لم يشهد لبنان ثورة ذات طابع سياسي بامتياز كالتي خرجت من نبض صناديق الاقتراع والتي تنطق بلسان حال المعوزين من اهل الفيحاء المنسيين الا في موسم موائد الرحمن ، حيث يغدق اهل السلطة عليهم من الطيبات ،وكما يقال في الامثال : اطعم الفم تستحي العين . اهل الفيحاء الصامدة لايستجدون الاحسان والعطف من الزعماء ولايحتاجون الى بضعة اطباق تزين موائد رمضان، ولا طبقا من السمك بل يريدون عصا وصنارة للصيد . طرابلس لاتحتاج الى مؤسسات خيرية تمن عليها برطل طحين او حفنة من السكر كلما طرق بابها مسؤول او زعيم طلبا للشهرة والمبايعة اوحن لمقعد نيابي او وزاري، بل تحتاج طرابلس الى مصانع ومؤسسات لكسر البطالة المتفشية بين الشباب الهارب من جحيم الفقر في قوراب الموت طلبا للرزق ولو في الصين .
اخيرا انتصرت كلمة الفقراء امام هوامير المال والسلطة وسحقت القوى الصنمية والاستغلالية، وسقطعت اقنعة الزيف والمواربة .منذ العام 1943 اي عهد الاستقلال حتى يومنا الحاضر عرف لبنان حروب وثورات شعبية ومدنية كما عرفت بيروت انتفاضات عفوية تنادي بسقوط سماسرة الوطن وسحبهم من المشهد السياسي والوراثي، وسرعان ما اشارت اليها اصابع الاتهام بالعمالة للخارج والتمويل غير المشروع. ماهو المشروع في عرف الزعماء واصحاب المعالي ؟ ،هل سرقة مال العام مشروع ؟، هل السمسرة مشروعة ؟، هل المحاصصة مشروعة هي الاخرى ياترى؟، هل شواطئ بيروت وسواها مستباحة للسمسرة والنهب واعمال “البلطجة”؟، وفضيحة الانترنيت وغيرها وغيرها.
التغيير قادم لامحالة وكلمة الشعب هي الصدى الذي يؤرق نوم الزعماء وموسم الحصاد قادم مع صناديق الانتخابات النيابية، حينها يخرج المستور. كل هذا الفساد المستشري بين اركان السلطة ولا احد يحرك ساكنا كاحجار الشطرنج لاتتحرك الا بامر سيدها. عرف لبنان ظاهرة الزعامة والقيادة الاقطاعية منذ نشأته ووجوده على خارطة الدول ،حيث كان الاقطاع سائدا للحفاظ على خصوصية السيد وثروته، وادت هذه الظاهرة الى نشؤ الطائفية السياسية الى خلق حالة من التقوقع والتعصب للذات،تهادن بعضها وتحارب من يحاول الاقتراب للنيل منها. ا
ليوم الوضع مختلف، ومع قادم الايام سوف نشهد تغيرا جذريا على صعيد الزعامات المحلية . حروب الجوار والارهاب احتلا حيزا كبيرا من الاهتمام المحلي والاقليمي ولم يعد بالامكان لاصحاب القرار السيطرة على مآلت اليه الامورحاليا.
انه “تسونامي” التغيير وصل عاصمة الشمال فهل يغرق بقية المدن “ويريحنا” من الزعامات التقليدية . نتمنى وننتظر فقط.