هل يمكن الاعتماد على تركيا كحليف لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”بعد الذي حصل ويحصل فيها من اعتقالات وإقالات لعشرات الاف الضباط والموظفين من كبار الرتب على اثر الانقلاب الذي حدث فيها على الرئيس اردوغان والذي لم يقدم فيه للقضاء التركي اية ادلة جدية على الاتهامات التي سيقت ضد شريك اردوغان السابق الداعية فتح الله غولن المقيم في بلاد العام السام؟الجهات المختصة في الولايات المتحدة الاميركية قالت عندما اراد الاتراك الضغط عليها لتسليم غولن”حتى الان كل ما قُدم هو اتهامات كلامية وليس هناك من شيء موثق ارسله الاتراك بحق غولن”مما يؤكد على فرضية ان الانقلاب هو من صنع اردوغان نفسه وربما يكون قد ورط به ضباطا دون ان يعرفوا حقيقة نواياه.وهذا ما توحي به موجة الاعتقالات الضخمة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ تركيا التي شهدت إنقلابات عسكرية في السابق كانت,كما هو معروف عن هذا الجيش وهذه المؤسسة,غاية في الدقة والتنظيم ولم يفشل في اية محاولة سابقة .طبعا العالم الغربي “تقززمن مشاهد كسر رقاب الجنود”كما قالت فرنسا في حينه والمانيا إنتقدت بشدة في سابقة تاريخية ,الاجتثات العنيف للضباط واساتذة الجامعات والمحافظين ولم يسمح لاحد بان يدافع عن نفسه بطريقة ديموقراطية وقانونية طالما تغنى بهما الحكم القائم للترويج لنفسه في عواصم الغرب على ان النمط الذي يعتمده هو البديل في الدول العربية والاسلامية منتقدا النظام المصري “على عنفه مع الاخوان المسلمين”واسرائيل”على قمعها وحصارها لغزة”ومنددا بصورة دائمة ومستمرة بموسكو وايران لدعمهما اللامتناهي لنظام بشار الاسد؟
فهل كان اردوغان يريد الوصول الى تحولات معينة في سياسته ويعيد رسم تحالفاته في المنطقة نتيجة حسابات خاصة به ,لكن أهمها والواضح منها التخلص من كل أعدائه دفعة واحدة إذا كا قادرا على ذلك؟
وهل الانقلاب على الانقلاب يتطلب كل هذه الامور ام ان ما يريده هو التحول الذي يطمح اليه في تحويل النظام البرلماني الى نظام رئاسي على غرار النظام القائم في اميركا؟
الكل يعرف ان الجيش كان على الدوام هو الحارس القوي لهيكل النظام العلماني الذي ارساه كمال اتاتورك عندما قام بتحولاته الشهيرة والتي كانت الاساس في نهضة وتقدم هذا البلد.وبما ان هؤلاء “الحراس”لا يمكن ان يقبلوا في نظر اردوغان ,بالمس في الدستور الذي يحفظ العلمانية التي تناقض مشروع حزب العدالة والتنمية وطموحات اردوغان الشخصية الذي بدأ بتقليم أظافر العسكر وجعل المخابرات مدينة وموالية له شخصيا وفصلها عن المؤسسة العسكرية ووضع هاجان زيدان المطواع في يده(الرئيس) على راسها وربما يكون ذلك ,براي بعض المراقبين,خطة عمل بعيدة المدى إعتمدها الرئيس التركي منذ ان وصل الى الحكم كرئيس للوزراء فبل ان يتبادل الادوار مع وزير خارجيته السابق ليصبح رئيس الجمهورية وقد اتبع ذلك بحملة شرسة على القضاء الذي كان يُعتد به كمرجعية لها استقلالها التام وبعيدة عن كل الضغوط ليحولها الى جهاز يستطيع التحكم به بعد احداث ساحة تقسيم في اسطنبول عام 2013 مع معارضيه الذين على رغم عمليات القمع والسجن والاعتقال برأ القضاء ساحتهم من كل التهم التي وُجهت اليهم في حينه.فما يجري حاليا هو الامساك,حسب راي العديد من المحللين,بالسلطة بشكل مطلق على طريقة شعبوية لعبت المخابرات دورا كبيرا فيها وقد ظهر ذلك جليا في المظاهرات التي جُيشت بعد الانقلاب لخدمة شخصانيته بحيث بانت ولاول مرة في التاريخ الحديث مجموعات مشابهة للباسيدج الايراني او عصائب اهل الحق في العراق وحزب الله في لبنان,تلف رؤوسها باشرطة مذيلة بعبارات التاييد والفداء لاردوغان.
هذا الامر لا يمكن ان يتم في اسطنبول ,المدينة السياحية الضخمة,بطريقة عفوية وبدون تنظيم من جهات مخابراتية.فهل يعني ذلك بان اردوغان أصبح من القوة بمكان بحيث لا يستطيع احد ان يدق في نزعته السلطوية واستبداديته القائمة على إرهاصاته الشخصية؟خلافا للراي السائد حاليا في البطانة المقربة من اردوغان,فهو ليس قويا بما فيه الكفاية كما قال محلل تركي يعمل صحفيا في المانيا,وهو اضعف مما سبق بدليل الامور التالية التي حصلت في اعقاب الانقلاب: 1-:دعوته الناس الى البقاء في الشوارع والساحات العامة.2- الطلب من المساجد والائمة التحول الى دور التعبئة بدل الدور الديني .3- الخوف من حصول محاولة إنقلاب أخرى وهو امر مستبعد لكن الهدف من ذلك رفع الالتحام الشعبي بمشروعه .
طبعا هو يدرك خطورة ضرب صورة وهيبة تركيا بضرب العسكر,سواء في منظمة الحلف الاطلسي او في المنطقة الجغرافية المحيطة ببلاده .لكن السؤال الاهم الذي يطرح في الاروقة والكواليس,هل يقبل الاتراك بضرب هذه الهيبة.وبالتالي تحويل بلادهم الى مايشبه بلاد جارة لهم من أذربيجان الى سوريا والعراق بكل ابعاد هذه الكلمة؟وماذا عن الاوروبيين والاميركيين الشركاء في الحلف الاطلسي؟وهل التغير الذي يسعى اليه اردوغان قادر على حمايته وحماية تركيا في المستقبل من مشاكل داخلية وخارجية؟اقلها المشكلة الكردية التي تؤرق راسه منذ ان عاد الى انتهاج سياسة العنف لحلها؟وهو يعرف بانها لا تحل بهذه الطريقة على الاطلاق.؟فهل ان رياح المرحلة التدميرية هي التي تهب على بلاد أحفاد بني عثمان؟أم ان اندفاعة اردوغان في اتجاه اسرائيل وموسكو(التي كسرت عنفوانه)وايران هي المنقذه له ؟ويتخلى عن كل حلفائه السابقين من اجل القبضة الحديدية التي يستعملها لتطويع الجميع؟خصوصا الحليف الاميركي الذي يؤيد دون تردد الاكراد علنا على الاقل في سوريا وسرا في تركيا؟