرة سلفة خزينة في الموازنة و794 مليار ليرة سلفة خزينة أقرت في مجلس النواب) وتُشكل 9.57% من الانفاق العام.

يعتبر عدم ادراج الكهرباء في الموازنة مخالفة قانونية ودستورية لمبدأ شمولية الايرادات والانفاق (المادة 83 من الدستور) ولمبدأ وحدة الموازنة. كما على الحكومة وضع سقف للدعم لا يتجاوز 2100 مليار ليرة.

4- التقشف في الانفاق: لا يتجاوز 300 مليار ليرة اذ جاء متواضعا في الخدمات والمواد الاستهلاكية: المحروقات، الاتصالات، الايجارات، الاعلانات، وضعيفا في مساهمات الجمعيات الخيرية ولكنه كبير في عطاءات الى جهات خاصة، واحتياط العطاءات، والنفقات الطارئة والتجهيزات الفنية والنفقات السرية، ودعم الفوائد. في المقابل ازداد الانفاق في التقديمات المدرسية، والمؤسسات والمنظمات الدولية، والمخصصات الاجتماعية، ورواتب المتعاقدين…

الايـرادات الضريبيــة: تقدّر بـ14264 مليار ليرة وتشكل 15.8% من الناتج المحلي مقابل 13100 مليار ليرة محصّلة في العام 2018، أي بزيادة 1164 مليار ليرة نتيجة:

– رفع الضريبة على فوائد الودائع من 7% الى 10%: 770 مليار ليرة.

على الحكومة اتخاذ الاجراءات الآتية:

– إدراج الضريبة الموحدة على المداخيل: 400 مليار ليرة.

– إصدار المراسيم التطبيقية للاملاك العمومية البحرية حيث تقدّر الايرادات بـ 100 مليار ليرة فقط.

– تحسين التحصيل في ايرادات الاتصالات التي تراجعت 500 مليار ليرة ورسم التبغ والتنباك 300 مليار ليرة والرسوم الجمركية على الاستيراد 100 مليار ليرة.

– إدراج رسوم نوعية على الاستيراد لحماية الانتاج الوطني وتحسين ميزانَي المدفوعات والتجاري.

النمــو الاقتصادي: لا اجراءات لتحفيز النمو، فضلاً عن ان أرقامه طموحة ومشكوك فيها في تحقيق نمو 1.2% وناتج محلي 89935 مليار ليرة. موازنة 2019 تحت الرقابة، وهي مفصلية للانقاذ ولدعم المجتمع الدولي. وعلى الحكومة التزام تنفيذ الاصلاحات والتقشف بعيداً من المزايدات لتجنب المخاطر المقبلة.