“العربية” تعترف بزلّة وتخفي زلات في تغطيتها لمحاولة الانقلاب التركي.. ولا تعتذر

جهدت قناة “العربية” في الحلقة الأخيرة من برنامجها “نهاية الأسبوع″ للدفاع، في فقرة خاصة مطوّلة، عمّا ارتكبتْه من أداء منحاز وغير مهني في تغطيتها للانقلاب التركي الفاشل. إذ بدا منذ اللحظة الأولى للتغطية وكأن القناة أعلنت انتصار الانقلابيين، ولم يكن ينقص إلا أن تطلق على تلك المحاولة اسم “الربيع التركي”.

لكن القناة، بعد فضيحة الانحياز تلك، وطبعاً بعد فشل الانقلاب، وسخرية جمهور التلفزيون من خيبة القناة وفشلها الذريع، إلى حدّ أن وسائل التواصل الاجتماعي وضعت هاشتاجات عديدة تتهكم من القناة، بعضها يصعب ذكره هنا، وكان من أبرزها هاشتاغ يطالب العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بإغلاق القناة (#أغلقها_يا_ملك_سلمان) باعتبارها محسوبة على المملكة.




يبدو أن حلقة “نهاية الأسبوع″ جاءت لترمّم صورة “العربية”، فاستدعت مذيعتها نيكول تنوري، التي كانت تأسّفتْ على فشل المحاولة الانقلابية في تلك الليلة. لكن بدلاً من الاعتذار راحت المذيعة تبرر وتسوّغ، حيث قالت إنها كانت مجرد زلة لسان سببها “سرعة التغطية، تدفق المعلومات”، لتؤكد “كانت هفوة، وأي إنسان يمكن أن يقول ما لا يقصد”.

الغريب أن الاعتراف بالهفوة لم يدفع القناة إلى التواضع والاعتراف والاعتذار بل إلى مزيد من المكابرة والهجوم على منتقدي أدائها، كما لو أن الاعتراف بالخطأ “الزلة” يأتي غطاءً لليلة بحالها من الأخطاء والزلّات.

معدّ الفقرة، المذيع أحمد حسني، يوجّه سهامه لمقال صدر في الزميلة “العربي الجديد” يحمل العنوان “سكاي نيوز والعربية دعمتا المحاولة الانقلابية بتركيا”. ويتهكّم، بلكنة مصرية، سيسيّة على الأرجح: “لِحق الموقع يحلّل ويفسر ويفتي مين مع الانقلاب ومين ضد الانقلاب!”. لكن لا يخطر لحسني أن تلك الليلة وسعت لمحاولة انقلاب بهذا الحجم، كما وسعت لفشلها، فكيف لا تتسع لمن يلاحظ أن “العربية” انحازت، وحادت قبل كل شيء عن مهنيّتها.

لا تقف “العربية” هنا، فمذيعها يستمر في النيل من كل من تجرّأ ولاحظ “هفوتها”، معتبراً أن المقال المشار إليه أعلاه جاء بمثابة كلمة السر للمغردين المؤدلجين كي يباشروا هجومهم وحملاتهم على “العربية”.

هفوة “العربية”، إن جاز أن نسميها كذلك، لم تكن الأولى، ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة. متابعوها لن ينسوا كيف تسلّل أمين عام “حزب الله” بطلاً في فيلم وثائقي، وذلك في عزّ حرب المملكة على الحزب الإيراني، وفي عزّ معركة المملكة مع إيران ومشاريعها الأخطبوطية في المنطقة. لقد فُسّر الأمر حينذاك على أنه اختراق كبير من أنصار”حزب الله” للقناة، فكيف نفسّر هذا الانحياز وضعف الأداء الذي تسوّغه القناة، عبر البرنامج نفسه، بمبررات من قبيل “جلّ من لا يخطئ”، “الإعلام صنعة معقدة”، و”الكل نقل عن القنوات التركية”.

هل كان ذلك توجهاً سعودياً، أدرك نفسه حين لاحظ فشل الانقلاب فسارع إلى تهنئة أردوغان منتصف تلك الليلة، أم مجرد عجز إعلامي ينبغي له أن يستدرك، فينهض قليلاً بأداء قناة لها هذا القدر من المتابعين.

ثم هل كانت القناة لتعترف بتلك الهفوة لولا أن هوى السياسة راح في مهب آخر!

القدس العربي