عبّر الوزير جبران باسيل عن حجم الأسى الذي بدأ العهد يستشعر به من حلفائه قبل غيرهم، فاعتبر انه “اذا لم نستطع إنجاز قانون انتخابي جديد فهذا يعني اننا عاجزون عن العيش مع بعضنا”. وهذه الاستحالة تنم عن تباعد كبير في وجهات النظر بين من يسعى الى تغيير في النظام نحو الافضل، وهو رئيس الجمهورية وفق ما يحلم، او يأمل، وليس وفق الواقع المعاش، وبين من يطلب المؤتمر التأسيسي لا لتطوير النظام بل لوضع يده على مقدرات الدولة، او افراغ النظام القائم ليصبح اجوف اكثر مما هو، ولتصبح صيغة العام 1943 مصدر الاغنيات والذكريات، لا صيغة حكم وطريقة عيش. وهذا ما يشعر به المسيحيون اجمالاً في كل الصيغ الانتخابية المطروحة التي ترفض اعادة مقاعدهم اليهم بعدما اودعتها سلطة الوصاية السورية لدى الذين خضعوا لسلطتها، والذين لا يزالون على ولائهم لها.
والحقيقة ان تطوير النظام لا يكون بنسبية على امتداد الوطن، اي ببوسطة كبيرة تحكم فيها الاكثرية العددية، والمنظمة على وجه التحديد، فيما يستمر النظام على تخلّفه في قضايا اخرى، تجرأ الوزير باسيل على طرحها، ومنها رفض كثيرين علمنة الدولة، واعتماد القانون الموحّد للاحوال المدنية، وقانون الزواج المدني، وعدم تدخل رجال الدين في السياسة. عندئذ يمكن الحديث عن الغاء الطائفية السياسية، وتطوير النظام. وفي ما عدا ذلك، يصبح الحديث نوعا من الكذب والدجل لسيطرة الاقوى على الاضعف. وقد قالها باسيل بالفم الملآن “الحقيقة البشعة هي اننا في نظام طائفي، لذلك علينا وضع قانون انتخاب اما على قياس هذا الواقع كالقانون الارثوذكسي الذي يتمثل فيه الجميع بشكل نسبي لأنه قانون نسبي وتتمثل به الطوائف خير تمثيل، او الذهاب الى النظام العلماني والمواطنة وعندها نتحدث عن دوائر كبيرة ونسبية بشكلها المطلق والوطني، وهذا ايضاً له شروطه فلا نستطيع الحديث عن نظام علماني وفي الوقت عينه لا تقبل مرجعياتنا الدينية (الاسلامية والمسيحية) والسياسية بقانون للأحوال الشخصية مختلف او السماح بالزواج المدني ليس الاختياري فقط بل الإلزامي او القيام بقانون إرث موحّد. على من نضحك عندما نرفض إجراء هذه التغييرات الاساسية، ونطالب في الوقت عينه بقوانين تلغي الحواجز الطائفية. علينا أن نعمل لنقل بلدنا من الطائفية الى المواطنية وعلينا ان نخرج الناس من غرائزهم لنترافق معاً، وعلى القيادات ألا تلحق الناس بغرائزها، بل بهذا المشروع النموذجي”.
قانون الانتخاب العصري لا يولد من عدم، ولا ينبثق من تخلف عام، بل يكون نتيجة طبيعية للتطوير الكلي في النظام اللبناني والذي نص عليه اتفاق الطائف الذي لم ينفذ بدفع سوري وتواطؤ لبناني، وقد حان الوقت لذلك قبل التفكير في خيارات بديلة، او تكون “استحالة العيش معاً”