التمهيد السياسي: معارك ضد النظام والغياب الروسي – عبد الغني محمد المصري

بدأ المجاهدون هجومهم في ريف حلب الجنوبي، ثم تبعه اعﻻن معركة اليرموك في الساحل السوري. كما جرت قبلها بأيام معارك لتنظيم الدولة طرد من خﻻلها قوات النظام ومليشيا صقور الصحراء حتى حدود اثريا.

معارك الساحل وريف حلب الجنوبي وكذلك حدود الرقة اثبتت وهن وضعف النظام وحلف ايران في المنطقة، مع سهولة هزيمة اجزائه في حال غياب التغطية الجوية الروسية الفاعلة والهادفة.




لكن لماذا يغيب الروس؟

ان زيارة وزير الدفاع الروسي لبشار، ولقائه به منفردا دون وجود اي عسكري سوري، ﻻ يمكن اهمالها لتجميع مفردات الصورة عند محاولة قراءتها وفهمها.

علما انه قد تلا زيارة وزير الدفاع الروسي والمعارك، اعادة تركيا لعﻻقاتها مع روسيا، مع اعتذار تركي عن اسقاط الطائرة الروسية.

كما تزامن ذلك مع تصريحات ايرانية وخطاب زعيم حزب زميرة في لبنان عن تململ محور ايران من المواقف الروسية.

يبدو ان القوى الدولية قد حسمت امرها بوجوب ايجاد حل لكل من سوريا والعراق، حيث ان اثار المعارك قد بدأت تحدث انعكاسات امنية في الساحتين اﻻقليمية والدولية، ناهيك عن تبعات وعبء مشكلة الﻻجئين التي باتت ذات تأثير عالمي كبعد قريب المدى، وهي مشكلة امنية خطيرة جدا كنظرة استراتيجية بعيدة المدى، حيث ان الجوع والقهر والتشرد قد يتشظى الى قنابل عنقودية راقدة.

وﻻيجاد الحل، وكما اشار مراقبون، فﻻ بد من قصقصة اجنحة الميليشيات المساندة لبشار، ﻻنه لها اكثر من مصلحة ذات ابعاد مادية ونفسية في استمرار المعركة ﻻطول مدة ممكنة.

ومن هنا يمكن فهم عدم التغطية الجوية لمليشيا صقور الصحراء خﻻل هجوم تنظيم الدولة المعاكس، مما ادى الى خسارة تلك الميليشيا اكثر من 300 مقاتل، علما انها هي المليشيا التي يفضلها الروس للقتال معها، ﻻنها نجحت في التنسيق المتبادل مع الطيران الروسي خﻻل معركة تدمر، ومع ذلك لم يحمها الروس في الرقة.

إذا، روسيا تريد ان تدرك مليشيات النظام، وكذلك ايران انه ﻻ يمكن عمل حسم عسكري على اﻻرض، بدليل توالي الخسائر والتراجعات عند غياب اي غطاء جوي روسي هادف.

من هنا فقد صرح اكثر من محلل ايراني ان اهداف روسيا في سوريا تختلف عن ايران، وان روسيا تبحث عن مصالحها فقط، دون اخذ دور ايران في الحسبان، ولعل اقوى جملة هي التي قالها احد محللي ايران حينما قال: اننا انطلقنا في تحالفنا مع روسيا من مبدأ “العدو المشترك” بينما الروس ارادوا تحالفهم من خﻻل “المصالح المشتركة”.

الروس مقتنعون بﻻ امكانية الحسم العسكري، ويريدون اضعاف كل قوة مع النظام النظام عدا جيشه وامنه يمكن ان تعارض الحل، وتركيا تدرك تماما جدية التوجه الروسي الجديد الخاصل، لذا فهي تسعى لتكون شاهدا على مجريات الحل، أمﻻ في التأثير فيه تبعا لمصالحها العليا مع دولة تملك اكبر حدود برية معها، وتحوي مشكلة كامنة هي اﻻكراد على جانبي الحدود.